إيران وإسرائيل.. مواجهة عابرة أم بداية حرب شاملة؟
مواجهة عسكرية تطل برأسها في المنطقة بين نظام الملالي الإيراني ومليشياته وتل أبيب التي نصحت طهران بعدم اختبار قدرات جيشها
طبول الحرب تدق.. ومواجهة عسكرية تطل برأسها في المنطقة، فنظام الملالي الإيراني ومليشيا الحرس الثوري يؤكدان حضورهما وجاهزيتهما لمواجهة أي هجوم إسرائيلي وأن الحرب المقبلة ستؤدي إلى زوال إسرائيل، بينما تل أبيب في المقابل تنصح طهران بعدم اختبار قدرات جيشها، وتؤكد أنها جاهزة لكل الاحتمالات بما في ذلك حرب متعددة الجبهات.
- أول مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران بسوريا.. ترقب وحذر
- إسرائيل تهدد طهران.. سوريا ستتحول إلى "فيتنام إيران"
ويبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ماضٍ في عزمه منع الجيش الإيراني من التموضع في سوريا، حيث أكد أن إسرائيل سترد بقوة على أي اعتداء على أراضيها، وأن الجيش جاهز وأن كل مَن يختبر تل أبيب سيشاهد مدى قوتها.
هذه التصريحات جاءت بعد وقت قصير من إعلان وزير التعليم نفتالي بنيت من أن "إسرائيل يجب أن تبني قدرات لضرب وردع إيران نفسها (الداخل الإيراني)".
فما فرص وحسابات المواجهة العسكرية المرتقبة؟ وكيف ستلقي أتون هذه الحرب -إن اندلعت- بظلالها على المنطقة؟ وهل ستدخل الولايات المتحدة في حرب مباشرة مع إيران؟
طهران وتل أبيب.. صدام غير متكافئ
لا تمتلك إسرائيل وإيران حدودا مشتركة، ما يجعل حربهما تعتمد في حال اندلاعها على الصواريخ الباليستية طويلة المدى، أو الهجمات الجوية، أو الصراع ما بين الجيش الإسرائيلي ومليشيا حزب الله الإرهابي في لبنان أو مع فيلق القدس الإيراني ومليشيا حزب الله في سوريا.
قدرات إسرائيلية
تمتاز إسرائيل على إيران بامتلاكها السلاح النووي وسط تقديرات بوجود 200 رأس نووي لديها، فيما لا يمكن الجزم بأن إيران تمتلك هذا النوع من السلاح.
كما تمتاز إسرائيل على إيران بامتلاكها الطائرة القتالية الأكثر تقدما في العالم وهي (إف 35) أو ما تعرف باسم "الشبح" وهي قادرة على الوصول إلى عمق إيران دون الحاجة إلى التزود بوقود إضافي ودون أن يمتلك الرادار القدرة على اكتشافها.
ضربات الموساد لإيران
ركزت إسرائيل في السنوات الأخيرة على أمرين يتعلقان بإيران؛ الأول هو منع طهران من السعي لامتلاك قنبلة نووية ووقف برنامجها لإنتاج صواريخ باليستية بعيدة المدى، والآخر منعها من التموضع عسكريا في سوريا وتزويد مليشيا حزب الله الإرهابي بالسلاح.
وتمكن جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، مطلع العام الجاري، من الاستيلاء على نصف طن من الوثائق من أحد المراكز في العاصمة الإيرانية طهران، حول مخططات إيران لإنتاج القنبلة النووية. كما نفذ الجيش الإسرائيلي عشرات الغارات على شاحنات محملة بالسلاح داخل الأراضي السورية في طريقها إلى مليشيات حزب الله.
ولكن الضربة الأكبر كانت فجر الخميس الماضي، حينما أغارت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي على عشرات المواقع التابعة لفيلق القدس الإيراني في سوريا.
استهزاء من هجوم فيلق القدس
حظيت الضربة التي وجهها فيلق القدس الإيراني في سوريا على مرتفعات الجولان، باستهزاء من قبل الإعلام الإسرائيلي، بسبب قدراتها التي وصفتها بالضعيفة جدا، فبحسب وسائل الإعلام فإن قوات فيلق القدس أطلقت 20 صاروخا سقط منها 16 في الأراضي السورية، فيما تم اعتراض 4 صواريخ من قبل منظومة القبة الحديدية.
وقال موقع "والا" الإخباري الإسرائيلي، إن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، كان يأمل في الرد على هجمات إسرائيلية مزعومة في سوريا لكنه فشل وعلاوة على ذلك قدم لإسرائيل حجة لتنفيذ هجوم واسع النطاق ضد أهداف إيرانية في سوريا.
إعاقة الجهود الإيرانية لعدة أشهر
واعتبر المراسل العسكري في صحيفة هآرتس الإسرئيلية، عاموس هرئيل، أن هذا الهجوم الإيراني الفاشل أعطى لإسرائيل الفرصة لإنهاء التموضع العسكري الإيراني في سوريا. وأضاف هرئيل أن الرد الإسرائيلي القاسي سيسهم في توقف إيران وإعادة التفكير في تحركاتها، خاصة بعد أن أظهرت إسرائيل قوتها العسكرية والاستخباراتية.
وأشار هرئيل إلى أنه في ظل الظروف القصوى، أو في وقت لاحق، قد تشهر طهران أكبر مسدساتها، وهو مليشيا حزب الله، وفي هذه الحالة يمكن أن يتخذ الصراع شكلاً مختلفاً للغاية، في إشارة إلى اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة.
حزب الله والهجمات الخارجية
آفي لسخاروف، المحلل في موقع والا الإخباري الإسرائيلي، اعتبر أن الانزلاق إلى مواجهة عسكرية أوسع مع مليشيا حزب الله في لبنان سيكون مؤجلا، لأن الأخير انشغل في الأشهر الأخيرة بمحاولة إبراز صورته كمنظمة لبنانية في الانتخابات التشريعية، ومن الممكن أن يرغب في العودة مرة أخرى إلى هويته وولائه كـ"وكيل إيران"، وذراعها في المنطقة.
بالأرقام.. مقارنة بين القدارت العسكرية
وفيما يلي مقارنة بين القدرات العسكرية الإسرائيلية والإيرانية بحسب موقع القوات المسلحة الأوروبي:
الإنفاق العسكري
إيران: 12 مليارا و300 مليون دولار ما يشكل 3% من الدخل القومي.
إسرائيل: 17 مليارا و800 مليون دولار ما يشكل 5.8% من الدخل القومي.
القوة العسكرية
إيران: 550 ألف جندي و1.8 مليون احتياط و23.6 مليون جاهزون للعسكرية.
إسرائيل: 176 ألف جندي و445 ألف احتياط و1.7 مليون جاهزون للعسكرية.
العتاد العسكري
الدبابات: تمتلك إيران 2569 دبابة في حين تمتلك إسرائيل 2200 دبابة.
مركبات قتال مدرعة: تمتلك إيران 1315 مركبة في حين تمتلك إسرائيل 6766 مركبة.
المدفعية: تمتلك إيران 5383 مدفعية في حين تمتلك إسرائيل 1522 مدفعية.
مدفعية ذاتية الدفع: تمتلك إيران 320 مدفعية في حين تمتلك إسرائيل 614 مدفعية.
مدفعية صواريخ: تمتلك إيران 1493 مدفعية في حين تمتلك إسرائيل 48 مدفعية.
سلاح الجو
مجموع عدد الطائرات: تمتلك إيران 883 طائرة في حين تمتلك إسرائيل 772 طائرة.
طائرات مقاتلة: تمتلك إيران 151 طائرة في حين تمتلك إسرائيل 52 طائرة.
طائرات متعددة المهام: تمتلك إيران 88 طائرة في حين تمتلك إسرائيل 352 طائرة.
طائرات مهاجمة: تمتلك إيران 49 طائرة في حين تمتلك إسرائيل 25 طائرة.
مروحيات قتالية: تمتلك إيران 324 مروحية في حين تمتلك إسرائيل 177 مروحية.
سلاح البحرية
مجموع عدد القطع البحرية: 406 في إيران و74 في إسرائيل.
الغواصات: تمتلك إيران 40 غواصة في حين تمتلك إسرائيل 5 غواصات.
هل يشن ترامب الحرب على إيران؟
"سيحدث شيء ما".. هكذا هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إيران بعد انسحابه من الاتفاق النووي، دون أن يوضح المزيد، ما ينبئ النظام الإيراني بما لا يحمد عقباه، فقد يسير ترامب عكس نهج سابقيه بالتدخل العسكري المباشر في إيران، لهدم المعبد على رؤوس الملالي.
الرئيس الأمريكي لم يكتف بهذا التهديد الغامض بل زاد أن إيران ستواجه "عواقب خطيرة للغاية" حال استئنافها برنامجها النووي.
فك غموض تهديدات ترامب
التهديدات التي وجهها ترامب لإيران يوم الخميس قد تخرج من إطار الغموض، بعد تصريحات نقلها مسؤولون إسرائيليون، من رسالة بعث بها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إلى طهران، أكد فيها بصورة صريحة أن الولايات المتحدة ستدخل في مواجهة مباشرة مع إيران حال تضرر إسرائيل من النشاطات العسكرية الإيرانية في سوريا أو تعرضها لهجوم.
فيما أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن "هناك تنسيقا وثيقا ومكثفا بين إدارة ترامب ومكتب نتنياهو، حول قضية إيران والجهد الإسرائيلي لمنع إيران من تأسيس نفسها في سوريا".
لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي
وزير الدفاع الأمريكي، جيم ماتيس، أكد في وقت سابق، أن الولايات المتحدة ستواصل العمل مع حلفائها لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي. وأضاف، خلال لقاء مع لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ، أن الولايات المتحدة ستواصل العمل إلى جانب شركائها وحلفائها، لضمان عدم امتلاك إيران أبداً سلاحاً نووياً، والتصدي لنفوذها الخبيث.
وما يدعم نظرية المواجهة تعيين الرئيس ترامب، جون بولتون مستشاراً للأمن القومي، والمعروف عنه أنه واحد من صقور الولايات المتحدة، ومن الذين يؤيّدون الضربة الاستباقية ضد إيران.
إيران وسيناريو العراق
رغم الاختلافات الواضحة بين سياسة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش في العراق، والنهج الذي يتبعه ترامب مع إيران، وبين التركيبة الإيرانية والعراقية، فإن مسؤولين أمريكيين ومحللين في واشنطن والشرق الأوسط، اعتبروا أن المواجهة يمكن أن تكون مباشرة وأن الحرب الأمريكية مع إيران قد تحدث.
ورغم اختلاف الموقف العراقي الذي كان ادعاء امتلاك بغداد أسلحة الدمار الشامل أبرز أسبابه، لكن هذه المرة فإن ترامب أكد أن لديه دلائل على استمرار طهران في تطوير برنامجها النووي لامتلاك أسلحة نووية إضافة إلى دعمها الواضح والصريح لكل المليشيات الإرهابية التي تزعزع استقرار الدول وتعمل على تفتيتها وبث الطائفية والانقسامات فيها، باعتراف مرشد إيران علي خامنئي.
وتبدو سياسة ترامب في الشأن الإيراني مألوفة لبعض المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين الذين شهدوا الإعداد للحرب الأمريكية على العراق. وقال بول بيلار، الذي كان كبير محللي الاستخبارات الأمريكية في الشرق الأوسط من 2001 إلى 2005: "ثمة أوجه شبه مزعجة وعجيبة".
عدم فاعلية العقوبات الاقتصادية
وبعد أن أدرك الرئيس الأسبق بوش أن العقوبات الاقتصادية التي فرضها على النظام العراقي آنذاك، بعد اجتياح الكويت في عام 1990 بدأت تفقد فاعليتها سريعا، اعتمد بصورة مباشرة على التدخل العسكري والحرب البرية، بحسب مارك دوبوويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.
وفي فبراير/شباط الماضي قال دان كوتس، مدير المخابرات الوطنية في إدارة ترامب للكونجرس، إن الاتفاق الإيراني مدد الفترة التي تحتاج إليها طهران لإنتاج مواد انشطارية لصنع سلاح نووي وعزز شفافية الأنشطة النووية الإيرانية.
إيران وإسرائيل.. العداء التاريخي وعواقب الصدام
ارتفعت نبرة الخطابات العدائية المتبادلة مؤخرا بين كل من إيران وإسرائيل سواء بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي المبرم بين طهران وقوى عالمية منذ 2015، وحتى منذ الهجوم على قاعدة تيفور السورية في مطلع أبريل/نيسان الماضي، والذي أسفر عن مقتل نحو 7 مستشارين عسكريين إيرانيين وعناصر بارزة في مليشيا الحرس الثوري.
وشهدت الساعات الأولى من صباح الخميس مواجهة مباشرة بين طهران وتل أبيب على الأراضي السورية، تخللها قصف الجيش الإسرائيلي لعشرات المواقع التابعة لفيلق القدس الإيراني في سوريا الذي أطلق 20 صاروخا على أهداف إسرائيلية في مرتفعات الجولان السورية المحتلة.
تهديدات إيرانية
بوادر وارهاصات التراشق بالرد العسكري من جانب طهران، جاءت على لسان حسين سلامي نائب قائد مليشيا الحرس الثوري، نهاية أبريل/نيسان، متوعدا بفتح جبهتين من الغرب والشمال على الصعيدين الصاروخي والحرب البرية ضد إسرائيل، مشيرا إلى أنه لم يبق أمامهم سوى الهرب إلى البحر، على حد قوله.
تهديدات سلامي التي أطلقها على هامش خطبة الجمعة في طهران، بحسب وكالة أنباء فارس، تشير إلى أن المواقع التي حددها للهجوم المحتمل هي شمال لبنان وقطاع غزة، معقبا بقوله حينها: "جاهزون للضغط على زناد البنادق والصواريخ، ونقول للإسرائيليين إننا نعرفكم جيدا.. أنتم محاصرون من كل الجهات".
وفي أعقاب تلك التصريحات على لسان أحد قادة الحرس الثوري البارزين، خرج بهرام قاسمي، الناطق باسم الخارجية الإيرانية، مهددا إسرائيل بـ"تلقي ضربة، آجلا أو عاجلا"، على ما وصفها بـ"العملية العدوانية"، قائلا إنه قد انتهى الزمن الذي كنتم فيه تضربون وتهربون بلا حساب، وفق قوله.
وفي السياق ذاته، علق علي أكبر ولايتي كبير مستشاري المرشد علي خامنئي بعد قصف التيفور، قائلا إن ما وصفها بـ"جريمة إسرائيل" باستهداف قاعدة جوية سورية لن تمر دون رد، على حد قوله.
الجيش الإيراني أيضا أطلق العنان للتراشق بالتهديد العسكري، حيث قال عبدالرحيم موسوي قائد الجيش الإيراني إن فترة 25 عاما هي أقصى موعد لـ"إزالة" إسرائيل.
وشدد موسوي، في كلمة ألقاها مؤخرا أثناء احتفالات بيوم الحرس الثوري، على أن التهديدات التي تواجهها إيران اليوم لا تعرف الحدود، لافتا إلى إمكانية شن هجمات خارج حدود البلاد، خاصة ضد إسرائيل. وتابع قائد الجيش الإيراني أن التهديدات باتت متعددة اليوم، وينبغي أن يقف الحرس الثوري في مواجهة جميع أنواع التحديات السياسية والثقافية والاقتصادية وغيرها.
تكلفة مغامرات الملالي العسكرية
في وقت يرزح فيه ملايين الإيرانيين تحت وطأة الفقر ما أدى إلى اندلاع انتفاضة غير مسبوقة في البلاد نهاية العام الماضي، كشفت تقديرات حديثة عن أن تكلفة المغامرة الإيرانية التوسعية في الشرق الأوسط لإنقاذ النظام السوري بلغت 36 مليار دولار. وأسهم الدعم العسكري والمالي الإيراني لنظام دمشق في تفاقم الأزمة السورية، وحرف الصراع باتجاه بعده المذهبي.
ولفتت شبكة "بي بي سي"، في نسختها الفارسية، إلى أنه على الرغم من انعدام الشفافية حول نشاطات إيران من خلال أرقام الاقتصاد الرسمية، فإن مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة قدرت الدعم العسكري الإيراني في سوريا بنحو 6 مليارات دولار سنويا.
وأشارت الشبكة البريطانية، في تقرير مطول لها، إلى أن التزام طهران بدفع تلك المبالغ دوريا يعني أن جملتها قد وصلت إلى نحو 36 مليار دولار على مدار أكثر من 6 سنوات.
وفي السياق ذاته، ذكر نديم شهادي، أستاذ الاقتصاد بجامعة تافتس الأمريكية، أن طهران دعمت نظام بشار الأسد الذي كان قد فقد أغلب مصادر تمويله، بنحو 15 مليار دولار خلال الفترة بين عامي 2012 و2013 فقط، لافتا إلى إرسال مليشيات عسكرية مرتزقة من أفغانستان والعراق بدعم مالي من الحرس الثوري الإيراني.
وأضاف شهادي، في حوار لـ"بي بي سي" الفارسية، أن تكلفة دعم هذه المليشيات من جانب الحرس الثوري منذ عام 2013، أدت إلى مواجهة الاقتصاد الإيراني مصاعب جمة، وزادت من معاناة الفقراء.
جاء ذلك فيما كشفت تقارير غربية العام الماضي، عن دفع رواتب شهرية للمقاتلين الأفغان في سوريا تقدر بنحو 800 دولار للشخص الواحد شهريا.
وفي سياق متصل، كشف تقرير لـ"بي بي سي" عن اعتزام إيران استغلال الأسواق السورية في دعم تجارتها، بعد تصريحات مؤخرا أدلى بها رحيم صفوي المستشار العسكري للمرشد، عن اعتزام بلاده الحصول على خام الفوسفات والنفط نظير دعمها العسكري لنظام دمشق، بينما شرعت طهران في تدشين شبكة خلوية إيرانية داخل سوريا مؤخرا.
عواقب محتملة
توقع موقع تحليلي مقرب من وزارة الخارجية الإيرانية، أن يواجه نظام طهران أزمة عصيبة في سوريا خلال الفترة المقبلة، في ظل تصاعد حدة التوتر مع الولايات المتحدة بسبب البرنامج النووي، معتبراً أن الضربات الصاروخية التي استهدفت مواقع عسكرية تابعة لنظام بشار الأسد في دمشق مؤخراً، أدت إلى فوضى في العلاقات الدولية، على حد قوله.
وأشار موقع "إيران دبلوماسي" أو "الدبلوماسية الإيرانية"، الذي يرأس تحريره صادق خرازي أحد أبرز الدبلوماسين الإيرانيين، في تقرير له مؤخرا، إلى أن إيران، التي تدعم مليشيات عسكرية تقاتل إلى جانب النظام السوري، تواجه عراقيل متنوعة مستقبلاً في الأراضي السورية، لافتا إلى أن البداية كانت مع اندلاع أزمة سوق النقد الأجنبي وانهيار العملة المحلية إلى أدنى مستوياتها التاريخية.
واعتبر التقرير أن استمرار انهيار التومان على مدار الأشهر الأخيرة بشكل غير مسبوق، وقلة المعروض من العملات الأجنبية مثل الدولار سيخلق أزمة لطهران في سوريا، في إشارة إلى صعوبة تدبير نظام الملالي النفقات الطائلة التي تصرف على المليشيات الشيعية المقاتلة بالأراضي السورية، التي على رأسها الحرس الثوري.
ورجح موقع "الدبلوماسية الإيرانية"، ازدياد الضغوط على إيران حال فرض عقوبات أمريكية مجدداً، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن العقوبات المالية الأمريكية لا تزال قائمة رغم الاتفاق النووي المبرم عام 2015، ما سيجعل من توفير العملة الأجنبية أمراً صعباً للغاية في المرحلة المقبلة، وفق قوله.
وبدأت شريحة واسعة من الإيرانيين مطالبة النظام بوقف تدخله في الشأن السوري، وعدم هدر المليارات من الدولارات على بقاء الأسد في السلطة. وظهرت مطالبة الشعب الإيراني لنظامه بالتركيز على الأوضاع الاقتصادية المتردية في الداخل، بدلاً من دعم المليشيات الطائفية بالمنطقة، من خلال الاحتجاجات الشعبية العارمة التي اندلعت في نحو 100 مدينة إيرانية مؤخراً.
خريطة القواعد والمليشيات في سوريا
تسعى إيران إلى تحويل الأراضي السورية إلى قاعدة كبرى تمارس من خلالها أنشطتها ومد نفوذها بالمنطقة، عبر دعم مليشيات وعناصر متطرفة فيها، حيث تتوزع قواعدها العسكرية في مختلف أنحاء سوريا، إضافة إلى إرسال مليشيات محلية وأجنبية موالية لطهران يزيد عددها على 50 فصيلا ويتجاوز عدد مسلحيها 60 ألفا، يعملون تحت قادة خبراء عسكريين إيرانيين لتنفيذ مخططات نظام الملالي التخريبية.
ويعد أبرز المشاركين في الأزمة السورية من تلك المليشيات "فيلق القدس" بقيادة قاسم سليماني، التابع للحرس الثوري الإيراني، ومليشيا حزب الله اللبناني، وبعض العراقيين المقيمين في منطقة السيدة زينب بريف دمشق الجنوبي،منذ مايو/أيار 2011، وسرعان ما جلبت طهران مرتزقة أجانب من أفغانستان، والعراق وغيرها.
البيت الزجاجي
وفي السياق ذاته، تتوزع القواعد العسكرية الإيرانية في كل أنحاء سوريا وأبرزها القاعدة الإيرانية العسكرية في مطار دمشق الدولي وتعتبر المقر الرئيسي للحرس الثوري الإيراني داخل مطار دمشق الدولي، ويطلق عليها اسم "البيت الزجاجي" ومن خلالها تسيطر إيران على إمداد مختلف المناطق السورية بالمقاتلين.
قاعدة حلب
أما القاعدة العسكرية الإيرانية في حلب فهي مقر مرتزقة المليشيات التي تستقدمها إيران إلى سوريا وتضم مليشيا "حزب الله" اللبناني و"حركة النجباء" العراقية.
القنيطرة
القاعدة الإيرانية في القنيطرة دشنها الحرس الثوري الإيراني مؤخرا، وتم توطين العديد من عائلات عناصر الميليشيات من العراق وإيران وأفغانستان في محيطها.
الثكنات
وتسعى إيران من خلال قواعدها في سوريا إلى السيطرة على المناطق الحدودية قرب إسرائيل، وهناك أيضا الثكنات العسكرية الإيرانية في البادية السورية ومن خلالها يمكن السيطرة على الطريق الدولي دمشق، وهي تحوي مئات المقاتلين من حركة الأبدال العراقية والقوة الجعفرية أبرز تلك الثكنات تقع في مناطق "ظاظا والسبع بيار وجليغم والشحمي".
قاعدة دائمة
وكشفت مصادر استخباراتية غربية، في فبراير/شباط الماضي عن أن إيران قامت ببناء قاعدة عسكرية دائمة أخرى خارج العاصمة السورية دمشق تحتوي على مخازن مستخدمة لتخزين الصواريخ.
ونشر موقع شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية صورا ملتقطة بالأقمار الصناعية من شركة "إيمجسات انترناشيونال"، لما يُعتقد أنه القاعدة الإيرانية الجديدة والتي تقع على بُعد 8 أميال شمال غرب دمشق، ويديرها فيلق القدس الإيراني.
المجتمع الدولي ضد إيران
لاقت الضربات التي وجهتها إسرائيل يوم الخميس لمواقع إيرانية تأييد المجتمع الدولي، الذي أدان التصعيد الإيراني على الأراضي السورية، واعتبر أن ذلك التصعيد "استفزاز"، وأن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها.
ففي الولايات المتحدة، حمل البيت الأبيض الحرس الثوري الإيراني كامل المسؤولية عن عواقب تصرفاته "المتهورة"، والهجمات الصاروخية الاستفزازية التي شنتها إيران من سوريا ضد إسرائيل.
وفي برلين، نددت الحكومة الألمانية، بإطلاق إيران صواريخ على مواقع إسرائيلية في هضبة الجولان السورية المحتلة، معتبرة، في بيان لوزارة الخارجية، أن ما حدث "استفزاز خطير من قبل إيران، وأن إسرائيل لها الحق في الدفاع عن النفس".
وفي لندن، قال المتحدث باسم رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي إن "بريطانيا تدين هجمات إيران على إسرائيل، وتطالب طهران بالامتناع عن أي هجمات أخرى".
ومن جانبه، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "نزع فتيل التصعيد" بين إسرائيل وإيران بعد توتر مفاجئ بين البلدين، موضحا أنه سيتباحث في هذا الصدد مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي سيلتقيها خلال النهار في مدينة آخن الألمانية بمناسبة تسليمه جائزة شارلمان.
وفي موسكو، دعت روسيا إسرائيل وإيران إلى "ضبط النفس"، معربة عن "قلقها"، وجاء على لسان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف: "لقد أقمنا اتصالات مع كل طرف، ونحن ندعوهم جميعا لضبط النفس".واعتبرت مجلة "لوبوان" الفرنسية، تلك الإدانات الغربية، تلويحا بتدخل أوروبي لإدارة الوضع في سوريا لوقف التصعيد بين إيران وإسرائيل.
سوريا.. مسرح الحرب بين إسرائيل وإيران
اعتبرت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية أن سوريا ستكون مسرحاً للمواجهات بين إسرائيل وإيران، موضحة أن تل أبيب تخشى من تصاعد النفوذ الإقليمي لطهران، وتوغل الجيش الإيراني قرب حدودها، وتعتبر منطقة عازلة استراتيجية بالنسبة لإسرائيل، كما أن سوريا تعد أيضاً فرصة لإيران لاستغلال مليشيا حزب الله، للعمل خارج حدودها.
وبحسب أستاذ الجغرافيا السياسية والباحث في مؤسسة هوفر بجامعة ستانفورد، فابريس بلانش، تعد هضبة الجولان إحدى مناطق الممر الطائفي الذي يصل بين إيران واليمن وسوريا والعراق ولبنان.
وبحسب "بلانش" فإن "الحرب في سوريا عام 2011، كانت نقطة تحول للمرة الأولى لحزب الله، حيث تحول لدعامة أساسية على أرض الواقع لحماية بشار الأسد، وذلك قبل التدخل الروسي عام 2015، بجانب القوات الإيرانية ومليشياتها"، موضحاً أن ذلك الأمر أثار قلق إسرائيل لاقتراب تلك القوى مع حدودها.
ولفتت الصحيفة إلى تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، منذ عدة أشهر، موضحة أنه "في مارس/آذار الماضي، اعترضت صواريخ سورية مضادة للطائرات مقاتلة إسرائيلية من طراز F-16، في حين أن عدة طائرات إسرائيلية كانت دخلت الأراضي السورية وضربت أهدافاً إيرانية ردا على اقتحام طائرة بدون طيار المجال الجوي لإسرائيل.