نفط إيران المحاصر.. العقوبات تجفف أبرز منابع تمويل الإرهاب
إيران قلصت إنتاج النفط الخام لأدنى مستوياته في 4 عقود، إذ تمتلئ صهاريج وسفن التخزين عن آخرها تقريبا بسبب تراجع الصادرات.
في الوقت الذي تبحث فيه إيران عن منفذ لتصريف النفط الراكد، تقف لها الولايات المتحدة بالمرصاد من خلال عقوبات ذكية قلصت مستويات إنتاج طهران لأدنى مستوى في التاريخ.
وأعادت الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، فرض عقوبات على صادرات النفط الإيرانية لمعاقبة طهران لإشعالها صراعات في الشرق الأوسط وكبح برامجها النووية.
وطوال السنوات الماضية استقطعت طهران جزءا كبيرا من عائدات النفط لتمويل جماعات ومليشيات إرهابية في عدد من الدول لزعزعة استقرارها.
ولكن الإجراءات التي اتخذتها العديد من الدول بوقف استيراد نفط طهران كبحت طموحات إيران الإرهابية.
صدمة من كوريا الجنوبية
كوريا الجنوبية واحدة من الدول التي كانت تعتمد بشكل كبير على نفط إيران، وأظهرت بيانات من هيئة الجمارك أن كوريا الجنوبية لم تستورد نفطا خاما من إيران في يونيو/ حزيران، وهو ما فعلته في الشهر نفسه من العام الماضي.
يوما بعد آخر، يزداد الحصار المفروض على نفط إيران، بفعل عقوبات أمريكية، ومقاطعة عالمية لنظام طهران الذي يسعى بشكل كبير لإثارة التوترات في المنطقة.
هذا الحصار، دفع بيجن زنجنه وزير النفط الإيراني أن يقول التصريح وعكسه في نفس الأسبوع، ففي الوقت الذي اعترف فيه بأن العقوبات الأمريكية أدت لتراجع إنتاج الخام في بلاده، ووصف العقوبات بالذكية، يناقض نفسه مرة أخرى قائلا "قطاع النفط الايراني لن يستسلم تحت وطأة الظروف".
هي في النهائة تصريحات جوفاء، وعبارات استهلاكية لتهدئة الرأي العام في إيران، لكن في النهاية يبقى الحصار المفروض أقوى من كل الكلمات والتصريحات.
الهروب من الحصار
وخلال الأسابيع الماضية حاولت إيران الهروب من الحصار، من خلال منفذ فنزويلا، حيث كشفت وكالة "بلومبرج" الأمريكية عن صفقات بين إيران وفنزويلا تحصل فيها الأولى على أطنان من الذهب مقابل مساعدة الأخيرة في تشغيل مصافي البنزين المعطلة.
لكن الولايات المتحدة الأمريكية، حرمت طهران من عائدات الشحن بفرض عقوبات على الناقلات التي حملت الشحنات إلى فنزويلا.
ونجحت العقوبات أيضا في وقف تصدير النفط الإيراني، لعدد من الدول الآسيوية، بعد أن تأثرت الصادرات لأكبر 4 مشترين آسيويين لنفط إيران، وهي الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية
ففي أغسطس/آب 2018، سجلت واردات الصين من نفط طهران أقل مستوى في 10 أعوام، بعد أن انخفضت بنسبة 60%، وفقا لبيانات من الجمارك الصينية.
وشهد شهر مايو/أيار من 2019 أكبر عملية تصعيد للحصار ضد نفط طهران، بعد أن قاطعت شركة جيه.إكس.تي.جي هولدنجز للنفط والمعادن في اليابان نفط إيران، ودبرت إمدادات نفط من دول أخرى مثل السعودية لتحل محل شحنات النفط الإيراني وفقا لتصريحات تسوتومو سوجيموري رئيس الشركة.
وفي نفس الشهر من 2019، استبدلت شركة إن إس.كيه إنوفيشن، المالكة لاس.كيه إنرجي أكبر شركة تكرير في كوريا الجنوبية واس.كيه أنشيون بتروكيم لصناعة البتروكيماويات، المكثفات الإيرانية بنفط خام من دول أخرى من بينها روسيا.
وكانت الصدمة الكبرى في مايو /أيار 2019، عندما أعلنت الهند وقف استيراد النفط الإيراني امتثالاً للعقوبات الأمريكية، وفقا لتصريحات سفير الهند في الولايات المتحدة هارش فردان شرينغلا
وكشفت بيانات حديثة لقطاع الطاقة بأن إيران قلصت إنتاج النفط الخام لأدنى مستوياته في 4 عقود، إذ تمتلئ صهاريج وسفن التخزين عن آخرها تقريبا بسبب تراجع الصادرات وخفض تشغيل المصافي جراء جائحة فيروس كورونا.
مخزون راكد
وبحسب إف.جي.إي إنرجي، ارتفع إجمالي مخزونات الخام على البر إلى 54 مليون برميل في أبريل/ نيسان الماضي من 15 مليون برميل في يناير/ كانون الثاني الماضي. وازدادت المخزونات تضخما في يونيو/ حزيران الماضي لتصل إلى 63 مليون برميل.
وتشير تقديرات شركة كبلر لمعلومات السوق إلى أن متوسط مخزونات الخام الإيرانية على البر في يونيو/ حزيران الماضي بلغ حوالي 66 مليون برميل. ويعادل ذلك نحو 85% من طاقة التخزين المتاحة على البر.
ويتفاقم التوتر بين طهران وواشنطن منذ 2018 عندما انسحبت الولايات المتحدة من اتفاق نووي مبرم في 2015 بين إيران و6 قوى عالمية وأعاد الرئيس دونالد ترامب فرض عقوبات على إيران، مما يقوض صادرات النفط الحيوية للبلاد.
وتعتمد حكومة طهران بشكل رئيسي على عائدات الصادرات النفطية كمصدر للعملة الصعبة اللازمة لتأمين واردات من السلع الأساسية وقطع غيار تلزم لاستكمال مراحل الإنتاج المحلي.