3 أعوام على المقاطعة.. إيران وقطر حليفان ضد استقرار المنطقة
في حين يشكل العالم قوة لردع تهديدات إيران بالمياه الدولية، تفتح الدوحة منافذ جديدة لطهران وتدعمها في مواصلة إرهابها بالشرق الأوسط.
رغم مرور 3 أعوام على مقاطعة دول الرباعي العربي الداعية لمكافحة الإرهاب للدوحة، لا تزال السياسات القطرية قائمة على حالها مع نظام إيران لضرب استقرار وأمن دول المنطقة.
وفي 5 يونيو/حزيران عام 2017، قررت دول الرباعي العربي (الإمارات، والسعودية، ومصر والبحرين) مقاطعة قطر، عقب ثبوت تورطها في دعم جماعات وإيواء عناصر إرهابية تستهدف الإضرار بالأمن القومي العربي، وزعزعة استقراره.
- تعاون عسكري قطري إيراني.. الدوحة تواصل خروجها عن الصف الخليجي
- روحاني يشكر تميم على ولاء "الحمدين" لإيران
ومنذ قرار الدول العربية الأربع الداعية لمواجهة الإرهاب، بقطع العلاقات مع قطر، سارع تنظيم الحمدين إلى عقد اتفاقيات مع نظام ولاية الفقيه، ضارباً بالأمن الإقليمي والخليجي عرض الحائط.
وهرولت قطر إلى إيران بإعلان عودة سفيرها إلى طهران في 23 أغسطس/آب من العام 2017.
وفي حين يشكل العالم قوة لردع تهديدات إيران بالمياه الدولية، تفتح الدوحة منفذاً جديداً لطهران وتدعمها في مواصلة إرهابها بالشرق الأوسط.
اجتماع الحدود
وفتحت قطر حدودها البحرية لحرس الحدود الإيراني ليتحرك بشكل متحرر من أي قيود، بعد توقيع نظامي الحمدين وولاية الفقيه مذكرة تفاهم حدودية بينهما، أغسطس/ آب 2019.
وتزايد التوتر بشكل كبير في الشرق الأوسط، صيف العام الماضي، بعد استهداف طهران عددا من السفن وناقلات النفط في مياه الخليج؛ ما دفع واشنطن للإعداد لضربة عسكرية ضد أهداف إيرانية، غير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ألغاها في اللحظات الأخيرة.
وفي اليوم الثاني من الاجتماع الدبلوماسي الحدودي بين طهران والدوحة الذي عقد في العاصمة الإيرانية، أقر قاسم رضائي قائد خفرالسواحل الإيراني بالتسهيلات التي يقدمها نظام الحمدين لبلاده، مشيراً إلى ما أسماه بـ"العلاقات المتأصلة والتعاون التاريخي والاقتصادي الجيد".
وتشترك إيران وقطر في 268 كيلومتراً كحدودٍ بحرية، اعتبرها رضائي تحظى بأهمية، ولا تخفي طهران توجهها لعقد مزيد من الاجتماعات والتعاون بين قادة حرس حدود البلدين لمتابعة البروتوكولات. ويمثل ذلك ضوء أخضر لمزيد من التوسع الإيراني بالمنطقة.
وأعلنت قطر على لسان عبدالعزيز المهندي، رئيس إدارة أمن السواحل القطرية، تدشين ميناء خاص بالسفن الإيرانية، فضلا عن تقديمها خدمات مالية للتجار الإيرانيين داخل أراضيها رغم العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران.
وكشفت وكالة أنباء هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية (صدا وسيما)، تفاصيل ما تمخض عنه اجتماع الحدود بين رضائي والمهندي، والذي انتهي بتوقيع مذكرة تفاهم حدودية تقضي بوجود تنسيق في الدوريات البحرية المشتركة بين البلدين، إلى جانب عقد اجتماعات ميدانية دورية مرة كل 6 أشهر وأخرى طارئة حينما يستدعي الأمر.
وكشف رضائي عن وجود اتفاق بين الجانبين الإيراني والقطري يتعلق بتعزيز قدرات البلدين، لا سيما فيما يخص زيادة القدرات الإنتاجية والاستهلاكية لدى الدوحة إلى جانب تحسين مستوى التجارة الثنائية من خلال التسهيلات اللازمة من قبل قوات خفر الحدود.
وفي شرعنة جديدة من قطر للدور الإيراني المهدد لأمن الملاحة البحرية الدولية، اتفقت الدوحة وطهران على إقامة مناورات ما تُسمى بـ"النجدة والإنقاذ البحري" في المنطقة.
لكن أخطر ما في تصريح المسؤول القطري تأكيده التوصل مع إيران إلى صياغة لمكافحة الجرائم الحدودية، بما يعطي لطهران ضوء أخضر بمواصلة إرهابها للسفن التجارية باسم تلك الاتفاقية تحت مسمى "مكافحة الجريمة".
تعاون عسكري
وفي مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2019، ناقش قائد القوة البحرية في الجيش الإيراني، حسين خانزادي، مع نظيره القطري تجديد التفاهمات العسكرية بين البلدين، في دلالة صارخة على عمق التعاون أمنيا وعسكريا بين الدوحة وطهران رغم تهديدات الأخيرة لأمن دول الجوار.
وذكرت وكالة أنباء فارس الناطقة بلسان مليشيا الحرس الثوري الإيراني، أن اللقاء تضمن ترحيبا قطريا بتواجد قطع بحرية عسكرية إيرانية داخل موانئ الدوحة.
وكذلك دعوة ضباط قطريين لزيارة جامعة القيادة والأركان التابعة للجيش الإيراني "دافوس"، إضافة إلى الاستفادة مما وصفتها بقدرات إيران العسكرية التدريبية العالية، على حد تعبيرها.
وأشارت وكالة أنباء فارس إلى أن قائدي البحرية القطري والإيراني بحثا تجديد مذكرات تفاهم ذات طبيعة عسكرية وأمنية بين البلدين، فضلا عن تعزيز الخبرات بالمجال التدريبي بحريا.
ليس هذا فحسب، بل دعا خانزادي قطر بوصفها دولة صديقة وجارة لبلاده إلى المشاركة في تدريبات بحرية إيرانية سنوية بمجال الإنقاذ والإغاثة بدعوى تعزيز الأمن البحري.
وشمل اللقاء رفيع المستوى دعوة قطر للمشاركة بصفة مراقب في مناورات بحرية بعنوان "أيونز" أو اجتماع قادة القوات البحرية المطلة على المحيط الهندي، بحسب وكالة فارس.
وأكد الاجتماع العسكري المذكور الحقيقة المعروفة للقاصي والداني عن مدى التعاون الأمني بين قطر وحلفائها في طهران، حيث كانت الموانئ تحديدا حاضرة على موائد لقاءات عسكريين قطريين وإيرانيين أكثر من مرة خلال السنوات الأخيرة.
وكشفت وسائل إعلام إيرانية تفاصيل زيارة وفد عسكري رفيع المستوى على رأسه علي رضا تنكسيري، نائب قائد القوة البحرية في مليشيا الحرس الثوري، إلى قطر، في مارس/ آذار 2018، بعد أقل من عام واحد من مقاطعة الدوحة التي دعمت لسنوات تنظيمات إرهابية إقليميا.
زيارة تنكسيري للدوحة التي استغرقت 3 أيام حينها لم تقتصر على مشاركته كممثل لدولة زائرة بمعرض سلاح قطري ضمن مؤتمر قادة القوات البحرية بمنطقة غرب آسيا، بل اشتملت على تصريحات له تؤكد أن طهران داعم رئيسي عسكريا وأمنيا للنظام القطري، بقوله إن بلاده تدعم قطر شعبا وحكومة.
وشدد الجنرال الإيراني في مطلع العام قبل الماضي، على أن الظروف مهيأة لتعزيز التعاون مع قطر إلى حد غير مسبوق، معتبرا أن حضور الوفد العسكري الإيراني محض سعي نحو علاقات أقوى في هذا المجال، حسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إيرنا).
ارتماء قطري
وفي دلالة واضحة على ارتماء قطر لخدمة مصالح حليفتها إيران المأزومة على خلفية تصاعد التوتر عسكريا مع واشنطن، أقرت الدوحة بزيارة وزير خارجيتها محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى طهران سرا، في مايو/ أيار 2019.
وكشفت وسائل إعلام قطرية تابعة لتنظيم الحمدين، نقلا عن مسؤول رسمي (لم تفصح عن هويته)، أن وزير الخارجية القطري التقى نظيره الإيراني محمد جواد ظريف بدعوى بحث خفض حدة التوتر في المنطقة، على حد تعبيرها.
يذكر أن تنظيم الحمدين الحاكم في الدوحة أعلن صراحة رفضه العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، بما فيها تشديد الحظر على صادرات النفط الخام التي تراجعت بشدة مؤخرا.
وفي تأكيد حينها على ارتهان النظام القطري بمصالح نظام ولاية الفقيه المسيطر على حكم طهران، طلب تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر من الرئيس الإيراني حسن روحاني توسيع العلاقات بين البلدين في كافة المجالات، وفقا لوسائل إعلام رسمية.
وهاجم روحاني في اتصال هاتفي مع تميم، يونيو/ حزيران 2019، مخرجات القمتين الخليجية والعربية اللتين عقدتا في مكة المكرمة نهاية مايو/ أيار من نفس العام.
وأعرب رئيس إيران عن تأييد بلاده سياسات الدوحة التي تطالبها منذ 3 أعوام دول الرباعي الداعية لمكافحة الإرهاب: السعودية، والإمارات، ومصر، والبحرين، بالتخلي عن دعم التنظيمات الإرهابية والأنظمة السياسية المعادية لدول الجوار.
آخر فصول الخيانة القطرية لدول الجوار العربي كانت مع مطلع العام الثالث على مقاطعة دول الرباعي للدوحة، حيث زار تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر طهران وأجرى مباحثات مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، يناير/ كانون الثاني 2020.
زيارة تميم الرسمية الأولى إلى العاصمة الإيرانية طهران، جاءت بعد أيام قليلة من مقتل قائد فيلق القدس الذراع الخارجي لمليشيا الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني إثر غارة نفذتها طائرة أمريكية مسيرة استهدفت موكبه قرب مطار بغداد بالعراق لتضع نهاية لرأس حربة إرهاب إيران.
وفسر مراقبون تلك الزيارة بأنها امتداد للارتماء القطري في أحضان النظام الإيراني الحليف الأقرب للدوحة إقليميا منذ مقاطعة دول الرباعي العربي للأخيرة بسبب تعنتها في قبول المطالب الرامية إلى كف يدها عن دعم الإرهاب.
يذكر أن وزير خارجية قطر استبق زيارة تميم بالذهاب إلى طهران، كأول مسؤول خليجي يزور إيران، بعد عدة أيام من مقتل سليماني الذي كانت نهايته إيذانا بتراجع نفوذ مليشيات إيران في بلدان إقليمية.
الأمر لم ينته عند هذا الحد، بل دعا تميم بن حمد في اتصال هاتفي مع روحاني، الشهر الماضي، لضرورة تعزيز العلاقات والتعاون تجاريا واقتصاديا بين إيران وقطر، مؤكدا على أهمية بذل مسؤولي الدوحة وطهران جهودهم في هذا السياق.
ووصف تميم العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران بسبب سياستها العدائية بـ "الظالمة" داعيا في نفس الوقت إلى رفعها، قبل أن يهاجم روحاني تحالف دعم الشرعية في اليمن والذي تقوده المملكة العربية السعودية ضد مليشيا الحوثي الانقلابية الموالية لطهران.
aXA6IDE4LjE4OC41OS4xMjQg جزيرة ام اند امز