رئيسي أم خامنئي.. لمن الحكم في إيران؟
على طبق من فضة قدمه مرشد إيران علي خامنئي، تسلم إبراهيم رئيسي مقاليد الحكم في طهران لكن إلى أين وصلت الأمور اليوم؟
يبدو جليا أن حكومة رئيسي يقع على عاتقها تنفيذ مجموعة غامضة من المراسيم الاقتصادية الصادرة عن مكتب خامنئي أو الاكتفاء بنظرة سريعة على سطور تصريحات المرشد قبل دخولها حيز التنفيذ.
فعندما أعلن ترشحه للرئاسة في مايو/أيار 2021، كان إبراهيم رئيسي المرشح المفضل للمرشد الإيراني، وبالفعل تسلم الوظيفة بعد شهر فقط في انتخابات جرى تصميم عباءتها بيد "خامنئي" بعناية وارتداها الرئيس الجديد.
انتخابات رئاسية شهدت تراجع إقبال الناخبين إلى مستوى تاريخي، مما كشف عن قناعة الإيرانيين بأن الأمر ليس سوى خدعة. ومنذ البداية، لم يكن الشاغل الرئيسي لـ"رئيسي" هو الرأي العام في بلاده، بل استمرار السير في ركاب المرشد، وفقا لمجلة فورين بوليسي.
وخلال عامه الأول في المنصب، كان الرئيس إبراهيم رئيسي هو الجندي المخلص الذي تصوره خامنئي، والذي لم يشق عصا الطاعة. وبشكل عام، كان رئيسي على استعداد لتحمل كل الإخفاقات السياسة التي تقع فعليًا خارج سيطرته.
تمتد هذه الإخفاقات عبر نطاق كامل، من ارتفاع معدل التضخم وتوقف المحادثات النووية إلى افتقار رئيسي إلى الرؤية في معالجة المظالم الشعبية. في الوقت نفسه، شهدت السنة الأولى له الحرب الروسية الأوكرانية وتصاعد التوترات الأمريكية مع كل من موسكو وبكين.
كبش فداء
وقد منح هذا الاضطراب الجيوسياسي في أماكن أخرى خامنئي سببًا للاعتقاد بأن قبضة العقوبات الأمريكية على إيران ستنهار قريبًا وأن بمقدوره الاستمرار في مسار سياسته. وفي حال لم يتمكن من ذلك، فسيظل رئيسي كبش فداء. هذا هو الواقع البسيط والمحزن بالنسبة لرئيس إيران، وفقا للمجلة الأمريكية.
وتقول مجلة فورين بوليسي إن "الحقيقة المجردة تشير إلى أن الكارثة الاقتصادية لإيران هي نتاج السياسة الخارجية للنظام التي تسببت في العزلة، والتي تقع خارج سيطرة رئيسي والبرلمان. الرجل الذي يصوغ موقف طهران الاستراتيجي تجاه العالم الخارجي هو خامنئي، باعتباره المرشد الأعلى منذ عام 1989 وهو المسؤول الأكبر عن فصل إيران عن الاقتصاد العالمي".
وترى كذلك أن الشباب والطبقات الوسطى في إيران كانوا المحرك للاحتجاجات في الشوارع ضد النظام، لكن السنة الأولى لرئيسي في المنصب، ومع استمرار تعثر الاقتصاد، جاءت أغلب الاحتجاجات من المقاطعات والطبقة العاملة.
وفي الوقت الراهن، يبدو واضحا أن خامنئي، صاحب القول الفصل في كل أمور الدولة، ويعتقد أن تقديم التنازلات للجمهور الإيراني - أو للقوى الخارجية مثل الولايات المتحدة - ستؤدي فقط إلى المطالبة بالمزيد من التنازلات.
في غضون ذلك، يحمي الدور الفخري لـ"خامنئي" كمرشد ديني للنظام السياسي من تحمل اللوم، والذي يمكن بدلاً من ذلك إلقائه على "رئيسي" وحكومته، والذي لن يرفض هذا اللوم ولا يتوقع أن يفعل ذلك فهو مدين بكل شيء لخامنئي، وهو يعرف ذلك، بحسب تقرير المجلة.
الرئيس المهمش
في مجال السياسة الخارجية، يلعب إبراهيم رئيسي دورا هامشيا، وينطبق هذا على قضايا السياسة الخارجية الرئيسية، مثل المحادثات النووية مع الأمريكيين، أو في تشكيل سياسة طهران الاستراتيجية تجاه روسيا والصين.
ووفقا لمجلة فورين بوليسي فإنه لا تزال هذه السياسات الإيرانية تتشكل بشكل كبير من خلال قراءات وحسابات خامنئي والحرس الثوري.
ويعرف رئيسي، بالطبع، أن الرصاصة الفضية التي ستساعد في مكافحة التضخم هي رفع أهم العقوبات على إيران، مثل حظر صادراتها النفطية أو استبعادها من البنوك العالمية، لكنه لا يملك القوة للدفع باتجاه اتفاق نووي متجاوزا خامنئي.
حقيقة الأمر أن رئيسي لا يملك حتى الآن أي إنجاز في مجال السياسة الخارجية - وفقا للمجلة - وقد كان قبول إيران في منظمة شنغهاي للتعاون التي تقودها روسيا والصين في سبتمبر/ أيلول 2021 يتعلق بحسابات موسكو وبكين تجاه الولايات المتحدة أكثر من كونه يتعلق برؤية رئيسي السياسية.
كانت أحدث مواجهة مفتوحة بين رئيسي وخامنئي في أبريل/ نيسان الماضي، عندما سربت الدائرة المحيطة بالرئيس الإيراني معلومات محرجة عن رحلة تسوق باهظة في تركيا لعائلة رئيس البرلمان محمد قاليباف، أحد الشخصيات المقربة من خامنئي ومنافس لرئيسي، على الرغم من انتمائهما إلى نفس الفصيل المتشدد في النظام.
كل هذا يثير السؤال: ما هي خطة رئيسي للبقاء في القصر الرئاسي وربما حتى الحفاظ على اسمه في السباق لخلافة خامنئي كمرشد أعلى عندما يأتي اليوم؟
الجواب واضح ببساطة وقدمته المجلة الأمريكية: إنه يقبل أن تكون ولايته الرئاسية رهينة بيد خامنئي، وقد كان هذا أسلوب عمل رئيسي في سنته الأولى في المنصب، ومن غير المرجح أن يتغير في أي وقت قريب.
aXA6IDE4LjIxNi40Mi4xMjIg
جزيرة ام اند امز