نيويورك تايمز: إيران تستولى على سوريا.. هل من أحد يوقفها؟
بالرغم من أن روسيا تلعب أيضا دورا مهم في دعم النظام السوري، إلا أن دعم طهران له هو الأساس، وعواقب ذلك قد تكون "كارثية"
منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، وتعتمد حكومة بشار الأسد على إيران ووكلائها مثل حزب الله اللبناني من أجل البقاء في السلطة. وبالرغم من أن روسيا تلعب أيضا دورا مهم في دعم النظام السوري، إلا أن دعم طهران له هو الأساس.
ومع اقتراب نهاية الحرب السورية، يبدو أن إيران عازمة على أن تكون الفائز والمسيطر الأكبر على السياسة الخارجية السورية في المستقبل، لكن عواقب ذلك قد تكون في الحقيقة "كارثية"، على حد وصف مقال رأي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، للكاتب دبليو ديفيد ليش.
بدأ التحالف السوري الإيراني عام 1979 عقب الثورة الإيرانية وتوقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل. وحسب الكاتب، كانت مصر بالنسبة لسوريا شريك عربي مهم، ولشعور سوريا بالعزلة، اعتقد حافظ الأسد أن بلاده تحتاج إلى أصدقاء أقوياء جدد، ولعبت طهران هذا الدور حيث قامت بتقديم مساعدات عسكرية واقتصادية من خلال دعم حزب الله في لبنان ومن ثم مساعدة دمشق على الحفاظ على موقعها الاستراتيجي هناك.
لكن بالرغم من ذلك، ظلت العلاقة بين البلدين غير مريحة، وفقا للكاتب، الذي قال إن سبب ذلك جزئيا الاختلافات بينهما؛ سوريا ذات أغلبية سنية عربية ويحكمها حزب البعث العلماني منذ أوائل الستينيات، وإيران على الجانب الآخر أغلبية شيعية فارسية وهي منذ 1979 جمهورية إسلامية.
وبعد اندلاع الحرب في سوريا، كانت إيران من البداية الداعم الأبرز للأسد، لتضمن وصولها إلى لبنان، ولتبقي السعودية بعيدة عن نفوذها في الشرق، كما قال الكاتب.
وأضاف أنه مع اقتراب نهاية الحرب، لا يزال الأسد في السلطة ويكن ولاءا كبيرا للدولة التي ساعدته على النجاة، بداية من منحها عقود إعادة بناء وحتى تنظيم ودعم الميليشيات المؤيدة للحكومة، تدخلت إيران في سوريا بطريقة لا يستطيع الأسد تجاهلها. وفي 20 أغسطس، ألقى الرئيس السوري خطابا جرئيا شكر فيه حلفائه، وقال إن سوريا في المستقبل ستنظر أكثر إلى الشرق أكثر من الغرب.
وربما تكون بعض الرموز المؤيدة لإيران داخل القيادة السورية سعيدة جدا بهذا، ليس فقط لأنهم غاضبين من محاولات الغرب لتقويض النظام السوري، ولكن أيضا لأن علاقات أقرب مع إيران تعزز مكانتهم السياسية والاقتصادية، وفقا للكاتب.
ويشير الكاتب إلى أن النخبة السياسية والعسكرية السورية بمن فيهم الأسد نفسه، ينتباهم القلق من أن زيادة الاعتماد على إيران ستحد من المرونة عندما يتعلق الأمر بإعادة بناء سوريا ما بعد الحرب والتنمية الاقتصادية والعلاقات الدبلوماسية المستقبلية مع الغرب. وإذا انتهى الأمر بالأسد عميلا لإيران، قال الكاتب سيكون الوضع خطيرا جدا.
ونقل كاتب المقال عن خبير سياسي روسي قوله إن السيناريو الأسوأ بالنسبة للأسد هو أنه عندما تنتهي الحرب، لن تكون هناك أي دولة مهتمة بما سيحدث في سوريا بعد ذلك، بخلاف إيران. مضيفا أنه برغم ما قاله الأسد في خطابه، إلا أنه يريد من أعماق نفسه الحفاظ على مرونته الاستراتيجية.
ولن تتسامح إسرائيل مع ذلك، وربما ينتهي الأمر بحرب سورية إسرائيلية أو بمعنى آخر إيرانية إسرائيلية، ولن يقتصر الأمر حينها على حدود سوريا. ولتجنب ذلك، يحتاج صناع القرار في أمريكا وروسيا إلى القيام بالمزيد لإنهاء الحرب السورية، وعليهم المساعدة في توفير ومراقبة مناطق تخفيف التصعيد والعمل على دبلوماسية لمستقبل سوريا ما بعد الحرب.
وأخيرا حذر الكاتب إدارة ترامب من ضرورة الوعي بما يعنيه التنازل عن سوريا لإيران. موضحا أنه منذ عقود وسوريا تعتبر الولايات المتحدة القوة التي تضغط على إسرائيل فيما يتعلق بالجولان، ولتمهيد الطريق للاستثمار الأجنبي في البلد. لكن إذا لم تعد أمريكا مهتمة بسوريا بعد الآن، وإذا استمرت روسيا في التركيز فقط على المسائل الأمنية مع تجاهل تلك الأمنية، ستسيطر إيران على دمشق.
واختتم الكاتب مقاله بأنه على الأطراف الخارجية المشاركة في الحرب السورية البقاء منخرطين هناك، لأنه إذا أصبحت إيران الطرف الوحيد الذي يستثمر في مستقبل سوريا، ستكون النتيجة كارثية.