خامنئي يهاجم روحاني وظريف.. النووي يعمق الانقسام
في انعكاس لحالة الانقسام الداخلي بهيكل نظام طهران، خامنئي ينتقد رئيس البلاد ووزير الخارجية بسبب الاتفاق النووي المبرم في 2015.
في انعكاس لحالة الانقسام الداخلي بين رؤوس السلطة بهيكل نظام ولاية الفقيه المسيطر على حكم إيران منذ عام 1979، انتقد المرشد الإيراني علي خامنئي علانية كلا من رئيس البلاد حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف على خلفية الاتفاق النووي المبرم بين طهران وقوى عالمية قبل 4 سنوات.
وفي حديث وسط حشد الطلاب الجامعيين (أغلبهم موالون لمليشيا الباسيج)، مساء الأربعاء، قال خامنئي -صاحب أعلى السلطات في إيران- بشكل واضح إن "الطريقة التي عمل بها روحاني وظريف لم تكن مقنعة للغاية بالنسبة له خلال مراحل التفاوض النووي مع الدول الغربية".
ولفت إلى أنه (خامنئي) وجه لهما تذكيرا مرارا في هذا الصدد، حسبما نقلت وكالة أنباء تسنيم المقربة من مليشيا الحرس الثوري الإيراني.
وإن بدا هروبا مكررا من تحمل مسؤولية تداعي الاتفاق النووي الإيراني الموقع مع قوى عالمية، لكنها المرة الأولى التي يهاجم فيها مرشد طهران بشكل علني الرئيس الإيراني ووزير الخارجية في حكومته وسط تصاعد التوتر مع الولايات المتحدة التي عززت وجود عتادها العسكري في منطقة الشرق الأوسط بغية ردع السلوك الإيراني العدائي.
واعتبر مرشد نظام ولاية الفقيه أن ظريف وروحاني لم يطبقا بنود الاتفاق النووي بالطريقة التي تلبي قناعاته، مشيرا إلى عدم ثقته كثيرا بالوسيلة التي بموجبها دخل الاتفاق النووي الإيراني حيز السريان بعد إبرامه في 14 يوليو/تموز 2015، في حين يعد الرئيس الإيراني ووزير خارجيته من المؤيدين لتلك الاتفاقية الدولية التي تراها حكومة طهران "تاريخية"، وفقا لتعبيرات وسائل الإعلام المؤيدة لها.
ومن الواضح أن خامنئي المسيطر وحيدا على سلطة اتخاذ القرارات الأخيرة في كل شؤون بلاده، لا يرغب في النظر إلى التطورات الراهنة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مايو/أيار الماضي، في تكرار سيناريو ما يُعرف بـ"تجرع كأس السم" كما حدث مع سلفه الخميني حينما أُجبر على توقيع أمر وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب مع العراق قبل نحو 31 عاما.
الانقسام في هيكل نظام ولاية الفقيه لم يعد خافيا، حيث طالب قبل أيام روحاني نفسه بضرورة منحه صلاحيات تنفيذية أوسع إلى حد ما للتعامل مع ما وصفها بـ"المعركة الاقتصادية" ضد إيران، مستشهدا بسنوات حرب الثماني مع بغداد (1980 - 1988) حيث جرى تدشين مجلس أعلى لإدارة الحرب واتخاذ قرارات عاجلة تتعلق بالاقتصاد والشؤون العسكرية.
واشتكى الرئيس الإيراني علانية أمام حشد من رجال الدين، مطلع الأسبوع الجاري، من محدودية الصلاحيات التنفيذية الممنوحة له، داعيا إلى حصر مراكز صنع القرار داخل مؤسسة الرئاسة وحدها، غير أن خامنئي رفض هذا الأمر علانية في لقائه الأخير وسط الطلاب الموالين لتياره، مشددا على معارضته لدعوات إعادة النظام البرلماني لتشكيل الحكومة وإلغاء النظام الرئاسي المعمول به في إيران.
وجاء الرد على روحاني أيضا من مجلس صيانة الدستور المقرب من خامنئي (على هيئة تحكيم ورقابة على القوانين في إيران)، حيث قال الناطق باسم المجلس عباس كدخدايي إن روحاني يتمتع بصلاحيات أوسع من الرؤساء الإيرانيين السابقين، بينما هاجمت وسائل إعلام مؤيدة للمرشد الإيراني، حكومة طهران برمتها.
ويبدو أن الضغوط الدولية تجاه سياسات طهران العدائية إقليميا رفعت من وتيرة الصراع بين أركان السلطة داخل نظام ولاية الفقيه، حيث هاجم الرئيس الإيراني حسن روحاني ضمنيا أداء عناصر مليشيا الحرس الثوري التي شاركت بناء على طلبه في عمليات تصريف لمياه فيضانات عارمة ضربت أغلب أنحاء البلاد بسبب اعتمادهم على أسلوب تفجير طرق وجادات رئيسية، مارس/آذار الماضي.
وأثارت انتقادات روحاني للحرس الثوري رد فعل غاضب لدى وسائل إعلام المليشيا إلى حد محاولتها التهرب من إصدار أوامر بتفجير الطرق وخطوط السكك الحديدية، وحاولت حرف الأنظار إلى أن بعض حكام المحافظات الإيرانية هم مَن قرروا هذا الأمر.
يشار إلى أن مليشيا الحرس الثوري الإيراني باتت ذات أذرع طولى داخل البلاد وخارجها، بحيث أصبحت أقوى من هيئات حكومية في ظل ميزانية سنوية تتجاوز 7 مليارات دولار أمريكي، واستحواذها على أكثر من 50% من إجمالي الاقتصاد المحلي في مختلف المجالات.
ويرى مراقبون أن استقالة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف (تراجع عنها لاحقا)، في فبراير/شباط الماضي، جاءت بعد خلافات شديدة مع جنرالات مليشيا الحرس الثوري الإيراني حول كيفية إدارة نفوذ طهران في دول المنطقة التي تتموضع بها مليشيات عسكرية مدعومة من نظام الملالي.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران قبل عام واحد، قبل أن تعيد واشنطن فرض عقوبات اقتصادية مؤلمة بالنسبة لطهران، في حين ترى الولايات المتحدة أن الاتفاق النووي الإيراني لم يشمل البرنامج الصاروخي الباليستي، فضلا عن تدخلات طهران العسكرية في حدود بلدان مجاورة إقليميا.
وأبلغت إيران، مطلع الشهر الجاري، الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي (روسيا والصين وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة)، بتخليها عن بعض التزاماتها الخاصة بإنتاج اليورانيوم المخصب وتخزين المياه الثقيلة، تزامنا مع مرور عام على انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني.
يذكر أن الولايات المتحدة أرسلت حاملة طائرات استراتيجية، وقاذفات من طراز بي 52، وصواريخ باتريوت، ردا على ما تعتبرها تهديدات إيرانية محتملة للقوات والمصالح الأمريكية في المنطقة.
aXA6IDMuMTQ1LjU2LjE1MCA= جزيرة ام اند امز