قبل 42 عاما خرج الشعب الإيراني مناديا بإسقاط حكم الشاه، آملا في تحول بلاده من الحكم الملكي إلى جمهوري ديمقراطي، قبل أن تختطف أحلامه وتطلعاته من قبل سلطة دينية احتكرت كل شيء في يدها حتى منصب رئيس الجمهورية.
7 رؤساء الجمهورية الإسلامية الإيرانية بداية من الحسن بني صدر مرورا بعلي خامنئي حتى حسن روحاني، وبينهم محمد علي رجائي وعلي أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي ومحمود أحمدي نجاد.
تتغير الوجوه والأسماء ولكن يبقى الحال على ما هو عليه.. فقر مدقع، وبطالة متفشية، واقتصاد منهار، وجريمة مستشرية، وتصدير للفوضى هنا وهناك.
خلال العقود الأربعة الماضية كان يتم تصوير المشهد السياسي في إيران على أنه صراع تناوبي بين الصقور، وهم التيار المحافظ وينتمي له رجائي وخامنئي ونجاد، وبين الحمائم وهم التيار الإصلاحي ويمثله رفسنجاني وخاتمي وروحاني، ولكن التيار الأخير بدأ نجمه في الخفوت بشكل كبير في الفترة الماضية، حتى أصبح لا يمثله أي مرشح في الانتخابات الحالية، بعد أن رفضت لجنة صيانة الدستور كافة مرشحيه، ليتحول الصراع في إيران من المحافظين والإصلاحيين إلى الصراع بين المتشددين والأكثر تشددا.
لم يسمح للإصلاحيين بالترشح للانتخابات الرئاسية بعد أن أقصي مرشحوهم، وفي مقدمتهم علي لاريجاني وإسحاق جهانغيري، وهما من أبرز المسؤولين الحاليين في السلطة الإيرانية، كون النظام يتجه بشكل أكبر نحو تعزيز قبضة المتشددين وتقييد وتحجيم الإصلاحيين، لضمان استمرار هيمنة الحرس الثوري على المؤسسات، ما يعني التدخل في اختيار المرشد القادم.
إقصاء المرشحين الإصلاحيين أدى لتحويل المنافسة إلى انتخابات اللون الواحد لانتخاب مرشح واحد وهو إبراهيم رئيسي، الذي يعتبر من أكثر المرشحين المتشددين، والقادم من عباءة المرشد.
وأثارت اللائحة النهائية التي أصدرها مجلس صيانة الدستور للمرشحين للانتخابات، انتقاد الكثيرين ليس فقط لهندسة الخريطة الانتخابية لصالح فوز مرشح محدد يتم اختياره من قبل المرشد الأعلى والحرس الثوري، بل لإنهاء مستقبل التيار الإصلاحي، الذين فقدوا نفوذهم السياسي لصالح تعزيز سيطرة المتشددين على مؤسسات الدولة جميعها ومراكز صنع القرار.
في انتخابات 2021 أيضا، يرى الناس أن الانتخابات مجرد استعراض وهم واثقون من عدم وجود شيء في يد الرئيس. النقطة الوحيدة هي أن النظام أصبح وقحا لدرجة أنه لم يعد يهتم بالحفاظ على مظهره ولم يكن مستعدا حتى للموافقة على ظهور عدد قليل ممن يسمون بالمرشحين المعتدلين والإصلاحيين ، على الرغم من أنه يعلم أنهم جميعا في يد النظام.
وليس هناك رأيان في أن تدخل المرشد الإيراني لهندسة الانتخابات لتمكين قبضة المتشددين على مقاليد السلطة، وتفعيلها في الواقع عبر منع مجلس صيانة الدستور للمرشحين الإصلاحيين أو غيرهم، لمنح الفرصة للمرشح المدعوم من قبل رأس النظام وهو إبراهيم رئيسي، حيث تمتد سيطرة خامنئي، على ثاني أقوى مؤسسة في إيران.
مجلس صيانة الدستور وهي هيئة مكونة ﻣﻦ 12 ﻋﻀﻮا (يعين المرشد الأعلى نصف أعضائه، فيما يعين رئيس السلطة القضائية نصفه الآخر، علما بأن رئيس السلطة القضائية يرشحه رئيس الجمهورية، ويصادق على تعيينه المرشد الأعلى)، ومنوط بهذا المجلس سلطة فحص وتقييم المرشحين لانتخابات البرلمان والرئاسة.