"تكتيكات القمع".. 3 طرق إيرانية لإيقاف احتجاجات مهسا أميني
"تكتيكات القمع".. هكذا وصفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، طرق مقاومة السلطات الإيرانية، للمظاهرات على خلفية مهسا أميني.
واتسمت الاحتجاجات الإيرانية الجريئة، الممتدة بشتى أنحاء البلاد منذ أكثر من أسبوعين، بأعمال تحد وشعارات جريئة تتحدى المرشد الإيراني علي خامنئي، في البلاد وقيودها الخانقة على جميع جوانب الحياة الاجتماعية.
وردت قوات الأمن التابعة للحكومة بالقوة المميتة، وسقط ما لا يقل عن 52 قتيلًا، بحسب منظمة العفو الدولية، بينهم نساء وأطفال.
وبدأت الحركة الاحتجاجية المستمرة استجابة لوفاة مهسا أميني، الشابة ذات الـ22 عاما التي دخلت في غيبوبة بعدما احتجزتها "شرطة الأخلاق" في البلاد، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وزعم المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الإثنين، أن "الاضطرابات حرضت عليها قوى خارجية" وألقى باللوم على المحتجين في العنف، قائلًا: "من يهاجمون الشرطة يتركون المواطنين الإيرانيين بلا دفاعات ضد قطاع الطرق واللصوص والمبتزين."
وأعطى خامنئي دعمه الكامل لقوات الأمن، مشيرًا إلى موجة أخرى من القمع.
ولفهم مدى القمع الذي تشنه الحكومة على المحتجين، حللت "واشنطن بوست" المئات من مقاطع الفيديو والصور المتعلقة بالاحتجاجات، وتحدثت مع نشطاء حقوقيين، وأجرت مقابلات مع محتجين، وراجعت بيانات جمعتها مجموعات مراقبة الإنترنت.
3 تكتيكات
وركز التحقيق على 3 تكتيكات أساسية استخدمتها الحكومة لسحق الاحتجاجات – أبرزها استخدام قوات الأمن للذخيرة الحية، والاعتقالات المستهدفة، وخنق خدمة الإنترنت.
ووصف محتج في مريوان، مدينة يعيش فيها 50 ألف شخص بالقسم الغربي الكردي من البلاد، المشهد يوم السبت، بأنه أقرب إلى "الأحكام العرفية".
وقال: "خرجت جميع قوات الأمن.. أقول أكثر من ألف. ملأوا كل ميدان وتقاطع وشارع رئيسي."
القوة العشوائية
وحددت "واشنطن بوست" جغرافيا مقاطع فيديو من 7 مدن تبدو أنها تظهر قوات الأمن تطلق الرصاص على المحتجين.
وبالرغم من أنه كان مستحيلا التحقق من نوع الطلقات المستخدمة من المقاطع وحدها، "من المرجح للغاية أن [قوات الأمن] كانت تستخدم ذخيرة حية ضد المحتجين خلال الأحداث بالأيام والأسابيع الأخيرة"، بحسب "إن آر جينزن جونز"، مدير مركز "خدمات أبحاث التسلح" للاستشارات.
وقالت "تسفير 1500"، جماعة مراقبة مناهضة للحكومة لـ"واشنطن بوست"، إن "قوات الأمن كانت تطلق النار بعشوائية على المحتجين منذ بداية الاحتجاجات".
وبحسب المجموعة، يبدو أن مقاطع الفيديو المسجلة يوم 17 سبتمبر/أيلول في مدينة سقز الكردية – مسقط رأس أميني – تؤكد هذا الادعاء.
وتظهر المحتجين يسيرون عبر وسط المدينة في نفس يوم جنازة أميني. وسرعان ما فرقهم الضباط على دراجات نارية بإطلاق النار في اتجاه الحشد.
والتقط مقطع فيديو تم تصويره بشوارع جانبية مجموعة محمومة تحمل شاب فاقدا للوعي وتغطيه الدماء، إلى منشأة طبية.
وراجع محللون أيضًا بـ"جاينز"، وهي شركة استخبارات دفاعية، مقاطع الفيديو من أجل "واشنطن بوست"، وحددوا بأن ما لا يقل عن مقطعي فيديو على الأرجح أظهروا استخدام الذخيرة الحية.
وفي مقطع فيديو منشور في 20 سبتمبر/أيلول، أطلق الضباط النار من مسدسات في الهواء وعلى الحشود المنسحبة في مدينة رشت الشمالية.
وأمرت وثيقة مسربة من المقر العام للقوات المسلحة الإيرانية في 21 سبتمبر/أيلول – حصلت عليها منظمة العفو الدولية وراجعتها "واشنطن بوست" – قوات الأمن بـ"المواجهة العنيف" مع المحتجين.
وقال محتجون تحدثت معهم "واشنطن بوست" إنهم شهدوا إطلاق قوات الأمن النار على المتظاهرين.
وأضاف أحد المحتجين أن "قوات الأمن أطلقت مباشرة على الناس في ساحة داراي. لم تكن لديهم نية لاعتقال أو تهدئة الوضع. أرادوا إطلاق النار فحسب."
وتحدث محتج آخر عن "كمين" تقشعر له الأبدان في 21 سبتمبر/أيلول للباسيج، وهي قوة شبه عسكرية تقع تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني.
اعتقالات
وتحققت صحيفة "واشنطن بوست" وحددت جغرافيا مقاطع فيديو تظهر قوات الأمن تعتقل المتظاهرين بعنف بـ5 مدن في إيران على مدار الأسبوعين الماضيين.
وغالبا ما تظهر مقاطع الفيديو احتجاز قوات الأمن للمتظاهرين بعيدا عن الحشود، بشوارع جانبية.
وقال محتج في بالو إن أحد عناصر الباسيج كان يلقي القبض على الناس في منتصف الليل يوم 21 سبتمبر/أيلول، ويستخدم قنابل الغاز لإجبار المدنيين على الخروج من منازلهم.
وقال المتظاهر: "يأتون [الباسيج] بملابس مدنية ويغطون وجوههم. هذا يخلق حالة خوف."
وحتى 30 سبتمبر/أيلول، اعتقلت قوات الأمن ما لا يقل عن 50 شخصا في بالو، ولا يزال معظمهم رهن الاحتجاز، بحسب المتظاهر.
وأشار إلى أنه "لم يعد هناك احتجاجات في بالو بسبب الخوف الذي تسببوا فيه. بعد العاشرة مساء، لا تجد أي شخص بالخارج."
وفي طهران، يظهر مقطع فيديو ضباطا يقتادون رجلًا يرتدي قميصا أسود اللون، ويديه خلف ظهره، إلى أحد الشوارع المكتظة بوسط البلد، ثم يجبروه على ركوب دراجة نارية يقودها أحد الضباط.
قيود الإنترنت
وكثيرًا ما استخدمت إيران أسلوب قطع الانترنت خلال أوقات الاضطرابات، لتصعب على المحتجين التواصل مع بعضهما البعض ومع العالم الخارجي.
لكن الانقطاع على مدار الأسبوعين الماضيين كان محدد الهدف بدرجة أكبر، ويبدو أنه يظهر مستوى أكبر من التطور.
وتظهر بيانات حركة المرور من إيران على خدمة "بحث جوجل" انقطاعات كبيرة في الأيام منذ ليلة 21 سبتمبر/أيلول، الأعنف بالاحتجاجات حتى الآن ونقطة تحول حاسمة في استجابة الحكومة. وغالبية الوفيات التي سجلتها منظمة العفو الدولية كان في 21 سبتمبر/أيلول.
وبحسب تحليل "واشنطن بوست" لبيانات الإنترنت، تظهر أنماط حركة الإنترنت طبيعة دورية للانقطاعات، التي تبدأ بعد ظهر كل يوم قرابة الرابعة مساء بالتوقيت المحلي – نهاية يوم العمل في إيران، عندما تبدأ معظم الاحتجاجات – وتعود إلى المستويات الطبيعية بعد منتصف الليل.
وأغلق إنستجرام وواتس آب، منصتان رئيسيتان لمشاركة مقاطع الفيديو، في 21 سبتمبر/أيلول، بحسب "نت بلوكس"، وهي منظمة مقرها لندن تراقب الوصول إلى الإنترنت عالميا. وتزامنت تلك القيود مع انخفاض مفاجئ في الأدلة المرئية من إيران.
وقال أحد المحتجين: "معظم الناس ليس لديهم إنترنت بالمنزل. يكون معهم إنترنت فقط على شريحة الهاتف، ويقطع بين الرابعة والعاشرة مساء. وحتى عندما يعود، يظل سيئا للغاية."
وردد تلك الرواية متظاهر آخر، قائلًا: "يقطع الإنترنت يوميا الساعة الثالثة أو الرابعة مساء، ولا يعود حتى قرابة منتصف الليل أو الواحدة صباحا. لا يعمل أي من التطبيقات الكبيرة مثل إنستجرام أو واتس آب أو تليجرام".