إيران تختنق من التلوث الشديد
إيران تعاني من تفاقم ظاهرة التلوث الشديد بفعل ظاهرة الانعكاس الحراري.
السير في شوارع عدد من المدن الإيرانية، بينها العاصمة طهران، أضحى مجازفة حقيقية في ظل تفاقم ظاهرة التلوث الشديد، بفعل ظاهرة الانعكاس الحراري.
ففي مثل هذا الوقت من كل عام، تتكون طبقة سميكة من الهواء البارد بالمرتفعات الإيرانية، فتشكل حاجزا يمنع الهواء الملوث من التبدد، ما يجعل الهواء مشبعا بالجزيئيات الضارة التي تهدد الأطفال بشكل خاص، نظرا لهشاشة أجهزة المناعة لديهم بفعل السن.
معضلة حولت طهران ومدنا أخرى إلى أمكنة شاحبة مثقلة بالتلوث، وخالية من الأطفال، وبحركة مرورية وأنشطة صناعية مقيدة، وأجبرت السلطات، منذ الأحد الماضي، على إغلاق المدارس خشية اختناق الأطفال.
ووفق تقارير إعلامية محلية ودولية، ارتفعت صباح السبت، نسبة تركيز الجزيئات الدقيقة إلى 185 ميكروغرام بالمتر المكعب في جنوب مدينة طهران، في وقت توصي فيه منظمة الصحة العالمية بضرورة أن لا تتجاوز النسبة متوسطا قدره 25 ميكروغرام خلال اليوم أي على مدار 24 ساعة.
نسبة تلوث عالية جدا جعلت المدينة التي تعد تعد 8,5 مليون نسمة تختنق رغم محاولات احتواء الوضع، عبر إصدار السلطات أوامر تقضي بإغلاق جميع المناجم ومصانع الإسمنت أول أمس الإثنين.
كما طلبت السلطات من الفئات الهشة، أي الأطفال والمسنين والنساء الحوامل أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب، عدم مغادرة منازلهم، تجنبا لموجة التلوث السامة المطبقة على البلاد.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن الجبال المطلة على طهران توارت بشكل نهائي خلف ضباب كثيف وغمامة داكنة مليئة بالجزيئيات السامة، في مشهد بدا وكأن المدينة تغرق وسط هالة قاتمة ومخيفة.
تقصير وتجاهل
أما الصحف الإيرانية، فقد ارتكزت معظم أخبارها المحلية على موضوع التلوث، مجمعة على عنوان تكرر في أكثر من موضع، ويتحدث عن «اختناق الإيرانيين».
كما حذرت الصحف من أن أيام «التلوث الشديد» بالبلاد ارتفعت من 98 يوما في السنة قبل 5 سنوات، إلى 48 العام الماضي، قبل أن يصل إلى 58 العام الجاري في موجة تلوث من المتوقع، بحسب الرزنامة الإيرانية، أن تتواصل حتى 20 مارس آذار القادم.
وبنبرة ساخرة، عقبت بعض الصحف قائلة إن «الأمل في تحسن الوضع يبقى حيا، بالطبع في حال نجونا من الموت».
وتختنق إيران في مثل هذه الفترة من كل عام، إلا أن كثافة التلوث تبدو أكبر بكثير هذه الأيام.
أما عن أسباب هذا التلوث الشديد، فتعود بالأساس، وتحديدا بنسبة 80 % إلى غازات العوادم المنبعثة من نحو 5 ملايين سيارة في طهران لوحدها، وأكثر من 3 ملايين ونصف دراجة نارية.
غير أن ما يفاقم المعضلة، وفق مراقبين، هو تقصير السلطات الإيرانية في التعامل مع ظاهرة خطيرة عادة ما تواجهها البلدان التي تعاني منها بخطة واضحة تدرجها ضمن استراتيجيتها البيئية السنوية.
ونقلت وسائل إعلام دولية شهادات منفصلة لإيرانيين يتهمون حكومة بلادهم بالوقوف وقفة المتفرج أمام اختناق العاصمة وعدة مدن أخرى.
وعزا البعض هذا التقصير أو التجاهل المتعمد لآفة قد تودي بحياة ملايين الناس إلى الأنشطة الحكومية في مجال المحروقات وإزالة الغابات، وسوء التحكم في معدل الانتاج السنوي للسيارات، والذي من المنتظر أن يناهز هذا العام 1.5 مليون سيارة جديدة تنضاف إلى أكثر من 20 مليون التي تجوب البلاد حاليا.