احتجاجات إيران تغذّي المواجهة بين روحاني وخامنئي
ما إن اندلعت الاحتجاجات الإيرانية، نهاية الأسبوع قبل الماضي، حتى ظهر التباين بين خطابات المتشددين والمعتدلين
غذّت الاحتجاجات المتواصلة في إيران، الانقسامات بين الإصلاحيين الذين يتزعمهم الرئيس حسن روحاني والمحافظين المدعومين من المرشد الأعلى علي خامنئي، ما يهزّ تماسك نظامهما السلطوي.
وما إن اندلعت الاحتجاجات، نهاية الأسبوع قبل الماضي، حتى ظهر التباين بين خطابات المتشددين الذين ردوها إلى ما أسموها "مؤامرة خارجية"، والمعتدلين الذين أقروا نسبيا بمشروعية المطالب الشعبية.
فبينما قال روحاني إن الإيرانيين لهم الحق في الاحتجاج السلمي، كان كبار مسؤولي المؤسستين الدينية والأمنية، المرتبطتين عضويا، يتباهون بحملة القمع التي راح ضحيتها عشرات الأشخاص.
ويعتقد مطلعون على الشأن الإيراني، أن سعي الرئيس لاستمالة المحتجين الذين انتقدوا علنا، وفي خطوة نادرة، أداء خامنئي، لإدراكه أن أحد أسباب التحرك الشعبي هو الإحباط من عدم تنفيذ وعوده الإصلاحية.
وكان روحاني قد فاز بولاية ثانية العام الماضي، بعد حملة انتخابية سوّقت لإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، لكن كبر عليه تطبيقها، بالنظر إلى محدودية سلطاته مقارنة بالمرشد الأعلى.
ومع تواصل المظاهرات دون أي معالجة لأسبابها، احتشدت وسائل الإعلام الإيرانية بتصريحات للرموز الدينية والأمنية، لاسيما قادة الحرس الثوري، تصف المحتجين بأنهم "عملاء".
وبالمقابل، عاد روحاني، أمس الإثنين، للتأكيد مرة أخرى أن مطالب المحتجين تتعدى القضايا الاقتصادية إلى إصلاحات اجتماعية، طالما يتخوف منها نظام عُرف بأيدلوجيته المتزمتة.
وفي إشارة ضمنية على الأرجح، للانتقادات التي طالت رمز نظام ولاية الفقيه، قال روحاني إن الإيرانيين يجب أن يكون لهم الحق في انتقاد جميع المسؤولين دون استثناء.
لكن تصريحات الرجل سبقها إعلان حميد شهرياري، مساعد رئيس السلطة القضائية، التي تأتمر بأمر خامنئي، اعتقال كل قادة الاحتجاجات، توطئة لمعاقبتهم التي قد تشمل الإعدام.
وتسلط تصريحات روحاني المتحدية للمحافظين، المدعومين من المرشد الأعلى، السجالات الآخذة في الاتساع بينه وخامنئي.
والعام الماضي، خلال الاحتفالات بالذكرى الـ 28 لوفاة مؤسس النظام آية الله الخميني، انتقد خامنئي أطروحات روحاني في حملته الانتخابية، قائلا "نسمع البعض يكرر شعارات العقلانية ضد الشعارات الثورية، وكأن العقلانية النقطة المضادة للثورية".
ومنتقدا جهود روحاني التي أفضت إلى إبرام الاتفاق النووي، الذي دأب المحافظون على التشكيك في جدواه، أضاف "الثورية تعني ألا تكون أهداف المسؤولين رضا القوى الكبرى".
وبعد أيام، جاء رد روحاني مستشهدا بقبول الخميني نفسه وقف الحرب مع العراق، بناءً على قرار مجلس الأمن، معتبرا أن "التضحية بالأرواح والشجاعة في ميادين الحرب خطوة صعبة، لكن حفظ السلام أصعب".
وبحسب تقرير أعدته وقتها صحيفة الغارديان البريطانية، فإن خامنئي عاود الهجوم على روحاني، بشكل أكثر حدة، أثناء اجتماع مع كبار المسؤولين والوزراء الإيرانيين.
وفي حينها، تساءل المرشد "إلى من يشير الرئيس حينما يذكر الخطوات التي ينبغي اتخاذها؟"، قبل أن يجيب بسخرية "إلى نفسه"، لينفجر الحاضرون بالضحك، بينما يبتسم روحاني في استياء واضح.
وفي مناسبة أخرى، هدد المرشد بأن "الجهاز المركزي عندما يصاب بالخلل، فإن القوى الثورية لديها حرية إطلاق النار"، مقابل إعلان روحاني أن "الشرعية السياسية للزعيم الديني تقررها إرادة الشعب".
ونُظر إلى تصريح الرئيس على نطاق واسع بأنه تشكيك في شرعية نظام ولاية الفقيه، الذي يرهن السلطة السياسية للسلطة الدينية، ما أثار ردود أفعال غاضبة وسط المحافظين.
وبلغت المساجلات ذروتها عندما حذر المرشد من تكرار تجربة 1980، العام الذي عزل فيه الخميني أول رئيس للبلاد بعد ثورة 1979، أبو الحسن بني صدر، بتهمة موالاة الغرب.