المدارس المسائية باليمن.. إرهاب حوثي بنكهة إيرانية
وسعت مليشيا الحوثي من سياسة تحويل المدارس الحكومية باليمن إلى مراكز دينية مسائية تحاكي "حوزات إيران" لتفريخ أجيال من المتطرفين الانتحارين.
وأطلقت مليشيا الحوثي على مراكز دينية دشنتها مؤخرا في عدد كبير من المحافظات اليمنية اسم "المدارس العصرية المسائية" وتعتمد على استثمار قاعات المدارس الحكومية في فترة المساء.
ويقوم الحوثيون بتحويل القاعة الدراسية في المدرسة الواحدة إلى مركز ديني منفصل (على شكل حوزات إيران) يحتضن 20 طالبا ويديره مرشد ديني واحد من المرجعيات الحوثية بنظام يطابق حوزات دينية تنشر التعليم الطائفي في "إيران" وجنوب لبنان، كما يشبه التعليم بالعصور الغابرة على أيدي رجال الدين.
كما أن "الكيفية المتبعة في التدريس في هذه المراكز تطابق تماما نهج الحوزات الإيرانية وإن اختلفت بعض الشيء في المسميات فهي تلغي نظام الصفوف وتعتمد على الفردية وتحاكي تجمع الحلقات القديمة التي كانت بالمساجد المخصصة لتعليم تفاسير الدين.
وعلمت "العين الإخبارية"، من مصادر تربوية يمنية أن عدد هذه المراكز الطائفية المتطرفة بالآلاف، وتم فتحها في أكثر من 2000 مدرسة حكومية تنتشر في محافظات "صنعاء" و"ذمار"، و"تعز"، و"إب"، و"حجة"، و"المحويت"، و"الحديدة" من بينها 200 مدرسة في محافظة إب و100 مدرسة في مناطق مدينة تعز غير المحررة.
وقالت المصادر إن مليشيا الحوثي كثفت بشكل غير مسبوق من فتح المدارس الدينية في مناطق "سنحان"، و"ارحب"، و"جحانة"، و"خولان"، و"بني مطر"، و"بني حشيش"، و"الحصن"، و"نهم"، و"معين"، و"الوحدة" بالعاصمة صنعاء.
وطبقا للمصادر فإن مخططات مليشيا الحوثي تتركز في أدلجة المناطق الأكثر اعتناقا للمذهب "الشافعي" بتعز (وسط) وكذا مذهب "الزيدية" لدى أبناء القبائل (شمال) خاصة قبائل طوق صنعاء.
وحسب المصادر فإن التراتبية الهرمية للقيادات الحوثية التي تشرف على هذه المدارس تبدأ بشكل متدرج من يحيى بدر الدين الحوثي، شقيق زعيم المليشيات، والقياديان الحوثيان "خالد المداني" و"عادل الحنبصي" ، والقيادي الحوثي مدير ما يسمى بـ"مكتب التربية والتعليم" بأمانة العاصمة زياد الرفيق، بالإضافة إلى مدراء مكاتب التربية والتعليم في المديريات والمحافظات.
وكانت مليشيات الحوثي تقيم هذه المدارس قبل اجتياح صنعاء في المساجد وفي بيوت قيادات حوثية كمقرات سرية أهمها "الجامع الكبير" بصنعاء التي تقام فيه ابرز المدارس الدينية الطائفية إضافة إلى مسجد "بدر" تحت غطاء حلقات تحفيظ القرأن الكريم، فيما كانت تقام في صعدة (المعقل الأم) بشكل علني وعلى اوسع نطاق.
وتبنى مناهج هذا النشاط التعليمي الذي يستهدف الأطفال في الصفوف الإبتدائية والمتوسطة خليط من التعليم الذي يركز على الجانب الجهادي ويوظف أيات القرآن الكريم، بعيدا عن تفسيرها الحقيقي.
كما يستند إلى مخزون هائل من التراث الديني في الحديث والسير والمنقولات التاريخية والتي تعلي من شأن طائفة واحدة تدعي الاصطفاء وأحقية تمثيل الأمة كونها تسير على المنهج السليم وهو النهج التي تقوم العقيدة الحوثية "الإثنا عشرية".
مراكز للموت
ويجمع خبراء يمنيون على أن استمرار بقاء مليشيا الحوثي في مناطق الشمال والغرب اليمني يمنحها مساحة مريحة للتحرك أيديولوجيا وبناء منظومة تعليم عقائدية طائفية جهادية تبدأ من مراحل الطفولة في خضم استنساخ مليشيا الحوثي لكل نظم الحياة الإيرانية.
ويحذر عضو مركزية الحزب الناصري في اليمن، السياسي مجيب المقطري، من الحرب الطائفية واستمرار سيطرة المليشيات الحوثية على مناطق كـ"تعز"و "الحديدة" و"إب" والذي سوف يمكن المليشيات من بناء هوية جديدة لهذه المناطق من خلال تعليم الأطفال.
واعتبر ذلك أنه "حرب إيرانية بغطاء الطائفية على غرر الحوزات التعليمية او العلمية وتستهدف إلى إيجاد بيئة تحمل هوية مزدوجة وتنشئ فيه صراعا يمكن المشروع الإيراني الحوثي من التواجد حتى بعد التحرير".
وقال السياسي اليمني، لـ"العين الإخبارية"، إن كل الجناح العسكري المتطرف للمليشيات الحوثية خرج من رحم المراكز الدينية التي تم إنشاؤها بدعم إيراني منذ بداية الثمانينات، حيث تحول كل طلاب المدارس الحوثية في صعدة وعمران وصنعاء وذمار إلى جنود يتسابقون على الموت من أجل معتقدات غرست في أدمغتهم باكرا، وهو ما تسعى المليشيات لتوسيعه في مدن: تعز وإب والحديدة والبيضاء ومناطق اليمن الوسط المعتدل.
وشدد المقطري على أهمية التحرير عسكريا لتدارك العبث الذي تمارسه هذه المليشيات في اليمن وإلغاء هذه المدارس والمراكز واعادة تأهيل كل من وقعوا ضحية هذا التحشيد المتطرف فكريا وعسكريا وحماية الأجيال من تفخيخ أدمغتهم بالفكر الطائفي الذي تكرسه المليشيات الحوثية حاليا.
أخطر حرب مدمرة
من جهته، اعتبر الخبير التربوي اليمني، نبيل السفياني، المراكز الدينية الحوثية، أنها "ليست تعليم بل تلغيم " وتدجين طائفي لعقول الطلاب، ولا " تمثل بناء للجيل بل تفخيخ جيل، وتفخيخ المستقبل بمعتقدات طائفية وسلالية متطرفة" سيقود إلى المزيد من التشظي.
وتعمل مليشيات الحوثي، حسب الخبير اليمني، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، على خلق هويات طائفية بمرجعية خارجية وتبعية وولاء للخارج الإقليمي الإيراني على حساب الهوية اليمنية والعربية وبغطاء وصبغة دينية زائفة.
كما أن ذلك "سيقود لنوع من ردود الفعل السلبية من بعض الأطراف والجمعيات الدينية الأخرى المناهضة والمعادية للمليشيات الحوثية"، بحسب قوله.
ويضع السفياني مقارنة بين التجارب اليمنية السابقة، كسيطرة الإخوان على التعليم والمدارس، ويؤكد أن ما تقوم به المليشيا الانقلابية من حرب طائفية هي الأخطر في تدمير الأجيال والهوية اليمنية والعربية.
وقال السفياني إنه قد يكون من السهل "إعادة بناء ما دمرته وستدمره حرب الانقلاب الحوثي من منشأت ومباني وطرق ومصانع وغير ذلك مهما استغرق ذلك من الوقت والزمن، لكن لن يكون من السهل إعادة بناء الإنسان والعقول وتنظيفها من النفايات والإلغام الطائفية والفكرية المتطرفة ".
aXA6IDMuMTYuNzUuMTU2IA== جزيرة ام اند امز