إيران منشغلة بـ«سليماني».. «غائب حاضر» في البحر والطوفان والتعويضات
ضربة قوية لتحركات إيران في الشرق الأوسط، تعود إلى 4 سنوات مضت، لكنها لا تزال تسيطر على "عقل إيران" الباطن، وربما تصيغ كثيرا من الأحداث.
الضربة هي مقتل قائد فيلق القدس السابق ومهندس العمليات الخارجية للحرس الثوري، قاسم سليماني في غارة لطائرة أمريكية بدون طيار قرب مطار بغداد في الثالث من يناير/كانون الثاني 2020، في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.
وفي حينه، قال الرئيس الأمريكي السابق، إنه هو من أمر بتنفيذ هذه الضربة، مشيرا إلى أن سليماني كان يخطط لهجمات “وشيكة” ضد دبلوماسيين وعسكريين أمريكيين.
ورغم مرور 4 سنوات على هذه الضربة، لا يزال اغتيال سليماني يسيطر على "عقل إيران"، ما ظهر في التصريحات المختلفة التي صدرت عن مسؤولين إيرانيين في الأيام الأخيرة.
وفي البداية، نقلت وكالةُ مهر الإيرانية عن المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني رمضان شريف، قوله إن عملية طوفان الأقصى، التي شنتها حماس ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كانت "أحد الانتقامات" لاغتيال سليماني.
تصريحات أثارت كثيرا من الجدل، وتصدرت عناوين صحف كثر حول العالم، كأول اعتراف إيراني بدورها في الهجوم الذي حرك حربا مستمرة منذ 89 يوما، لكنها أثارت ارتباكا إيرانيا واضحا.
وبعد ساعات قليلة من هذا التصريح، أكد قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي أن عملية "طوفان الأقصى"، "لم تكن انتقاما" لمقتل قاسم سليماني، وإنما "عملية فلسطينية بالكامل تم تنفيذها من قبل الفلسطينيين أنفسهم".
سلامي لم يقف عند هذا الحد، إذ فتح مسألة الانتقام من جديد، وقال إن إيران هي من ستنتقم لمقتل القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
وبعد ذلك بأيام، وبالتحديد في مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، عبرت المدمرة الإيرانية "ألبرز" القتالية برفقة سفينة "بهشاد" العسكرية مضيق باب المندب، باتجاه البحر الأحمر، في ظل توتر بين الحوثيين المدعومين إيرانيا والولايات المتحدة بسبب تهديد المليشيات لحركة الملاحة.
تحرك يٌفهم في إطار "رسالة ردع"، لكنه يعيد إلى الأذهان تصريحات سليماني نفسه في 2018، حين قال موجها حديثه لترامب، إن "البحر الأحمر لم يعد آمنا للقوات الأمريكية"، ولوح في حينه، بهجمات في هذه المساحة المائية.
ما يبرز البحر الأحمر كمنطقة صدام وصراع على النفوذ وتوجيه الرسائل السياسية بين إيران والولايات المتحدة، ويعيد سليماني إلى الواجهة كـ"غائب حاضر"، باعتباره أول من فتح هذه الساحة، وفق مراقبين.
هذا السياق المتوتر، يعيد فتح من جديد ملف الرد على مقتل قائد فيلق القدس، إذ توقف الرد الإيراني بعد أيام من الهجوم، على قصف الحرس الثوري قاعدة "عين الأسد" الجوية العسكرية الأمريكية، بمحافظة الأنبار، غربي العراق، بعشرات الصواريخ.
لكن هذا الرد كان محدودا للغاية، والصواريخ سقطت خارج القاعدة، كما لم تتسبب في أضرار بشرية أو مادية، وفق تقديرات الإدارة الأمريكية.
وبين الاغتيال والتهديد الجديد بالرد، مرت 4 سنوات كاملة على هذه اللحظة التي أثارت في حينها قلقا من حدوث اضطراب كبير في الشرق الأوسط، لكنها لا تزال تسيطر بشكل أو بآخر على السياسة الإيرانية.
وعشية الذكرى الرابعة لاغتيال سليماني، كتبت البعثة الدائمة لإيران لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف رسالة إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والآليات الأخرى ذات الصلة، اعتبرت فيها الغارة الأمريكية، "اغتيالا مستهدفًا وتعسفيًا وظالمًا وغير قانوني".
وأشارت البعثة الدائمة لإيران في هذه الرسالة إلى التدابير التي اتخذتها إيران بعد الحادث، وأعلنت أنها "تحمّل الأفراد والمؤسسات المتورطة في عملية الاغتيال المسؤولية أمام القانون وستواصل هذا المسار حتى محاكمة ومعاقبة الآمرين والضالعين والمرتكبين لها".
كما حملت بعثة إيران الدائمة في مكتب الأمم المتحدة، "الحكومة الأمريكية مسؤولية تنفيذ عملية الاغتيال المستهدفة والمنظمة هذه".
الأمر لا يتوقف عند التحركات الخارجية، إذ ذكر موقع “ميزان أونلاين” التابع للسلطة القضائية الأيرانية، أنه “بعد شكوى رفعها 3318 مواطنا، حكمت المحكمة القانونية للعلاقات الدولية بفرعها الـ55 في طهران على الإدارة الأمريكية وشخصيات حكومية أمريكية بدفع تعويضات وغرامة عن الأضرار المادية والمعنوية لاغتيال سليماني، تبلغ 49 مليارا و770 مليون دولار”.
aXA6IDE4LjIyNC43My4xMjQg جزيرة ام اند امز