استهداف معملين تابعين لشركة أرامكو في بقيق وهجرة خريص، والذي تقف خلفه بلا شك (إيران) لا يمكن النظر له بعيداً عن إطار الاستهداف السابقة
استهداف معملين تابعين لشركة أرامكو في بقيق وهجرة خريص، والذي تقف خلفه بلا شك (إيران) لا يمكن النظر له بعيداً عن إطار الاستهداف السابقة التي طالت العمليات التخريبية للسفن النفطية في خليج عمان وقبالة المياه الإقليمية الإماراتية، واستهداف خط أنابيب وسط السعودية في محافظة الدوادمي وعفيف. بل من الواضح أن الهدف الرئيسي من هذه العمليات الإرهابية هو ضرب استقرار الأسواق النفطية لخلق ضغط على الولايات المتحدة لتخفيف الحظر النفطي المفروض على إيران.
هذه المتغيرات تفرض على الدول الأوروبية تصحيح مسار سياساتها في طريقة التعاطي مع النظام الإيراني وتفعيل أوراق الضغط، لأن حادثة استهداف شركة أرامكو، تؤكد فشل الاستراتيجية الأوروبية القائمة على سياسة الاسترضاء التي تنتهجها القوى الأوروبية مع النظام الإيراني، وتعتقد أنها من الممكن أن تقود إلى إحداث تغيير في السياسة الإيرانية.
لقد تحركت السعودية مع حادثة استهداف معملين تابعين لشركة أرامكو في بقيق وخريص بشكل سريع للحد من انتشار الحريق وإخماده وعودة الإمدادات النفطية في وقت قصير جداً بخلاف ما كان متوقعاً، وهو ما كان صفعة للإيرانيين، فالرياض قطعت الطريق أمام إيران من أن يؤدي الحادث إلى استمرار زعزعة الأسوق النفطية العالمية لإتاحة الفرصة لها لتحقيق مكاسب وأهداف سياسية ومنها الضغط لتخفيف الحظر النفطي المفروض عليها، وهو ما لم تنجح إيران في تحقيقه، بفضل قدرة السعودية وثقلها الاقتصادي وقدرتها التأثيرية في الأسواق النفطية العالمية التي استطاعت خلال فترة قصيرة أن تحتوي آثار هذه الحادثة الإرهابية وتحافظ على استقرار الاقتصاد العالمي.
لا يمكن النظر لوقوف إيران خلف هذا الاستهداف إلا لأنه تهديد للمصالح النفطية والاقتصاد العالمي، إلا أن ذلك هو نتيجة لسياسة الاسترضاء التي تنتهجها الدول الأوروبية تجاه إيران، والتي نلاحظها في محاولات الأوروبيين لتوفير فرصة لإيران للالتفاف على العقوبات الأمريكية بإطلاق آلية للتبادل التجاري مع إيران والتي ساهمت في أن تجعل لإيران متنفساً للالتفاف على العقوبات المفروضة عليها والتخفيف من وطأتها وبالتالي المضي قدماً في سياساتها الإرهابية، أيضا في ظل العزلة الدولية على النظام الإيراني نجد أن هناك إصرارا من قبل بعض الدول الأوروبية على أن يكون لها حضور في العلاقة مع النظام الإيراني، وهو بالتالي ما أضفى نوعا من الشرعية التي يفتقدها النظام الإيراني.
برغم أن الدول الأوروبية تتفق على ضرورة وجود تغيير في السياسات الإيرانية، وعلى الرغم من أن مؤتمر وارسو بحضور أوروبي، يؤكد ذلك، إلا أن القوى الأوروبية لا تزال تتعامل بالنهج القديم تجاه إيران بسياسة التعامل الدبلوماسي وسياسة الاسترضاء، وبالتالي لم تتخذ القوى الأوروبية موقفا صارما تجاه الابتزازات الإيرانية والخطوات التي اتخذتها إيران بالتخلي عن بعض التزاماتها تجاه الاتفاق النووي، وهو ما جعل الالتزام بالاتفاق النووي يأتي فقط من طرف واحد من قبل الأوروبيين، فالصمت الأوروبي تجاه الابتزازات الإيرانية وفر للنظام الإيراني الفرصة لأن يسعى إلى توظيفه كانتصارات سياسية له، وبالتالي الاستمرار في لغة الابتزازات بالتهديدات المتصاعدة بتخفيض التزاماته فيما يخص الاتفاق النووي.
تتطلب المرحلة أن يكون هناك تغيير أوروبي في طريقة التعاطي مع إيران، فما حدث من استهداف معملين تابعين لشركة أرامكو، هو لا يستهدف المملكة العربية السعودية فقط، بل يستهدف الاقتصاد العالمي بأكمله، ومن بينه الاقتصاد الأوروبي، وبالتالي فإن الأمور ما بعد هذا الاستهداف يجب أن تكون ليس كما كانت ما قبلها، ما يفرض تغييراً حقيقياً في طريقة التعاطي مع السياسيات الإيرانية، وقراءة جيدة للعقلية الإيرانية التي لا تزال تمارس الإرهاب منذ وصولها للحكم، فهذه المتغيرات تفرض على الدول الأوروبية تصحيح مسار سياساتها في طريقة التعاطي مع النظام الإيراني وتفعيل أوراق الضغط، لأن حادثة استهداف شركة أرامكو، تؤكد فشل الاستراتيجية الأوروبية القائمة على سياسة الاسترضاء التي تنتهجها القوى الأوروبية مع النظام الإيراني، وتعتقد أنها من الممكن أن تقود إلى إحداث تغيير في السياسة الإيرانية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة