للأسف، أنه غالباً ما يحمل النظام الإيراني منذ وصوله إلى السلطة في عام 1979 الجزء الأكبر من مسؤولية الفوضى الأمنية والسياسية في المنطقة.
يقودنا تضييق الخناق الدولي على النظام الإيراني إلى الحديث عن احتمالات حلحلة بعض القضايا التي كانت تمثل صورة نمطية عن منطقة الشرق الأوسط ومنطقة القرن الأفريقي مثل الحروب الأهلية وأنها بيئة مناسبة لتكاثر الأفكار المتطرفة والتنظيمات الإرهابية مثل تنظيمي داعش والقاعدة.
التفاصيل الحاصلة في اليمن منذ دخول قوات التحالف العربي في 2015 لإعادة الشرعية في اليمن من الحوثيين إحدى الأذرع الإيرانية في المنطقة، لفتت أنظار الإعلاميين والسياسيين في العالم حول المسبب الرئيسي للفراغ الذي كانت تعيشه المنطقة أمنياً خاصة في الجزر البحرية المنتشرة في المنطقة القريبة من اليمن، والتي كانت نتائجها القرصنة الدولية للسفن التجارية وكذلك تركز تنظيمي القاعدة وداعش هناك هروباً من الحملات العسكرية في أفغانستان والعراق، وزاد هذا الالتفات مع التصاعد التدريجي للعقوبات الاقتصادية على إيران حيث إن الحديث عن تراجع خطر العمليات الإرهابية في العالم جاء على خلفية التضييق العسكري والأمني والسياسي على إيران في تلك المنطقة.
نتائج التضييق على السياسة الإيرانية الإيجابية بدأ الجميع يدركها من خلال الإشارات لحلحلة الأزمات والقضايا المفتوحة من عقود ويعول الكثيرون من أبناء هذه المنطقة على أن تسهم العقوبات المنتظرة في نوفمبر القادم في تعديل سلوك النظام الإيراني وبالتالي تغيير الصورة النمطية عن هذه المنطقة
وبالتالي فإن التطورات السياسية الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط تدفع إلى الحديث عن ميلاد جديد للمنطقة خاصة في العراق والقضية الفلسطينية وعودة هدوء –ولو نسبي- في المنطقة على اعتبار أن التطرف والإرهاب قضايا ليست من السهل القضاء عليها كاملة، وبالتالي يكون الحديث عن محاولات الصومال اللحاق بترتيبات المصالحة السياسية الجديدة التي تتم في منطقة القرن الأفريقي التي تبلورت معالمها مع الاتفاق التاريخي لإنهاء الحرب الإثيوبية-الإريترية التي نالت دعماً دولياً كبيراً يفسر أن الاصطفاف السياسي لمصالح الدول، وأن التنظيمات الخارجة عن النظام الدولي والتي كانت تدعمها أنظمة معروفة بتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول وفق نظرية "دعم المستضعفين" أو الدول التي تدور في فلكها لا تخدم الأنظمة ولا تلقى قبولاً من الشعوب.
النقطة المهمة هنا، أن هذه التطورات التي تلقى اهتماما إعلاميا وسياسيا عالميا جاءت لتمثل اختباراً حقيقيا لمدى صحة الرؤية الاستراتيجية لدول التحالف العربي، وحقيقة تصورها بأن الحد من التمدد الإيراني في الدول التي تعاني فراغاً سياسياً مثل العراق ولبنان وسوريا ودول القرن الأفريقي هو أفضل وسيلة لإيجاد حلول نهائية لبعض الأزمات والقضايا، وذلك من خلال إشراك المجتمعات التي تعاني منها وبهذه النتيجة يكون التحالف العربي قد كسب الرهان لكنه يحتاج إلى المزيد من الدعم الدولي للقضاء على الأذرع الإيرانية بالكامل.
للأسف، أنه غالباً ما يحمل النظام الإيراني منذ وصوله إلى السلطة في عام 1979 الجزء الأكبر من مسؤولية الفوضى الأمنية والسياسية في المنطقة وأحيانا في زعزعة الاستقرار في المجتمعات الغربية من خلال سياسة الاغتيالات السياسيين من منطلق أنه نظام لا يعرف الاستمرارية بالاستقرار لأنه لا يملك ما يفي به الشعب الإيراني لوعوده التي أطلقها منذ نجاح ثورته قبل أربعة عقود، واليوم هو يعيش حالة من تلك الثورة بعد أن دخل التجار "البازار" ضمن الاعتصامات ونزولهم في المظاهرات بعد هبوط قيمة العملة الإيرانية بفعل العقوبات.
هناك إقرار من أغلب المراقبين بأن النظام الإيراني هيأ منطقة الشرق الأوسط بأكملها لخدمة أهدافه من خلال منهجين؛ الأول: استغلال الخارجين عن النظام الداخلي مثل الأقليات الطائفية التي تبحث عن دور سياسي لها وتدعمها ماليا ولوجستيا، ويتم التعامل معها وفق موقف النظام الإيراني وعلاقته مع الدول الام لهم مثل حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن، بحيث تهدأ انفعالات هذه التنظيمات مع هدوء العلاقات مع إيران والعكس صحيح.
والأسلوب الثاني: استضافة قادة التنظيمات المصنفة إرهابياً عالمياً مثل تنظيم القاعدة وداعش ويتم استغلالهم وفق المصلحة السياسية للنظام، مستفيدة في ذلك من الدخل المالي لإيران من خلال دعمهم مالياً وهذا ما كان واضحاً بعد توقيع الاتفاقية النووية مع الدول الغربية حيث زادت طموحات التمدد الإيراني في المنطقة لابتزاز العالم.
نتائج التضييق على السياسة الإيرانية الإيجابية بدأ الجميع يدركها من خلال الإشارات لحلحلة الأزمات والقضايا المفتوحة من عقود ويعول الكثيرون من أبناء هذه المنطقة على أن تسهم العقوبات المنتظرة في نوفمبر القادم في تعديل سلوك النظام الإيراني وبالتالي تغيير الصورة النمطية عن هذه المنطقة التي ما يزال الكثيرون يعتبرونها المنطقة الأخطر في العالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة