باحث فرنسي: اتساع احتجاجات إيران يحاصر النظام
الباحث الفرنسي لفت النظر إلى انضمام مدينة "قم" مهد ثورة الخميني في الاحتجاجات ضد نظام الملالي
اعتبر الباحث الفرنسي، ستيفان دودوانيون، أن توسع نطاق الاحتجاجات في إيران لتمتد لنحو 70 مدينة صنع سقفا عاليا يحاصر النظام.
ودودوانيون، الباحث بالمعهد الوطني الفرنسي للبحث العلمي (حكومي)، قدّم صياغة لمفهوم ما يحدث في إيران المهتزة منذ الخميس الماضي على وقع مظاهرات دامية، اندلعت بسبب الفقر وارتفاع معدلات البطالة، خصوصا في صفوف الشباب، وخلّفت أكثر من 20 قتيلا وأكثر من ألف معتقل.
ولفت في مقابلة مع صحيفة "لوموند" الفرنسية، النظر إلى المفهوم أو التسميات التي أطلقها المحتجون أنفسهم على حراكهم، معتمدين على اللعب بالكلمات، تماما مثل مصطلح "ثورة البيض"، في إشارة إلى أحد الأسباب التي قامت عليها الاحتجاجات وهي الإعلان عن الزيادة في سعر البيض، إضافة لأسعار الوقود.
وبالرغم من الاحتجاجات على الأوضاع الاقتصادية مكرر في إيران، إلا أن الباحث الفرنسي أشار إلى أن ما يمنح الاحتجاجات الحالية طابعا مختلفا، وما قد يثير رعب النظام، هو أن المظاهرات السابقة لم تتجاوز كونها مجرد حراك داخلي في بعض المدن المتاخمة للصحراء.
لكن هذه المرة، يبدو الأمر مختلفا بشكل كبير، فلهيب الاحتجاجات أدرك نحو 70 مدينة إيرانية، وحتى الشعارات المرفوعة هذه المرة بدت مناهضة للنظام بشكل مباشر وسافر، علاوة على الشتائم الموجهة لكبار شخصيات النظام.
وفي معرض رده عن الشعارات التي رفعها المحتجون الإيرانيون، وبدت لافتة بشكل خاص، تطرق الباحث الفرنسي إلى شعارات رفعت في مدينة قم، مهد الثورة الإيرانية في 1979، وهي شعارات مؤيدة للنظام الملكي، وخصوصا لـ رضا شاه بهلوي الذي حكم البلاد من 1925 إلى 1941، والذي يسميه المؤرخون بـ "أتاتورك إيران".
وتمنح هذه الشعارات الاحتجاجات الراهنة طابعا جديدا ومختلفا عن سابقاتها، وتستبطن رفضا تاما للنظام القائم في إيران، وهذه جرأة غير مسبوقة، تماما مثل الجرأة التي أظهرها المحتجون حين اقتحموا عددا من المقرات الرسمية، وظلوا في أحدها ساعات طويلة، وهذا أمر غير مسبوق، وفق الباحث.
أكثر عدائية
وبخصوص إن كانت المقارنة تجوز بين الاحتجاجات الراهنة وبين تلك التي جرت منذ عام 2009 التي كانت ضد إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، أشار دودوانيون، إلى أن المقارنة تجوز لكن جزئيا فقط.
فالمظاهرات الحالية حملت نفسا عدائيا بشكل أكبر تجاه النظام، كما أن المحتجين في 2009 كانوا من الطلبة والطبقة البرجوازية، بعكس ما يحدث اليوم، حيث خرج سكان الأحياء الشعبية والشباب الذي أرهقته البطالة، أي أن القاعدة الاجتماعية هي التي تحتج اليوم في إيران، ما يستبطن تآكلا إيديولوجيا واجتماعيا للجمهورية الإيرانية.
طابع مختلف، وتجمعات متزامنة في عشرات المدن، وانقسام واضح للنظام، إلى جانب تشبث المحافظين بالمطالب الشعبية، والجبن الذي اتسمت به بعض التدابير القمعية للمظاهرات، جميعها تورث قناعة بأن إيران في خطر.
وهذا الخطر كشفت عنه تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين عن القلق من توجه سقف الهجوم إلى الملالي أنفسهم، وخروجها من مدن توصف بالمقدسة ومحافظة على الفكر الخميني.
ففي السابق، اقتصرت المظاهرات على العاصمة طهران، وكان قمعها سهلا نسبيا، لكن الآن، وبحكم الطابع المتزامن للاحتجاجات في عشرات المدن، وسرعة انتقال المعلومة بفضل وسائل التواصل، يجعل من عملية قمعها أمرا أصعب بكثير.
تخبط النظام
أما فيما يتعلق بتعامل النظام الإيراني مع الاحتجاجات الراهنة، فاعتبر الباحث أن ملامح التخبط بدت واضحة، وتكشف عن وجود انقسامات كبيرة في صلبه، حيث انتهز المحافظون الفرصة لتوجيه أصابع الاتهام للرئيس حسن روحاني، مع أنهم يظلوا، في الآن نفسه، عاجزين عن احتواء حراك يتجاوزهم.
من جانبه، تحدث روحاني، تحت ضغط المحافظين، عن وجود عملاء أجانب، قبل أن يغير خطابه سريعا، ليتبنى دعوات الحركة الإصلاحية الداعية إلى إصلاح الأمور في البلاد.
وبخصوص ما يحاول القادة الإيرانيون بثه للعالم من أن الحراك مفتعل وغير تلقائي، نفى الباحث الفرنسي أن يكون هناك من يقف وراء الاحتجاجات الراهنة.
وأعرب عن اندهاشه من قدرة الزلزال الأخير الذي ضرب محافظة كرمانشاه غربي إيران، وخلف أكثر من 500 قتيل، على حشد أكراد البلاد وغيرهم، ما عكس قدرة كبيرة من قبل المجتمع المدني على التعبئة، إضافة إلى التجمعات والمظاهرات التي جرت في السنوات الأخيرة، جميعها مراكمات تفسر جاهزية الأرضية في إيران لما يحدث حاليا.
aXA6IDMuMTQ1Ljk1LjIzMyA=
جزيرة ام اند امز