إعدام صوفي مناهض لولاية الفقيه.. مجلس عزاء للحريات الدينية بإيران
إيران نفذت حكم الإعدام بحق "محمد ثلاث"، من طائفة "الجناباديين" المعروفين باسم "الدراويش"، والمناهضة لولاية الفقيه بالبلاد.
نفذت السلطات الإيرانية، فجر اليوم الإثنين، حكم الإعدام بحق صوفي يدعى محمد ثلاث، من طائفة "الجناباديين" المعروفين باسم "الدراويش"، والمناهضة لولاية الفقيه بالبلاد.
حكمٌ تعسّفي آخر يصادر حياة الناس في إيران، ويضع مواقفهم السياسية على مقصلة النظام الحاكم، في حادثة تعتبر من أكثر المآسي شيوعا في بلد يحظر الاختلاف أو التنديد بانتهاكات النظام أو كل ما يمس بحاشية الأخير.
محمد ثلاث اعتقل، في فبراير/ شباط الماضي، إثر مصادمات جرت في العاصمة طهران، بين محتجين من طائفته، ومليشيات موالية لنظام الملالي، على رأسها الحرس الثوري، بسبب تنديد "الدراويش" بالقمع والتنكيل الذي يتعرضون له على مدار عقود، لمناهضتهم النظام.
وكالة أنباء "تسنيم" المقربة من الحرس الثوري، نقلت نبأ إعدام ثلاث (50 عاما) بدعوى تورطه في دهس 3 عناصر من قوى الأمن الداخلى، باستخدام حافلة بمنطقة "باساداران" في العاصمة.
مزاعم لطالما نفاها المعتقل الصوفي، عدة مرات، أثناء محاكمته، مؤكدا يأسه من جدوى مثوله أمام القضاء في ظل حكم نظام ينسج لمعارضيه أسوأ الاتهامات، ويحاكمهم بتهم وهمية، تمهيدا للتخلّص منهم.
من جانبها، نقلت النسخة الفارسية لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، عن زينب طاهري، محامية المعتقل الصوفي، قولها إن السلطات الأمنية الإيرانية نقلت، منذ أمس الأحد، محمد ثلاث إلى سجن يدعى "رجائي"، غرب طهران، يشتهر بكونه المكان الذي تنفذ فيه طهران أحكام الإعدام.
وأكدت طاهري وجود أدلة تثبت براءة موكلها من هذا الحادث، وهو الأمر الذي تجاهلته السلطات الإيرانية.
المحامية نفسها سبق وأن طلبت من المرشد الإيراني، علي خامنئي، إصدار عفو بحق المعتقل الصوفي، أسوة بآخرين حصلوا على عفو عام بمناسبة حلول عيد الفطر، غير أن مطالبها لم تلق أي ردّ إيجابي.
في الأثناء، أطلق نشطاء إيرانيون حملة دولية للمطالبة بتعليق حكم الإعدام الصادر بحق ثلاث.
ولاقت الحملة تضامنا واسعا من قبل منظمات حقوقية دولية، ونواب أوروبيين، علاوة على ملايين الأشخاص من رواد شبكات التواصل الاجتماعي في البلاد.
وعلى نفس الشاكلة، أثار إعدام "ثلاث" استياء بالغا في نفوس آلاف الإيرانيين ممن انتقدوا، بشكل سافر، عبر هاشتاغ بعنوان "محمد ثلاث"، المرشد الأعلى، في حملة تنديد حظيت بتفاعل واسع عبر موقع "تويتر"، قبل أن تتوسّع لتسري عدواها إلى مختلف المواقع عبر الإنترنت.
وغرّد حساب إيراني يدعى "قوتشي مهتاب"، قائلا إن هذا النبأ يعتبر أحد أسوأ الأخبار التي سمعها اليوم، معربا عن حزنه العميق وغضبه من تجاهل السلطات الإيرانية منح المعتقل الصوفي محاكمة عادلة، ليلقى حتفه مظلوما.
فيما اعتبر الناشط الإيراني "سيامك فريد"، أن هذا الأمر "غير مستغرب من جانب نظام الملالي، في ظل استمرار آلة الإعدام بمجرد انتهاء شهر رمضان، لتعاود مجددا مع عيد الفطر إعدام المتهم البر يء محمد ثلاث.
واعتبر أن دماء "ثلاث" ستكون دعوة للقصاص من كافة رموز النظام بالكامل.
وقدم حساب يدعى "إحسان" العزاء لكل الإيرانيين في وفاة المعتقل الصوفي على هذا النحو، معتبرا أن الأمور باتت تدعو، أكثر من أي وقت مضى، لإسقاط نظام الإعدامات والظلم في البلاد.
وشغلت قضية الحكم بإعدام محمد ثلاث حيزا من اهتمام وسائل الإعلام المحلية والعالمية المتابعة للشأن الإيراني على مدار الأشهر الأخيرة، إضافة إلى المنظمات الحقوقية حول العالم.
وبالتزامن مع ذلك، نددت وكالة "هرانا" الحقوقية الإيرانية بإعدام ثلاث، مؤكدة تعرض المعتقل الصوفي للتعذيب داخل السجن، لإجباره على الإدلاء باعترافات مغايرة للواقع.
وتعتقل السلطات الإيرانية نحو 400 من أتباع طائفة صوفية "الجناباديين" أو "الدراويش"، بحسب ما أعلنه مؤخرا المتحدث باسم قوى الأمن الداخلي الإيراني سعيد منتظر المهدي.
كما تفرض طهران قيودا أمنية على مقر نور علي تابنده، أحد مرشدي الطائفة الصوفية.
وفي الوقت الذي يواجه فيه المعتقلون الصوفيون أوضاعا مزرية بالسجون الإيرانية منذ اعتقالهم قبل نحو 4 أشهر دون توجيه تهم محددة لهم، فضحت تصريحات أدلى بها مؤخرا، موسى غضنفر آبادي، رئيس المحكمة الثورية في طهران للتلفزيون الرسمي، إصدار السلطات الإيرانية أحكاما مغلظة بالسجن ضد نحو 150 شخصا منهم.
ولم يفٌصح آبادي عن مدة محددة، مكتفيا بالإشارة إلى أنها ستكون طويلة.
كما أشار إلى أن البعض منهم قد تتم محاكمته علنيا في الساحات العامة، وسط استمرار ورود تقارير عن حالات تعذيب، وتهديد وسوء معاملة للمعتقلين الآخرين، إضافة إلى وفاة بعضهم في ظروف غامضة داخل معتقل "إيفين"، بحسب النسخة الفارسية لشبكة "دويتشه فيله" الألمانية.
وتظهر طائفة "الدراويش" معارضة واضحة للنظام الإيراني منذ عام 1979، ما جعلها هدفا للنظام، حيث اُعتقل المئات منهم في السنوات الأخيرة.
وتخشى طهران اتساع نفوذ الطائفة عقب تنظيم الأخيرة عدة احتجاجات وإضرابات في الشوارع تنديدا بالاضطهاد الذي يتعرض له أتباعها.
ورغم ادعاءات طهران بعدم التعرض لأصحاب المعتقدات الأخرى في البلاد، بحسب نص المادة الثالثة والعشرين من الدستور الإيراني، لكن الوقائع على الأرض تناقض هذا الأمر تماما.
فعلى أرض الواقع، يسعى نظام الملالي في إيران لفرض رؤية دينية وسياسية واحدة تماما، لخدمة مصالحه وأنشطته التخريبية خارج الحدود، عبر دعم المليشيات.
وبتزايد التفاعل بشكل صاروخي، تحولت مواقع التواصل إلى مجالس عزاء، ومنصة مناهضة لسياسات طهران القمعية بحق الأقليات الدينية، والمذهبية في البلاد.