قتل واعتقالات وتعذيب.. حملة خامنئي-روحاني لنشر الخوف
المحتجزون عادة ما يُستخدمون كبيادق لإعطاء المجتمع الإيراني درسا قاسيا ضد التظاهرات، والمتظاهرون يصنفون كمنشقين سياسيين.
عشرات القتلى وأكثر من 3700 اعتقلوا خلال التظاهرات والاضطرابات الأخيرة في إيران، وهي التظاهرات الأكبر منذ تلك التي أعقبت الانتخابات عام 2009.
كثير ممن اعتقلوا كانوا من الشباب والنساء وطلاب الجامعات، كما شاركت قوات النظام الإيراني في عمليات اعتقالات "وقائية" واحتجاز لأناس لم يشاركوا في التظاهرات، طبقًا لوكالة الأنباء الطلابية الإيرانية والبرلماني الإيراني محمود صديقي.
وقال الباحث السياسي الأمريكي مجيد رفيع زاده، إن الإجراء الوقائي هو على الأرجح محاولة لنشر الخوف، كما أنه يوفر للسلطات الإيرانية حجة "مشروعة" لاعتقال الناس الذين يعتبرون من معارضي النظام، مشيرا إلى أن النظام يحاول تقليل إمكانية انتشار الاستياء أو موجة أخرى من التظاهرات.
وأشار رفيع زاده، خلال مقال له منشور بصحيفة "عرب نيوز" السعودية الصادر باللغة الإنجليزية، إلى أنه في حين ركزت بعض وسائل الإعلام الرئيسية بصورة ضعيفة على الوضع المحلي، إلا أنه من المهم للغاية مواصلة تسليط الضوء على مصير المحتجزين في أعقاب التظاهرات، متسائلا: ماذا سيحدث لأولئك ممن اعتقلوا وعائلاتهم؟
وأكد الباحث السياسي الأمريكي أنه عبر قراءة تاريخ النظام الإيراني وكيفية معاملته للمحتجزين والمسجونين، يمكن إثارة كثير من القضايا المقلقة، مشيرا إلى أن مركز احتجاز "كهريزك" هو مثال على كيفية معاملة المتظاهرين المحتجزين.
وقال الباحث الأمريكي إنه في أعقاب تظاهرات عام 2009، تكشفت تقارير حول مركز احتجاز بعينه هو "كهريزك"؛ حيث كان المتظاهرون المحتجزون يتعرضون للتعذيب والتعديات، ولقي الكثير منهم مصرعهم بداخله، طبقاً لمنظمات حقوق الإنسان.
وأوضح مجيد رفيع زادة أن المحتجزين عادة ما يُستخدمون كبيادق لإعطاء المجتمع الإيراني درساً قاسياً ضد التظاهرات، مشيراً إلى أن المتظاهرين بصورة عامة يصنفون كمنشقين سياسيين، ويتم إبقاؤهم داخل سجون سياسية سيئة السمعة مثل سجن "إيفين"، حيث عدم المراعاة للأصول القانونية، والحرمان من إمكانية الوصول إلى المحامين.
وقال الباحث إن المسجونين على الأرجح سيواجهون اتهامات غامضة مثل تهديد الأمن القومي للحكومة، ومحاولة الإطاحة بها، أو التآمر على "الأعداء" والأجانب، مشيراً إلى أن العقوبات يمكن أن تتراوح ما بين الحبس الانفرادي طويل الأمد إلى الإعدام، أما إهانة المرشد الإيراني علي خامنئي وترديد هتاف "الموت لخامنئي" فعقابها الموت.
وطبقاً لمنظمة العفو الدولية، فإن التعذيب يعتبر أسلوباً تقليدياً يستخدمه النظام في سيناريوهات مشابهة.
وأضاف الباحث الأمريكي أنه بالإضافة إلى كل ذلك، فإن النظام سيحاول انتزاع اعترافات قسرية عبر تهديد المحتجزين وعائلاتهم، لافتاً إلى أنه في مثل تلك الأوضاع يُرغم المسجونين على قول إنهم كانوا يتعانون من حكومات أجنبية، ويتجسسون، ويحرضون على تظاهرات مناهضة للحكومة.
وأوضح أن هذه "الاعترافات" يتم تسجيلها على مقاطع فيديو وبثها إلى باقي العالم؛ لدعم مزاعم النظام الإيراني حول أن الاحتجاجات كانت نتيجة تحريضات خارجية، وأن النظام لا يزال يتمتع بمستوى عالٍ من الشعبية الداخلية.
ولفت زادة في مقاله إلى أن بعض المسجونين يكونون غير قادرين على تحمل الوحشية والتعذيب، ضارباً المثل بمصرع شاب محتجز في السجن، مشيراً إلى أن النظام يتحدث عن هذا النوع من الوفيات على أنها "انتحار" بدون تقديم أية تفاصيل.
وأكد الباحث الأمريكي أن بعض المحتجزين يضربون علناً في محاولة لتوصيل رسالة قوية إلى نظرائهم بأن الاحتجاجات ضد النظام لن يتم التسامح معها، لافتاً إلى أن العائلات ستتلقى تهديدات وتحذيرات من التحدث مع وسائل الإعلام أو كتابة منشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول الوضع.
وأشار إلى أن مؤسستين رئيسيتين ستلعبان دوراً حاسماً في هذا الصدد، هما: وزارة الاستخبارات والأمن الوطني والقضاء، واللذان يسيطر عليهما المتشددون.
وأضاف مجيد رفيع زادة أنه يجب على منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة المراقبة عن كثب لوضع المحتجزين في إيران، مشدداً على ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بفرض ضغوط على السلطات الإيرانية، لوقف حملات الاعتقالات الوقائية والإفراج عن المحتجزين الأبرياء.