تحول في انتخابات إيران.. الاتفاق النووي والعقوبات «نقاط ساخنة»
في نقطة تحول بطلها جواد ظريف، قفزت ملفات الاتفاق النووي والعقوبات الغربية إلى صدارة المشهد في حملة الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
وبعد أن كانت القضية النووية والتأثير المعوق للعقوبات على الاقتصاد الإيراني بعيدين عن حملة الانتخابات الرئاسية إلى حد كبير، تحولا بشكل مفاجئ إلى جزء مهم من المناقشات والمناظرات خلال الأيام الماضية.
جاءت نقطة التحول يوم الإثنين الماضي، عندما دخل وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف بجرأة إلى المشهد الانتخابي إلى جانب المرشح الإصلاحي، مسعود بيزشكيان، بخطاب قوي خلال نقاش متلفز.
ودافع ظريف، الذي لطالما أصر على أن اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة مع القوى العالمية (الاتفاق النووي الموقع 2015)، تم توقيعه بموافقة المرشد الأعلى علي خامنئي الكاملة، عن إدارة الرئيس الأسبق حسن روحاني وأدائه في صياغة الاتفاق، ونتائج الأخير الاقتصادية المباشرة.
كما عرض بعض الرسوم البيانية لإثبات أن الاتفاق ورفع العقوبات ساعدا في نمو الاقتصاد الإيراني في عامي 2016 و2017.
وأكد ظريف أن قدرة الحكومة المتشددة على بيع المزيد من النفط منذ عام 2021، والتي تفتخر بها كثيرًا، كانت فقط بسبب تخفيف الرئيس الأمريكي جو بايدن للعقوبات الاقتصادية.
ظريف، الذي شغل منصب وزير الخارجية في عهد الرئيس حسن روحاني (2013-2021)، هو مهندس الاتفاق النووي الإيراني، الذي هلل له الإيرانيون عند التوقيع عليه في عام 2015.
وانتعش الاقتصاد الإيراني في السنوات الثلاث التالية على توقيع هذه الصفقة، إلى أن انسحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق في عام 2018 وفرض عقوبات أكثر صرامة على إيران.
بدوره، يقول المرشح بيزشكيان الذي يحظى بدعم ظريف، إن الدبلوماسية هي أفضل طريق لتخفيف العقوبات وتحقيق التقدم الاقتصادي.
ومن خلال تجنيد ظريف في حملته، يرسل بيزشكيان إشارة إلى الولايات المتحدة والغرب، وكذلك إلى الإيرانيين، حول تغيير محتمل في مسار السياسة الخارجية الإيرانية إذا فاز بالرئاسة، وفق موقع "إيران انترناشونال".
"رد متشدد"
وردا على تصريحات ظريف، قال المرشح المتشدد سعيد جليلي، الثلاثاء الماضي: "سمعت اليوم أن [أحدهم] قال إن ترامب [هو من فرض العقوبات على إيران] وأن [جو] بايدن كان له نهج مختلف. لماذا لم تواصلوا [محادثاتكم مع بايدن] خلال الأشهر التسعة التي قضيتموها (أي حكومة روحاني) في السلطة عندما كان بايدن [رئيسًا]؟".
وأضاف جليلي: "لم يكتفِ بايدن بعدم رفع عقوبات ترامب فحسب، بل فرض عشرات العقوبات الأخرى".
لكن جليلي لم يلمس كبد الحقيقة في حديثه، إذ شاركت إدارة روحاني بالفعل في محادثات غير مباشرة مع الولايات المتحدة في الفترة من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران 2021، لكنهما لم يتوصلا إلى اتفاق قبل نهاية ولايته وانتخاب إبراهيم رئيسي الذي تولى الرئاسة في أغسطس/آب من ذلك العام.
في السياق ذاته، قال المرشح المتشدد علي رضا زاكاني، "تصريحات السيد ظريف كانت خاطئة وغير عادلة".
وفي اجتماع يوم الأربعاء الماضي مع وزرائه السابقين، اتهم الرئيس السابق حسن روحاني، جليلي والمرشحين المتشددين الثلاثة الآخرين، وهم زاكاني ومحمد باقر قاليباف وأمير حسين غازي زاده، بأنهم لا يؤمنون إلا بـ"الحرب والمواجهة".
وقال روحاني: "يقولون إنه لا سبيل أمامنا سوى القتال ومواجهة القوى العالمية وهزيمتها، وإن [إيران] لن تفوز أبدًا في الأمم المتحدة والمفاوضات مع الدول الكبرى".
وبالإضافة إلى التيار الإصلاحي، تطرق المرشح الرئاسي المحافظ مصطفى بور محمدي في مائدة مستديرة اقتصادية، الأربعاء الماضي، إلى قضية الاتفاق النووي والعقوبات.
وقال محمدي، إن حكومته (إذا فاز) ستكمل الأعمال "غير المكتملة" لخطة العمل المشتركة الشاملة، التي وصفها بأنها "ليست مثالية"، بينما اتهم المتشددين بتخريب المحادثات.
وقال بور محمدي الذي يصر على أنه سيتفاوض حتى مع "ألدّ الأعداء": "الضغوط والأضرار [الناجمة عن العقوبات] خطيرة وبعض التصرفات غير الحكيمة زادت من الأضرار".
وفي الـ28 من الشهر الجاري، يتوجه الناخبون الإيرانيون لصناديق الاقتراع لاختيار خليفة للرئيس الراحل إبراهيم رئيسي الذي قتل في حادث تحطم مروحية قبل أسابيع.
وقبل أيام، وافق مجلس صيانة الدستور على 6 من بين 80 مرشحا مسجلا، وكان النائب مسعود بيزشكيان هو الإصلاحي الوحيد في القائمة.
أما الباقون فهم من المحافظين، وهم: رئيس البرلمان والضابط السابق في الحرس الثوري الإيراني محمد باقر قاليباف، والمفاوض النووي السابق سعيد جليلي، وعمدة طهران علي رضا زاكاني، ورجل الدين مصطفى بور محمدي، ونائب الرئيس أمير حسين غازي زاده هاشمي.