"باليستي" إيران يهدد الاتفاق النووي الهش
تطوير إيران للصواريخ الباليستية وتهريبها لوكلائها في المنطقة، لم ينتهك "روح" الاتفاق، بل ينتهك "جسد" الاتفاق الذي يحظر هذا النشاط.
أنهت تصريحات السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة نيكي هيلي، أمس الخميس، بأدلة قاطعة، عرضتها خلال مؤتمر صحفي، الجدل حول تزويد إيران مليشيات الحوثي في اليمن بصواريخ باليستية.
الأدلة الأمريكية تجعل من الصعوبة الاستمرار في الاتفاق النووي الهش الذي توصلت إليه القوى العظمى بعد مفاوضات ماراثونية مع إيران في يوليو/تموز عام 2015، وهو ما سبق أن أكده البيت الأبيض وإدارة الرئيس دونالد ترامب مرارا.
منذ وصول الرئيس الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مطلع العام الجاري، تنتقد الإدارة الأمريكية الاتفاق النووي المبرم عام 2015 في عهد سلفه الديمقراطي باراك أوباما، وقدم ترامب لائحة طويلة من الاعتراضات بشأن الاتفاق الذي وصفه بأنه "عار".
باليستي إيران ينتهك الاتفاق
الاعتراضات الأمريكية على الاتفاق النووي مع إيران تشمل دعم طهران للإرهاب والتطرف في المنطقة، ومساعدة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، عبر مليشياتها لارتكاب جرائم وفظاعات ضد الشعب السوري، ودورها في زعزعة الاستقرار في دول أخرى مثل دعم "حزب الله" في لبنان ومليشيا الحوثي في اليمن.
بالإضافة إلى التهديدات الإيرانية المتكررة لحرية الملاحة، والقرصنة المعلوماتية، وانتهاكات حقوق الإنسان، والاعتقال العشوائي لرعايا أجانب، وكلها ممارسات تنتهك بحسب الوصف الأمريكي "روح" الاتفاق، لأن الاتفاق كان هدفه تشجيع الاستقرار والأمن في المنطقة.
- أمريكا: نسعى لتشكيل تحالف دولي لمواجهة خطر إيران
- عودة إيران إلى عزلتها القديمة تمر عبر كوريا الشمالية
تطوير إيران للصواريخ الباليستية وتهريبها بالإضافة لأسلحة أخرى لوكلائها في المنطقة، لم ينتهك "روح" الاتفاق، بل ينتهك "جسد" الاتفاق الذي اشتمل أحد بنوده على حظر استيراد أجزاء يمكن استخدامها في برنامج إيران للصورايخ الباليستية لمدة 8 سنوات، وحظر استيراد الأسلحة لمدة 5 سنوات.
وفي حين يرى الديمقراطيون الأمريكيون أنه ينبغي فرض عقوبات بسبب برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني أو انتهاكات طهران لحقوق الإنسان بعيدا عن الاتفاق النووي، يرى الجمهوريون أن تجارب الصواريخ الباليستية التي أجرتها إيران في الفترة الأخيرة والتي شملت صواريخ قادرة على حمل أسلحة نووية، تنقض الاتفاق النووي من الأساس، كما تتحدى قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2231) الذي صادق بموجبه مجلس الأمن على الاتفاق، وطالب طهران بعدم تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.
تورط إيران بالأدلة
خلال المؤتمر الصحفي من قاعدة "أناكوستيا" العسكرية وقفت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، أمس الخميس، أمام أجزاء من الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون على العاصمة السعودية الرياض، مؤخرا والذي لاقى تنديدا واستنكارا إقليميا ودوليا.
وقالت هيلي، خلال المؤتمر الصحفي: "خلفي بقايا تم العثور عليها لصاروخ أطلقه المقاتلون الحوثيون في اليمن على السعودية"، قبل أن تستعرض تقريرا يرصد أدلة تثبت أن إيران أمدت الحوثيين بأسلحة تقليدية وصواريخ باليستية إيرانية الصنع.
وأضافت المندوبة الأمريكية: "لقد صُنع في إيران، ثم أُرسِل إلى الحوثيين في اليمن".
وحول الخطوات المقبلة لإدارة ترامب بشأن الاتفاق النووي الإيراني، قالت هيلي: "الرئيس ترامب أكد أن إيران لا تفي بالتزاماتها فيما يتعلق ببرنامج الصواريخ والدعم الذي تقدمه إيران للإرهاب، وإيران تتخفى وراء الاتفاق النووي، والجميع ركز على الاتفاق النووي وما نقدمه اليوم من أدلة يجب أن يفتح العيون للتهديدات الإيرانية، ومجلس الأمن الدولي والكونجرس والمجتمع الدولي سوف ينظرون في سبل للتصدي لهذه الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار".
وشددت هيلي على أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الانتهاكات الإيرانية، وستعمل بالتنسيق مع المجتمع الدولي من أجل تشكيل تحالف دولي لمواجهة التهديد الإيراني.
وأضافت أن "كل الأمور لا بد من ربطها بالاتفاق النووي، وما نقوله إن الجميع لم يتحركوا خوفا من انسحاب إيران من الاتفاق النووي، لكننا سنواصل بناء الدعم لمحاسبة إيران على كل أنشطتها".
وتابعت هيلي أن شركاء واشنطن يرون الآن أن الرئيس ترامب كان محقا في موقفه من إيران، ويدركون أن هذا الصاروخ بإمكانه إصابة أي عاصمة في العالم، ولا يمكنهم الآن أن يديروا ظهورهم لهذه المشكلة.
فشل الاتفاق بشهادة الحلفاء
في دليل جديد دامغ على خطورة الأدلة التي كشفتها واشنطن على استمرار سريان الاتفاق النووي، خرجت روسيا حليف إيران عن صمتها وقال وزير خارجيتها، سيرجي لافروف، في كلمة له أمام مجلس الاتحاد الروسي، اليوم الجمعة، إن "إلغاء الاتفاق النووي الإيراني، يُرسل إشارة غير صحيحة حول وضع كوريا الشمالية".
وتأتي تصريحات لافروف قبل أقل من شهر على كلمة له حول الموضوع نفسه أكد فيها أن بلاده تعتقد أن الاتفاق النووي الإيراني يقع تحت خطر الانهيار.
وقال لافروف خلال اجتماع المجلس الروسى للشؤون الخارجية: "تقع تحت خطر الانهيار اتفاقات كبيرة، التي نعتبرها مثالا على التفاعل البنّاء متعدد الأطراف، وأنا أتحدث بشكل خاص عن الوضع حول برنامج النووي الإيراني".
نهاية مهلة ترامب
تنتهي دون حل هذا الأسبوع مهلة الـ"60 يوما" للكونجرس التي حددها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لمعالجة الثغرات الواردة في الاتفاق النووي الإيراني، خصوصا ما يتعلق بقدرة إيران بعد 8 سنوات على استئناف جزء من برنامجها النووي، وما يتعلق بالعقوبات الأمريكية ضد إيران التي تم تعليقها، مؤكدا أنه في حال عدم توصل الكونجرس والمشاورات مع الحلفاء إلى قرار حول معالجة الثغرات في الاتفاق؛ فإن الصفقة ستُلغى.
وبذلك يعيد الكونجرس الكرة مرة أخرى إلى ملعب ترامب الذي سيتعين عليه أن يقرر في منتصف يناير/كانون الثاني المقبل، ما إذا كان يريد مواصلة إعفاء إيران من عقوبات تتعلق بقطاع الطاقة، وإذا لم يفعل ترامب ذلك؛ فإنه سينسف الاتفاق الذي حصلت إيران بموجبه على إعفاء من عقوبات في مقابل كبح طموحاتها النووية.
aXA6IDE4LjExNy4xOTIuNjQg جزيرة ام اند امز