إيران.. 5 اختلافات بين "انتفاضة الفقراء" و"الحركة الخضراء"
مع استمرار التظاهرات لليوم الرابع على التوالي وامتدادها إلى عدة مدن في إيران رأى خبراء أنها تختلف عن احتجاجات عام 2009.
حذرت حكومة إيران المتظاهرين الذين يحتجون ضدها بأنهم "سيدفعون الثمن"، لما يبدو أنه أكبر تحد سياسي داخلي لنظام الملالي، منذ أن سحقت قوات الأمن "الحركة الخضراء" عام 2009.
ومع استمرار التظاهرات لليوم الرابع على التوالي وامتدادها إلى عدة مدن، تدخلت قوات الأمن الإيرانية وفتحت النار على المتظاهرين المناهضين للحكومة، السبت، وهو ما أسفر عن مقتل شخصين في أكبر احتجاجات تشهدها البلاد منذ عام نحو عقد، ارتأى خبراء أنها تختلف عن احتجاجات عام 2009.
ليست "انتفاضة خبز" وحسب
خلافا للواقع، ركزت وسائل الإعلام الإيرانية الحكومية تغطيتها على آلاف الإيرانيين الذين حضروا التظاهرات المؤيدة للحكومة، السبت، بمناسبة الذكرى السنوية لإنهاء اضطرابات عام 2009، عندما اعترض مؤيدو المرشح الإصلاحي للرئاسة مير حسين موسوي على إعادة انتخاب الرئيس المتشدد محمود أحمدي نجاد، وهو ما أثار احتجاجات جماعية تعرض خلالها النشطاء والمعارضون للضرب والسجن.
وقاد تلك الانتفاضة التي أطلق عليها اسم "الحركة الخضراء" آنذاك، سياسيون معارضون؛ احتجاجا على نتائج الانتخابات المتنازع عليها.
لكن المظاهرات التي بدأت، الخميس، جاءت نتيجة ارتفاع معدلات البطالة والأسعار، التي شملت قفزة في أسعار بعض السلع وصلت 40%، لكنها أصبحت أوسع نطاقا لتشمل توسعا سريعا ضد نظام قال العديد من المتظاهرين إنه فاسد.
ورأى خبراء من بينهم تريتا بارسي، رئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي ومقره واشنطن أن سوء الإدارة الاقتصادية والفساد المستوطنين أصابا الإيرانيين باليأس.
بينما قال رضا مراشي، مدير الأبحاث في المجلس في تصريحات لشبكة "سي إن إن" الأمريكية: "لقد دفعَت سنوات من الظلم السياسي والاقتصادي والاجتماعي الإيرانيين إلى الشوارع في أكبر احتجاجات منذ عام 2009"، لافتا إلى أن "العقوبات الاقتصادية أدت إلى تفاقم كل هذه المشكلات الاقتصادية الإيرانية".
وأضاف: "لا أعتقد أنه بالإمكان فصل الاقتصاد عن السياسة، والحكومة لديها فرصة ومسؤولية لمعالجة المظالم المشروعة التي يجري التعبير عنها"، معتبرا أن هذه الاحتجاجات ربما تكون حركة حقوق مدنية أكثر منها حركة ثورية.
بينما اعتبر علي رضا نادر، المحلل الدولي البارز والباحث الإيراني في مؤسسة "راند" ومقرها واشنطن، أن الناس فقدوا أيضا الثقة في الرئيس الإيراني حسن روحاني.
ومضى قائلا: "إن الحكومة تُعتبر فاسدة للغاية، والإيرانيون يرون تزايد عدم المساواة شكلا من مظاهر الظلم، كان من المفترض أن يكون هذا نظاما يحقق العدالة للشعب بعد ثورة 1979 ولكنه فشل".
الموقع.. وتحدٍّ مباشر للمرشد
قال كريم سادجادبور، وهو باحث بارز في مؤسسة "كارنيجي للسلام الدولي"، إنه بينما وقعت مظاهرات عام 2009 في طهران في المقام الأول، جاءت احتجاجات هذا الأسبوع في معاقل الحكومة، مثل قم ومشهد، المعروفة بأنها المراكز الدينية القوية، ويبدو أن هذه الموجة من الاحتجاجات تمثل تحديا مباشرا لحكم المرشد علي خامنئي.
لكن المظاهرات التي امتدت إلى أكثر من 60 مدينة خلال اليومين انطلقت في مدينة مشهد التي توصف بأنها معقل المحافظين، ويفد إليها الطلاب للدراسة من الداخل والخارج.
و"مشهد" هي ثاني المدن المقدسة في إيران بعد مدينة "قم"، وهي مسقط رأس إبراهيم رئيسي، المرشح في انتخابات الرئاسة الأخيرة، والمرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي.
كما أن الهتافات التي رددها المحتجون في الشوارع استهدفت المرشد بشكل مباشر، حيث هتف عشرات الطلاب في جامعة طهران على بوابات الحرم الجامعي "الموت للديكتاتور" في إشارة واضحة إلى خامنئي، قبل أن تطلق قوات الأمن عليهم الغاز المسيل للدموع وتعتقل منهم العشرات.
كما أحرق بعض المتظاهرين ملصقات وصور المرشد خامنئي وسط طهران، في تحدٍّ للشرطة في كرمانشاه في الغرب إلى مدينة قم المقدسة في الشمال والأحواز جنوب غرب العاصمة.
التغلغل الإيراني بالمنطقة
يتهم الكثير من النشطاء إيران باعتبارها الدولة الرئيسية الداعمة للإرهاب بإهدار مليارات الدولارات في تمويل جماعات إرهابية ومليشيات طائفية تخوض حروبا بالوكالة في المنطقة.
وعلى حساب الفقراء الذين يواجهون ظروفا عصيبة في ظل ارتفاع أسعار المعيشة، تخصص هذه الأموال لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا، وتمويل حزب الله اللبناني، ودعم الحوثيين في اليمن، ودعم المليشيات الشيعية في العراق، إلى جانب ضخ مليارات أخرى في برنامج نووي مثير للجدل وغير ضروري، والصواريخ البالستية الخطرة.
وكشف الناشط حشمت علوي أن الميزانية المالية المقبلة لإيران ستزود قوات الحرس الثوري الإيرانية بنحو 76 مليار دولار من إجمالي 114 مليار دولار مخصصة للقوات المسلحة للنظام، مستندا إلى تقارير تشير إلى أن الحرس الثوري ووحدته الخارجية، وهي "فيلق القدس"، تتمتعان بأعلى الأولويات في الميزانية الجديدة.
وهذا ما عبرت عنه بعض الهتافات الشعبية "لا غزة ولا لبنان، حياتي فداء لإيران"، تعبيرا عن الإحباط من الأموال التي تنفق على التدخلات الخارجية الإيرانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط بدلا من البرامج المحلية.
عدم جدوى الاتفاق النووي
أشار تريتا بارسي، إلى أن الإيرانيين لم يحصدوا ثمار الاتفاق النووي الذي وقع مع القوى الكبرى بقيادة واشنطن في يوليو/تموز 2015، قاد إلى رفع العقوبات الاقتصادية جزئيا، مضيفا: "الاتفاق النووي أيده بشكل كبير الرأي العام الإيراني، ولكن كانت هناك توقعات بأنه سينتج عنه الكثير من التنمية الاقتصادية".
ضمان حقوق النساء
وأوضح كريم سادجادبور أن هناك أيضا إصرار ودفع بين المتظاهرين لضمان حقوق متساوية للنساء.
بدوره، أشار رضا نادر، المحلل في مؤسسة "راند" إلى أن النساء في إيران تحاربن منذ عقود من أجل حقوق متساوية، ولكن بشكل خاص في السنوات القليلة الماضية، أصبح الإصرار أقوى.
وأكد أن "النساء في إيران يحصلن على تعليم عال، ويشاركن في القوى العاملة، ولكن يتم قمعهن باستمرار، وهذا جزء من نضالهن من أجل كسب حريتهن وحقوقهن".
aXA6IDMuMTcuMTc5LjEzMiA= جزيرة ام اند امز