2019.. عام الثورة على إيران ومليشياتها بالعراق ولبنان
السخط الشعبي المتزايد تجاه النفوذ الإيراني أدى إلى اندلاع الاحتجاجات العراقية واللبنانية في أكتوبر الماضي
شكل عام 2019 علامة فارقة في الانتفاضة الشعبية ضد سياسات النظام الإيراني وتدخلات مليشياته في شؤون العراق ولبنان على حد سواء.
وبات فعليا نظام المرشد الإيراني علي خامنئي على وشك فقدان نفوذه السياسي والعسكري الإقليمي تدريجيا إلى الأبد، بفعل الاحتجاجات في بغداد وبيروت على وجه الخصوص.
- دويتشه فيله: إيران تفقد نفوذها تدريجيا بالعراق ولبنان
- صحيفة إيرانية معارضة تتوقع تراجع تدخلات نظام خامنئي الخارجية
بداية فقد أسفر السخط الشعبي المتزايد تجاه النفوذ الإيراني عن اندلاع الاحتجاجات العراقية واللبنانية بحلول أكتوبر/تشرين الأول 2019، حيث بادر المتظاهرون بهذين البلدين برفع شعارات تطالب بإنهاء التدخلات الإيرانية، وطرد المليشيات الموالية لطهران.
وبرز هتاف "بغداد حرة حرة.. إيران برة برة" كأحد الشعارات الشعبية الرائجة التي نادى بها آلاف المتظاهرين العراقيين، تنديدا بالتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لبلادهم، والتي نجم عنها تفشي الفساد وسوء الأوضاع الاقتصادية.
ومثلت مليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران داخل العراق عقبة إزاء إمكانية وجود حكومة مركزية في بغداد، حيث أدت إلى إحداث اضطرابات في الداخل العراقي، كما ساعد ظهور تنظيم داعش الإرهابي طهران على تعزيز وجودها السياسي ونفوذها العسكري في بغداد.
وتزعم إيران أن بإمكانها تطبيق نموذجها في إدارة الحكم عبر المليشيات المنفصلة عن الحكومة داخل المجتمع العراقي.
في المقابل، أدى وجود وزراء تابعين لمليشيا حزب الله المولية لنظام خامنئي والمصنفة كمنظمة إرهابية دوليا ضمن تشكيلة حكومة بيروت إلى عزلة لبنان، بسبب عزوف العديد من المؤسسات والمصارف العالمية عن التعامل مع القطاع المالي في هذا البلد.
"الشعب يريد إسقاط النظام" كان الهتاف اللافت للمتظاهرين في لبنان منذ بدء احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019، في ظل سيطرة مليشيا حزب الله وحلفائها السياسيين على غالبية مقاعد الحكومة اللبنانية البالغ عددها 30 حقيبة وزارية.
المرشد الإيراني وعلى دربه وسائل إعلام بلاده هاجموا الاحتجاجات الشعبية في العراق ولبنان، ونعتوها بأعمال شغب تمولها أجهزة استخبارات أجنبية، في تناقض صريح مع واقع حال البلدين اللذين عانا لسنوات من تدخلات طهران في شؤونهما الداخلية.
وقال خامنئي، خلال كلمة له على هامش مراسم عسكرية عقدت في العاصمة طهران، في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2019، إن "الضرر الأكبر الذي يمكن أن يسدده الأعداء لبلد ما هو سلب أمنه مثلما يفعلون اليوم في بعض دول المنطقة"، حسب زعمه.
لكن النتيجة من كل هذا أن طهران تفقد نفوذها تدريجيا في العراق ولبنان، بعد المظاهرات الشعبية العارمة التي اجتاحت البلدين، تنديدا بتدخلاتها الفجة.
وقالت شبكة "دويتشه فيله" الألمانية في تقرير عبر نسختها الفارسية، 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إن النظام الإيراني ينظر بقلق في الوقت الراهن إلى مكانة مليشيا حزب الله الأوسع نفوذا في لبنان، والتي تلعب دورا مؤثرا في سياسات طهران إقليميا.
واستند تقرير "دويتشه فيله" إلى معارضة حسن نصر الله زعيم مليشيا حزب الله استقالة الحكومة اللبنانية، ورفضه الانتخابات البرلمانية المبكرة، مهددا بإشعال حرب داخلية إذا تواصلت الاحتجاجات.
احتجاجات العراق ولبنان تشير بالفعل إلى فشل سياسات إيران إقليميا بعد أن فشل حلفاؤها في إدارة شؤون بلدانهم.
وانبثقت الاحتجاجات العراقية واللبنانية بالأساس من مشكلات داخلية، تبعا لسياسات المسؤولين الحكوميين الفاسدين الذين فشلوا في فعل أي شيء لتحسين حياة الناس، وفق تقرير دويتشه فيله.
وأجمع محللون سياسيون مهتمون بقضايا الشرق الأوسط أن دور إيران في العراق أدى إلى تأجيج غضب المحتجين لدرجة الهجوم على قنصلية طهران في كربلاء، في دلالة على مدى السخط تجاه نظام المرشد الإيراني علي خامنئي، حسب شبكة دويتشة فيلة الألمانية.
وفي خضم احتجاجات بيروت وبغداد، طالب خامنئي علانية القوات المسلحة الإيرانية بالتجهز لما وصفها بمهمة خاصة مقبلة، دون يشير إلى تفاصيلها على وجه الدقة.
ووصف مراقبون دعوة خامنئي بانعكاس مخاوف الأخير من تكرار احتجاجات شعبية داخلية عارمة، مثلما حدث في عامي 2009 و2018.
ودأب النظام الإيراني على نعت تلك الاحتجاجات التي اندلعت في السنوات السابقة بالفتنة، في مسعى لترهيب الناس من الاعتراض على التدهور السياسي والاقتصادي في الداخل.
ويبدو أن توقعات المرشد الإيراني كانت في محلها، حيث لم ينقضِ عام 2019 إلا وشهد منتصف نوفمبر/تشرين الثاني احتجاجات داخل 100 مدينة كبرى على الأقل، اعتراضا على قرار مفاجئ برفع أسعار البنزين لنحو 300%.
وسرعان ما أخذت احتجاجات البنزين لونا سياسيا، حيث استهدفت شعاراتها النخبة المسيطرة على حكم إيران، وكذلك التدخلات العسكرية إقليميا.
وقمعت قوات الأمن وعناصر من مليشيا الحرس الثوري الإيراني المحتجين بعنف، في ظل قطع خدمة الإنترنت وغياب حرية الصحافة داخليا.
وتضامنت أطياف المعارضة الإيرانية في المهجر مع المحتجين في بيروت وبغداد، حيث أعلن على سبيل المثال رضا بهلوي -ولي عهد الأسرة البهلوية التي حكمت إيران بين سنوات 1925 إلى 1979- تأييده احتجاجات العراق ولبنان، رفضا لتدخلات النظام الإيراني في شؤون البلدين.
وأضاف بهلوي نجل محمد رضا بهلوي آخر ملك إيراني، في تغريدات عبر حسابه على موقع تويتر، 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أن "النظام الإيراني يعتبر العدو المشترك للعراقيين واللبنانيين والإيرانيين على حد سواء".
وتابع رضا بهلوي المقيم في الولايات المتحدة منذ خروجه من إيران قبل 40 عاما أن الشعب الإيراني يتضامن مع جيرانه بالعراق ولبنان في نضالهم الحيوي ضد الاستبداد.
وأردف أن الإيرانيين يتابعون عن كثب نضال العراقيين واللبنانيين من أجل نيل الهوية والاستقلال الوطني، لافتا إلى أن النظام الإيراني ارتكب طوال 40 عاما جرائم فظيعة ضد الشعب الإيراني وشعوب المنطقة.
وأكد ولي عهد الأسرة البهلوية في تغريدته أن نظام طهران يرهب اليوم عبر مليشياته ووكلائه العراق ولبنان ودولا أخرى في المنطقة بالفساد والقمع المطلقين، معتبرا في الوقت نفسه أن هذا النظام وقادته معدومي الضمير، لا يعبأون سوى بقوتهم وثرواتهم.
واختتم رضا بهلوي أن النضال في بيروت وبغداد محل إلهام، مؤكدا أن جهود الشعبين العراقي واللبناني جنبا إلى جنب مع الإيراني ستنهي هذا الفصل من تاريخهم الجماعي، مما سيسمح ببناء منطقة مزدهرة وحرة لأبنائهم.