"بداية النهاية".. ماذا يحدث في إيران؟
الحالة العامة خلال الآونة الأخيرة في إيران تنذر بإرهاصات ما قبل نهاية النظام الديني القابض على زمام السلطة في البلاد منذ 41 عاما
أصبحت الحالة العامة خلال الآونة الأخيرة في إيران تنذر بإرهاصات ما قبل نهاية النظام الديني القابض على زمام السلطة في البلاد منذ 41 عاما.
واعتبر مراقبون أن حوادث الحرائق والانفجارات الغامضة التي تعرضت لها مراكز استراتيجية إيرانية على مدار الأسابيع الماضية، فضلا عن تدهور مؤشرات الاقتصاد المحلي، وأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد أربكت بشدة مسؤولي طهران.
ووصفت تقارير صادرة حديثا عن المعارضة الإيرانية بالمهجر التي تأتي على رأسها منظمة مجاهدي خلق (مقرها باريس) أن النظام في إيران يواجه أوضاعا بائسة ومزرية خلال هذه المرحلة الحساسة والخطيرة.
ولفت تقرير للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إلى نظام المرشد الإيراني يخشي اندلاع انتفاضة شعبية عارمة تفضي إلى سقوط أركان النظام السياسي الحالي من جراء أزمته الخانقة.
وتحولت مشكلات داخلية على مستوى العلاقة بين التيارات السياسية والاقتصاد والأمن والصحة إلى تحديات تتسارع بوتيرة متلاحقة لترسم مسارا مقلقا للنظام خصوصا في ظل تراجع أشكال المهادنة له دوليا مثلما كان سابقا، حسب التقرير.
وفي انعكاس لمخاوف مسؤولي طهران، حذر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال كلمة له في جلسة برلمانية علنية، 5 يوليو/تموز الجاري، من أن جميع المنضوين سياسيا تحت عباءة نظام ولاية الفقيه سواء كانوا إصلاحيين أو أصوليين أو ليبرالين أو ثوريين في سفينة واحدة وليسوا موضع قبول من الولايات المتحدة، وفق قوله.
وأبرزت صحف محلية قبل أيام تحذيرات للمرشد الإيراني علي خامنئي من الصراع بين التيارات والسلطات الثلاث (الرئاسة، البرلمان، القضاء) قبل أن يوعز بإلغاء مشروع استجواب برلماني وقع عليه 130 مشرعا لمساءلة رئيس البلاد حسن روحاني تمهيدا لعزله من منصبه.
حوادث غامضة
اندلعت عدة انفجارات بمواقع عسكرية وحرائق في المراكز الصناعية والحضرية الإيرانية بوتيرة متسارعة على مدار الأسابيع الماضية، حيث استبعد مسؤولون رسميون احتمالات أن الأسباب وراء الأحداث المذكورة متعمدة أو ناجمة عن أعمال تخريبية بل مجرد حوادث طبيعية.
لكن مسؤولين أمنيين سابقين اعتبروا أن مجموعة العمليات التي استهدفت المنشآت النووية مثل منشأة نطنز النووية في محافظة أصفهان (وسط) تؤشر على انهيار أمني لدى إيران.
- انفجارات وحرائق غامضة بمؤسسات إيرانية...إهمال أم تعمد؟
- "انفجارات إيران".. انهيار أمني أم اختراق سيبراني؟
وذكرت محطة إيران إنترناشونال الناطقة بالفارسية التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، نقلا عن مسؤولين أمنيين أمريكيين وإسرائيليين سابقين أن تلك المنشآت النووية الإيرانية تدار بواسطة مليشيات الحرس الثوري.
وأوردت المحطة الإخبارية في تقرير لها أن المنشآت الإيرانية تعرضت لـ 7 عمليات مدمرة خلال الأسبوعين الماضيين.
وأشار التقرير، حسبما نقل عن صحيفة "جيروزاليم بوست"، إلى أن الأعوام الأخيرة ظهرت خلالها مؤشرات على وجود فجوات في الطبقات الأمنية الإيرانية على الرغم من تمكن الحرس الثوري من مواجهة محاولات اختراق تمت من جانب واشنطن وتل أبيب بين سنوات 2011 إلى 2014.
ويعد سطو إسرائيل قبل عامين على كمية كبيرة من وثائق نووية سرية كانت داخل مخبأ في جنوبي العاصمة الإيرانية طهران أولى بوادر الانهيار الأمني في إيران، حسب التقرير.
وتساءل التقرير حول المدى الزمني لاستمرار تلك الهجمات التي تستهدف عرقلة البرنامج النووي الإيراني، وكذلك إمكانية إجبار طهران على الجلوس إلى طاولة مفاوضات لإبرام اتفاق جديد تنتهي معه هذه العمليات.
من جانبها، اعتبرت صحيفة "كيهان لندن" الناطقة بالفارسية أن الانفجارين الذي وقعا مؤخرا في منشأتي نطنز وبارتشين النووتين لم يكونا مجرد حادثين عارضين بل جزءا من خطة محسوبة بدقة.
وأوضحت الصحيفة الإيرانية المعارضة التي يقع مقرها في لندن أن مسؤولي طهران لديهم قلق من ثمة تأثير واسع النطاق لوكالات أمنية إسرائيلية وأمريكية داخل هيكل المؤسسات الأمنية والعسكرية الإيرانية.
وكشف التقرير أن مواقع إيرانية أخرى كانت عرضة للاستهداف خلال الأسبوعين الماضيين، مثل قاعدة "الإمام الحسين" العسكرية، وثكنات لسلاح الطيران ومركز تدريب عسكري تابعين للحرس الثوري غربي طهران.
ورجح فابيان هاينز، خبير عسكري يتابع التطورات الإيرانية، إن هناك 4 قواعد عسكرية نشطة على الأقل في بلدة كرمدره التي تواردت أنباء عن وقوع انفجار بها، الأسبوع الماضي، قبل أن تنفي السلطات الرسمية.
ومن بين هذه القواعد العسكرية النشطة غربي العاصمة الإيرانية طهران يبرز مركز أبحاث بمجال الأسلحة الكيميائية، وفق هاينز.
وأكد مسؤولون إيرانيون حتى الآن فقط صحة الانفجار الذي وقع في منشأة نطنز النووية، حيث تم تجميع أجهزة الطرد المركزي من طرازي "آي آر 4 و6"، دون سرد كواليس الحادث رغم تلميحهم لوجود ضرر بالغ.
يشار أن نشاط التخصيب داخل منشأة نطنز النووية الواقعة في محافظة أصفهان (وسط إيران) توقف لفترة من الوقت بعد إبرام الاتفاق النووي الإيراني مع قوى عالمية في عام 2015.
وعاودت إيران التخصيب مجددا منذ عامين بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق الذي وصفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالكارثي.
وشهدت إيران انفجارات وحرائق واسعة طالت محطات كهرباء ومصانع بعضها يستخدم لأغراض عسكرية ومدنية في مختلف محافظاتها مؤخرا، بحيث باتت أسباب هذه الحوادث الغامضة محل جدل كبير إعلاميا.
الصحيفة المعارضة أشارت إلى أن استمرار هذه الانفجارات سيتسبب في يأس وارتباك داخل النظام الإيراني، لاسيما وأن الناس سينظرون بضعف له، وفي هذه الحالة، ستتمكن الانتفاضات الشعبية من توجيه ضربة أخيرة للنظام برمته.
احتجاجات شعبية
وتوقع مراقبون اندلاع احتجاجات شعبية في مختلف أنحاء إيران بسبب تصاعد حدة المشكلات الاقتصادية وغياب الحلول من نظام علي خامنئي المسيطر على حكم البلاد.
وتجاوزت أزمات الطبقات الأكثر فقرا في إيران مثل المتقاعدين والعمال، تأمين سلال السلع الضرورية حيث زادت نفقات الإيجارات السكنية وأسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق.
- غضب الإيرانيين من الإعدامات يصل أوروبا.. والنظام يخشى انتفاضة
- نجلة رفسنجاني: الدعم الخارجي يعزز أنشطة المعارضة في إيران
ويعد النمو الاقتصادي السلبي، والتضخم، والركود، والبطالة، وفصل القوى العاملة تعسفيا، والأهم من ذلك زيادة مؤشر الفقر من أهم الأزمات التي يعاني منها اقتصاد إيران حاليا.
ارتفعت مؤخرا أسعار ما لا يقل عن 10 أصناف من الأطعمة عالية الاستهلاك مثل الدجاج والبيض والأرز ومنتجات الألبان والمكرونة بنسبة تصل إلى 25 %.
كما زاد إيجار المساكن بنسبة تقارب 50 %، في حين أدى الانخفاض الحاد بنسبة تخطت 70 % في قيمة العملة المحلية لتناقص قوة الشراء لدى غالبية السكان في إيران (81 مليون نسمة)، وفق التقرير.
وشهد الأسبوعين الماضيين زيادة في عدد التجمعات الاحتجاجية من قبل العمال الإيرانيين الساخطين على تأخر الأجور والخصخصة والفصل التعسفي.
ولم يعرقل تفشي فيروس كورونا، إضرابا نظمه آلاف العمال لمدة شهر كامل داخل مصنع لإنتاج السكر في محافظة خوزستان الغنية بحقول النفط في جنوب غرب إيران.
ورفع العمال المحتجون شعارات مناهضة لسياسات النظام بالداخل بسبب الفساد المالي، والفشل الإداري، والإهمال.
ووقعت مصادمات بين عمال مصنع "هفت تبة" للسكر في خوزستان وقوات الأمن الإيرانية، وسط احتجاجات عمالية متكررة هناك طلبا للأجور المتأخرة.
واحتج آلاف المتقاعدين داخل 6 مدن إيرانية كبيرة من بينها العاصمة طهران خلال اليومين الماضيين، اعتراضا على سوء أوضاع المعيشة ومطالبة البرلمان بالتدخل لزيادة قيمة الرواتب التقاعدية.
وندد بيان صادر عن اتحاد المتقاعدين الإيرانيين، بما اعتبرها تبعات خطيرة تتحملها الحكومة وإدارة الضمان الاجتماعي بسبب تجاهل احتجاجات هذه الشريحة الاجتماعية في ظل أزمة فيروس كورونا المستجد.
ويبدو أنه مع ازدياد صعوبة الظروف المعيشية للناس في إيران، بدأت تتشكل مجددا بوادر احتجاجات مثل تلك التي حدثت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وديسمبر/ كانون الأول 2017.
انهيار العملة
سجل الريال الإيراني تراجعا جديدا أمام الدولار الأمريكي، وسط ذروة في أسعار صرف العملات الأجنبية بالسوق (السوداء) داخل البلاد.
وتدنى الريال الإيراني إلى ما يزيد على 240 ألف ريال للدولار الواحد، الخميس، حسبما أظهرت مؤشرات موقع "بونباست" غير الرسمي المتخصص في رصد حركة سوق العملة الصعبة في إيران.
وبلغ سعر اليورو نحو 275 ألف ريال إيراني، والجنيه الاسترليني 300 ألف ريال، والفرنك السويسري 255 ألف ريال.
وارتفعت قيمة الدولار الأمريكي مقابل الريال الإيراني بأكثر من 7%، خلال الأسبوع الماضي، بينما انهار سعر العملة الإيرانية بنسبة تجاوزت 51 % منذ مارس/آذار 2020.
- العملة الإيرانية تواصل الانهيار الكبير.. 240 ألف ريال للدولار الواحد
- كيف ترى المؤسسات العالمية حقيقة اقتصاد إيران المفزعة إلا طهران؟
ورغم الوعود التي أطلقها محافظ البنك المركزي الإيراني عبد الناصر همتي، بالسيطرة على سوق الصرف الأجنبي في الأسابيع الأخيرة، إلا أن العملة الإيرانية تواصل انخفاضها.
وتواجه إيران التي كانت هدفا للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على الصادرات النفطية وغير النفطية منذ مايو/ أيار 2018، بعد انسحاب الأخيرة من الاتفاق النووي، العديد من المشكلات الاقتصادية.
وتأتي الزيادة في أسعار العملة الصعبة مع انخفاض احتياطيات إيران من العملات الأجنبية بشدة بسبب العقوبات.
وإلى جانب انخفاض صادرات البلاد، أدى عدم قدرة الحكومة على ضخ العملة في السوق إلى تسريع نمو سعر الصرف الأجنبي.
ومن المتوقع أن تنخفض احتياطيات إيران من العملات الأجنبية بنحو 19 مليار دولار في عام 2020 مقارنة بالعام الماضي، لتصل إلى 85 مليار دولار، وستنخفض مرة أخرى في العام المقبل إلى 69 مليار دولار، وفق صندوق النقد الدولي.
أزمة كورونا
تجاوزت آخر حصيلة لأعداد ضحايا كورونا في إيران حاجز 10 آلاف حالة وفاة، وبلغت الإصابات أكثر من 200 ألف حالة إصابة.
وكشف إيرج حريرجي، مساعد وزير الصحة الإيراني قبل عدة أيام أن شخصا واحدا في يصاب بكورونا كل 33 ثانية، ويموت شخص كل 13 دقيقة في بلاده، وفق وكالة الأنباء الرسمية.
واعتبر المسؤول الحكومي أن هذه الأرقام بمثابة إنذار يستلزم ضرورة الاهتمام بقواعد التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات الواقية.
- إيران تقيد اختبارات فيروس كورونا.. ستشمل هذه الفئات
- أزمة كورونا تعمق آلام طهران الاقتصادية.. انهيار دخول نصف الإيرانيين
وتثار شكوك من جانب معارضين إيرانيين حول دقة إحصائيات السلطات الرسمية بشأن وفيات وإصابات فيروس كورونا المستجد، حيث من المرجح أن تكون أعلى بكثير من المعلن رسميا، لا سيما بعد أن تكتموا على ظهور الفيروس محليا، بداية من مطلع 2020.
وكشف محمد رضا ظفرقندي، رئيس منظمة النظام الطبي الإيرانية، أمس الأربعاء، عن زيادة أعداد مصابي كورونا في بلاده، لا سيما الحالات الحرجة.
وذكر ظفرقندي في خطاب للرئيس الإيراني حسن روحاني أن عدد المرضى قد ازداد وانخفضت قدرة وحدات العناية المركزة على استقبال آخرين جدد.
وتضاعف عدد ضحايا كورونا في إيران لنحو 3 مرات منذ أواخر يونيو/ حزيران الماضي، ومطلع يوليو/ تموز الجاري.
aXA6IDE4LjIyNS4xNDkuMTU4IA==
جزيرة ام اند امز