رفسنجاني هو الرجل الذي أوصل خامنئي إلى منصب المرشد في مجلس الخبراء بعد وفاة الخميني عام 1989 وطلب منه قراءة وصية الخميني.
تتزايد هذه الأيام دعوات التيار الإصلاحي إلى التحقيق في قضية وفاة هاشمي رفسنجاني، وقد شكك هذه الأيام نائب رئيس البرلمان الإيراني، علي مطهري نجل مرتضى مطهري المنظر الفكري للثورة، في الأسباب التي أدت إلى وفاة الرئيس الإيراني الأسبق والرئيس السابق لمجلس تشخيص مصلحة النظام في 8 كانون الثاني 2017، داعياً وزارة الأمن والاستخبارات إلى فتح هذا الملف وإجراء تحقيقات حول أسباب الوفاة "غير القابلة للتصديق"، على حد وصفه، وكتب مطهري هذا الأسبوع مقالا مفصلا في موقع "أسنا" حول وفاة رفسنجاني الغامضة.
الرواية الحكومية الرسمية لوفاة رفسنجاني هي تعرضه لسكتة قلبية في بركة سباحة تابعة لمجلس تشخيص مصلحة النظام، حيث كان رفسنجاني رئيسا للمجلس، لكن الكثيرين لاسيما من التيار الإصلاحي يشككون بتلك الرواية ويعتبرونه قد قتل عمدا عن طريق المرشد
وكانت دعوة مطهري رداً على تجمع يوم الجمعة الماضي في مدرسة "فيضية" الدينية بمدينة قم، حيث رفع رجال دين يافطة كتب عليها "يا من ترفع شعار التفاوض، انتظر مصيرك في بركة سباحة فرح"، في إشارة إلى وفاة هاشمي رفسنجاني المتعمدة في بركة سباحة تابعة لمجلس تشخيص مصلحة النظام، وتهديد الرئيس روحاني بتلقي نفس المصير في حال تفاوض مع أميركا حول الاتفاق النووي.
الرواية الحكومية الرسمية لوفاة رفسنجاني هي تعرضه لسكتة قلبية في بركة سباحة تابعة لمجلس تشخيص مصلحة النظام، حيث كان رفسنجاني رئيس المجلس، لكن الكثيرين لاسيما من التيار الإصلاحي يشككون بتلك الرواية ويعتبرونه قد قتل عمدا عن طريق المرشد، علما أن رفسنجاني يعتبر الرجل الأقوى في البلاد بعد المرشد كما يعتبر الزعيم الروحي للتيار الإصلاحي بمختلف شخصياته.
وقد كان رفسنجاني الرج-ل الأقرب إلى الخميني والذى أقنعه بضرورة إيقاف الحرب العدوانية على العراق عام 1988 بعد ثماني سنوات ضارية أحرقت الحرث والنسل، كما أن رفسنجاني كان متحالفا مع رفيق دربه خامنئي حيث إن تحالفهما قد أزاح بل قضى على مختلف شخصيات الثورة لتكون لهما الزعامة، لاسيما إزاحة المرجعيين منتظري وشريعتمداري عن الساحة السياسية تماما.
لم تكن دعوة مطهري إلا واحدة من دعوات كثيرة منها عائلة رفسنجاني خصوصا ابنتيه فائزة وفاطمة القائلة "الرواية الرسمية مخالفة للحقائق التي نعرفها"، وتم تداول ذلك بشكل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي الإيرانية، علما بأن الأجهزة الأمنية قد اقتحمت بيت رفسنجاني عند وفاته وأخذت بالقوة جميع الوثائق المهمة والأوراق الخاصة لاسيما وصيته التى أخفتها عن عائلته وعن الشعب.
وكان رفسنجاني هو الرجل الذي أوصل خامنئي إلى منصب المرشد في مجلس الخبراء بعد وفاة الخميني عام 1989 وطلب منه قراءة وصية الخميني وادعى أنه استمع من الخميني ليتحدث عن خامنئي حتى ينال منصب المرشد رغم رفض الكثير من مجلس الخبراء تعيين خامنئي مرشدا.
وقد بان الخلاف بين رفسنجاني وخامنئي إلى العلن أيام الثورة الخضراء عام 2009 حيث انحاز رفسنجاني إلى الثورة الخضراء وبدأ يتحدى المرشد المنحاز بطبعه إلى أحمدي نجاد والذي قال "إن اليد الإلهية تدعم نجاد"، رغم أن وزارة الداخلية أعلنت مسبقا خسارة نجاد وفوز مير حسين موسوي الذى بات في الإقامة الجبرية كرفيقه مهدي كروبي إلى يومنا هذا والمطالبة بإعدامهما من المحافظين.
وبدأ رفسنجاني يتعرض لعدم صلاحية خامنئي لهذا المنصب ومحاولة رفسنجاني إزاحة المرشد من خلال مجلس الخبراء، لكن الحظ لم يحالفه والنصاب لم يكن لصالحه، مما جعل خامنئي يكيد له ويغمز علنا متهما بالعمالة للغرب لاسيما بريطانيا، واعتقال المحسوبين عليه لاسيما ابنه محسن وابنته فائزة هاشمي رفسنجاني رئيسة صحيفة "المرأة اليوم".
ثم أخرجت عائلة رفسنجاني مؤخرا شريطا تسجيليا خطيرا لأول مرة إلى العلن يظهر كيفية انتخاب خامنئي لمنصب المرشد في مجلس الخبراء من خلال هاشمي رفسنجاني نائب رئيس مجلس الخبراء الذى تصدى لإدارة الجلسة ولإزاحة الشخصيات المهمة، وإقناع المجلس بخامنئي رغم رفض الكثيرين والحديث الواضح أن خامنئي ليس فقيها ولا مجتهدا ولا مؤهلا فكيف يكون ولي الفقيه، فيقترح أخيرا رفسنجاني بأنه مؤقت حتى يتم الانتخاب لولي الفقيه من قبل الشعب بشكل مباشر، وهذا لم يحصل أبدا، وهو يكشف عدم شرعية ولي الفقيه فهو ليس فقيها ولم يكن مؤقتا بل دائما ولا انتخاب للشعب بعد ذلك، بل لم يطلع الشعب على تلك الحقائق كل هذه السنين مخدوعا ومكذوبا عليه، وسقطت شرعية النظام والمرشد تماما، وهذا يفسر أيضا المظاهرات الأخيرة المتصدية للمرشد وحرق صوره ورفض الوجهين الإصلاحي والمحافظ، وحرق صور رموز النظام ومليشياته وأتباعه مثل قاسم سليماني وحسن نصر الله.
كما كان وصول خامنئي لمنصب المرشد فضيحة كبيرة، تخرج فضيحة أخرى من العيار الثقيل وهي مقتل رفيق دربه هاشمي رفسنجاني حيث اشتركا "خامنئي ورفسنجاني" فترة طويلة في إزاحة وتصفية أهم شخصيات الثورة مثل مرتضى مطهري ومحمد حسين بهشتى ومحمد جواد باهنر ومحمد علي رجائي وحسين علي منتظري ومحمد كاظم شريعتمداري، وحزب الجمهورية الإسلامية، ورئاسة الوزراء وعشرات غيرها، ولقد أشرت لذلك في في كتابينا "إيران من الداخل" و"الإمبراطورية الفارسية صعود وسقوط".
وبات صراع المسؤولين على السلطة مكشوفا والنظام يأكل أبناءه وفضح بعضهم بعضا وانكشف فسادهم وتقيتهم وطغيانهم بعد أربعة عقود قاتمة، وانتفاضة الشعب عليهم قادمة لا محالة، فالنظام في أضعف مراحله حتى يأذن الله بسقوط نظام ولاية الفقيه قريبا كما يتوقع الخبراء من الداخل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة