الكثير يرى أن العقوبات الأمريكية هي ثمرة الضغوط السعودية، والتحرك الخليجي بشكل حازم لحصار طهران ومواجهتها.
الإرهاب الإيراني لم يقف عند حدود المنطقة ولم يكتفِ بالظهور في الدول العربية والإسلامية بيد أنه تخطى ذلك إلى أوروبا، إذ لا تزال مخططات إيران الخبيثة تتكشف يوما بعد يوم، فسعيها لنشر الإرهاب لم يتوقف، وها هي تتورط مرة أخرى في الضلوع بتنفيذ هجمات إرهابية في القارة الأوروبية، رغم ازدياد الخناق على النظام، بعدما تم الكشف عن نشاطه الإرهابي المستمر في دول أوروبا، وهو الأمر الذي ربما يغير الموقف الأوروبي المتمسك بنظام الملالي.
أمريكا تعوّل في فرض العقوبات أن تؤدي لثورة شعبية، وترى أن مصير النظام الإيراني مرتبط بتفادي الأزمة الاقتصادية التي ستتفاقم بشدة بسبب الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية، بعد ظهور الدعوات للإضراب والاحتجاجات في أغلب المدن الإيرانية مؤخرا بين فئات اجتماعية متعددة
لا شك أن اكتشاف المخططات الإيرانية الإرهابية أوروبياً والاقتناع بذلك، والتأكد من ضلوع الاستخبارات الإيرانية بشن هجمات إرهابية، سيضعها في موقف حرج، وسيساعد كثيرا في فرض عقوبات جديدة على طهران وفِي نجاح العقوبات الأمريكية، وربما يضغط في تحسين طهران سلوكها للوصول على الأقل للحد الأدنى من العدوانية الإيرانية، لا سيما بعد تكرار الحوادث الإرهابية الإيرانية في أوروبا منذ عام 1992 والتي تهدف حاليا إلى قمع وتهديد المعارضة المقيمة وللتأثير على طرد المعارضين .
ومع دخول الحزمة الثانية من العقوبات الاقتصادية حيز التنفيذ، والتي أعلنت عنها واشنطن بعد انسحابها من الاتفاق النووي والتي تأتي بعد تطبيق الحزمة الأولى والتي ينظر إليها على أنها الأكثر إيلاماً للاقتصاد الإيراني بعدما شملت شركات تشغيل الموانئ، وقطاعات الشحن وبناء السفن، والمعاملات المتعلقة بالبترول مع شركات النفط الإيرانية والمنتجات البتروكيماوية، والمعاملات من قبل المؤسسات المالية الأجنبية مع البنك المَركزي والمؤسسات الماليّة، بالإضافة إلى خدمات التأمين وقطاعات الطاقة، وفرض الحظر على 700 شركة، ومنظمة، وأفراد، كلها من أجل تحجيم هذا النظام، وإيقاف السيولة النقدية وكل السبل التي تؤدي لتوفر رأس المال المؤدي لتعزير ماكنة الإرهاب وحروبه بالوكالة، وتطوير الصواريخ الباليستية، والقمع الداخلي.
الكثير يرى أن العقوبات الأمريكية هي ثمرة الضغوط السعودية، والتحرك الخليجي بشكل حازم لحصار طهران ومواجهتها حتى تتراجع عن دعم المليشيات الإرهابية في المنطقة، والتي تسعى إلى ضرب رأس الأفعى وتجويع (الوحش) بعد استمرارها السياسات العدوانية والتي كانت نتيجتها إعادة فرض العقوبات ورفض المطالب الأمريكية الأنثى عشر، وهو أمر تاريخي، لا سيما بعد الإشادة الأمريكية بقوة السعودية والتي أسهمت في ضمان استقرار أسواق النفط العالمية.
إيران يبدو أنها ما زالت تكابر، فالمرشد الإيراني علي خامنئي يقلل من شأن العقوبات الأمريكية الجديدة، ومستشار المرشد للشؤون العسكرية اللواء يحيى رحيم صفوي يرى أن أمريكا هُزمت ومجبرة على الانسحاب من غرب آسيا، بينما يرى قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري أن إيران ستقاوم "الحرب النفسية" والعقوبات، وأنها لن تعترف بتأثير العقوبات رغم ظهور أثرها على سعر العملة والأسواق الإيرانية، وتردي الوضع الاجتماعي والاقتصادي حتى قبل تطبيق العقوبات عمليا، والذي يعود إلى السياسات القمعية والمناهضة للشعب من قبل النظام الذي يرى أن الحل الوحيد هو التغيير الأساسي الذي يشمل جميع فئات النظام.
أمريكا تعوّل في فرض العقوبات أن تؤدي لثورة شعبية، وترى أن مصير النظام الإيراني مرتبط بتفادي الأزمة الاقتصادية التي ستتفاقم بشدة بسبب الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية، بعد ظهور الدعوات للإضراب والاحتجاجات في أغلب المدن الإيرانية مؤخرا بين فئات اجتماعية متعددة، وأن تحدث فيها مواجهات مع الأجهزة الأمنية، وحين تتزايد الاحتجاجات بسبب الأزمة الاقتصادية من المتوقع يسقط النظام مثلما حدث في بعض بلدان الربيع العربي.
قد تعود هذه المكابرة والتصريحات العنترية وهذا العناد لأنها تعول على الأوربيين، وعلى خبرتها في التملص من العقوبات وتهريب النفط، ومبادلة النفط بالذهب، وعلى أذرعها في المنطقة، وعلى الاستثناءات الأمريكية لثماني دول ما زالت تواصل مفاوضاتها على كيفية تطبيق العقوبات كاملة خصوصاً أنها أهم 8 مستوردين، وسيكون هذا الاستثناء حتى مارس المقبل، حسب ما يرد من أخبار، مع اشتراط استعمال العملات المحلية وليس العملة الإيرانية في عملية الاستيراد، فالإعفاءات المؤقتة لدول أو جهات من الالتزام بتطبيق العقوبات قد يفتح قنوات غير رسمية أخرى غير قانونية لتصريف النفط الإيراني ولكن بأسعار مخفضة، ما يقلل من أهمية ونجاح العقوبات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة