إيران.. السوق السوداء للدولار تضاعف معاناة حكومة روحاني
"وول ستريت جورنال" تشير إلى الرواج الكبير في السوق السوداء للدولار الأمريكي في إيران مع التراجع الحاد في قيمة العملة المحلية.
توجه مؤخرا أحد عمال توصيل الطلبات، إلى منزل في وسط العاصمة الإيرانية طهران، وهو يحمل صندوقا للبيتزا – و3,000 دولار أمريكي.
كان طلب الحصول على المبلغ بالدولار قد وصل إلى تاجر العملة قبل أقل من 3 ساعات، عبر تليجرام، تطبيق الرسائل المشفرة المستخدم على نطاق واسع.
قال نيما، الذي يتاجر بالعملة في السوق السوداء والذي تولى تنسيق الصفقة، لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية: "لست تاجر مخدرات، ولكن الحكومة دفعتنا إلى حرب عصابات"، وطلب نيما عدم استخدام اسمه الكامل خوفا من الاعتقال.
إيران.. الأزمة الاقتصادية تقذف بـ"روحاني" تحت مقصلة البرلمان
خبراء لـ"العين الإخبارية": إيران تتهاوى والأمور ستزداد سوءا في نوفمبر
وتشير الصحيفة إلى الرواج الكبير في السوق السوداء للدولار الأمريكية في إيران، مع الضغط الذي يواجهه النظام في طهران جراء العقوبات الأمريكية المشددة وتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد، في ظل إعادة الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران، بعد الانسحاب من الاتفاق النووي معها.
وأدى تراجع حاد في قيمة العملة الإيرانية إلى زيادة في الطلب على الدولار في الشهور الأخيرة، من جانب الإيرانيين الساعين لامتلاك أصول آمنة، ويوم الثلاثاء، بحسب الصحيفة، كان الدولار الواحد يعادل 107,000 ريال إيراني، مقارنة بـ43,000 في يناير/كانون الثاني.
وفي محاولتها السيطرة على هذا التراجع، سعت حكومة الرئيس حسن روحاني إلى الحد من السوق السوداء للدولار بتشديد الإجراءات على التجارة غير المشروعة. وبهذا، دخلت السلطات في لعبة قط وفأر مع المتاجرين بالعملة الذين يبتكرون طرقا جديدة ويستعملون تطبيقات الرسائل المشفرة.
وقبل فترة غير بعيدة، كانت الحكومة خففت من قبضتها على سوق العملة الأجنبية قليلا، في محاولة لجذب عملاء السوق السوداء. وفي يوليو/تموز تم افتتاح سوق ثانوية للعملة لفائدة صغار المستوردين والمصدرين الذين يريدون التجارة في العملة وفق المعدلات السائدة. أما في أغسطس/آب فرفعت السلطات الحظر على الاتجار في العملات بغير المعدلات الرسمية.
ومع هذا، فبعض التشديدات لا تزال سارية، بما في ذلك القيود على كمية النقد من الدولار الذي يمكن للتجار منحه للعملاء، وغير ذلك من القيود. وأدى هذا للجوء البعض إلى السوق السوداء، رغم اعتراف عدد من المتاجرين بالعملة بتباطؤ المعاملات في السوق السوداء في الأيام الأخيرة لأن الارتفاع القياسي في الدولار أثر بعض الشيء على الطلب عليه.
وعزا بعض الاقتصاديين مشكلة الدولار في إيران إما إلى نقص العملة لدى البنك المركزي، وإما إلى تردد إيران في استخدام الاحتياطي الرسمي لدعم الريال، وهو ما ينفيه النظام.
لكن الحكومة استمرت في حملتها المشددة، وأعلنت السلطات في 5 أغسطس/آب القبض على 5 متاجرين بالعملة الأجنبية، بتهم غير محددة، وبعد ذلك بأسبوع، أعلنت توقيف 67 شخصا وتوجيه تهم لهم بارتكاب جرائم اقتصادية غير محددة.
وقال شاهنام غولشاني، تاجر ذهب وعملة، إنه بالإضافة إلى هذه التحركات من جانب النظام، فقد مارست الحكومة في السابق ضغوطا على أشخاص بارزين في السوق غير الرسمية، للمساعدة في احتكار أسعار العملة. وفر غولشاني إلى تركيا قبل 3 سنوات بعد قضائه عدة سنوات في سجن إيفن لإدارته موقعا ينشر أسعار العملات في السوق غير الرسمية.
وقال غولشاني: "كانوا يقولون لي باستمرار وأنا في السجن إنني إذا تعاونت معهم في السيطرة على أسعار العملات، فسيخلون سبيلي. كانوا يريدون توجيه السوق من وراء الكواليس."
وتلفت الصحيفة الأمريكية إلى أن الكثير من تجار العملة استمروا في العمل سرا، مخافة الاعتقال. ويقول مالك موقع Bonbast.com الذي يرصد وينشر الأسعار غير الرسمية لبيع وشراء العملات بناء على ما يصدر عن التجار في السوق السوداء، إن الخط الذي تسمح به السلطات بشأن سوق العملة يتغير باستمرار.
وأضاف مالك الموقع الذي طلب عدم ذكر اسمه: "في بعض الأيام، يكون (الاتجار في العملة) عملا شريفا. وفي أيام أخرى يكون انتهاكا للأمن القومي، ويمكن اعتقال كبار التجار ومعاقبتهم بالإعدام."
وتشير "وول ستريت جورنال" إلى أن الكثير من التجار يحرصون على عدم التعامل عن طريق حساباتهم البنكية، ويستعملون حسابات ملحقة بشركات تقوم بتعاملات ضخمة، كالمطاعم أو متاجر البقالة، بحسب مالك الموقع المذكور.