اليوم وبعد هذه العقود الأربعة يثور الشعب الإيراني.
التظاهرات التي تجتاح إيران تعيد أسئلة مهمة حول النظام الحاكم في طهران والقدرات الخاصة بأيديولوجيا ولاية الفقيه على مقاومة المظاهرات الشعبية التي تستعيد مشهداً مهماً في المسيرة التاريخية الفارسية، فقبل أربعة عقود تقريباً استنجد الشعب الإيراني بالأيديولوجيا، ولاية الفقيه، للتخلص من الشاه، وحقق الشعب ثورته بمساعدة قوى خارجية، ومنح ولاية الفقيه موقع القيادة والسلطة.
لم تعد فكرة ترقية الإصلاحيين ممكنة النجاح مرة أخرى، مع العلم بأن خامنئي سوف يضحّي بروحاني وقد يستبدله سريعاً بأحد الإصلاحيين، هذا إذا ما استطاع أن يقمع هذه الثورات، ولكن الأخطر أن خامنئي والحرس الثوري لن يستطيعا إيقاف ثورة الأسئلة.
اليوم وبعد هذه العقود الأربعة يثور الشعب الإيراني، ولكن بمَن سوف يستنجد هذه المرة؟ وماذا يريد تحديداً؟ مَن سوف يلعب دور المخلّص إذا ما كان هناك مخلّص لهذا الشعب الفارسي الغارق في العمق التاريخي؟ في مشهد مهم يطرح سؤالاً أهم يقول: هل بدأ نظام الملالي فعلياً بدفع ثمن وفائه الخاطئ لمبدأ «تصدير الثورة» الذي كان الشعار الأبرز في ثورة الخميني؟.
انتزاع الثقة من الأيديولوجيا الدينية التي سادت إيران خلال عقود عملية ليست سهلة وممكنة، وهذه المظاهرات تبدو الأخطر من حيث نقض التاريخ الثيوقراطي لهذه الدولة، فمعظم الأسئلة الاقتصادية والسياسية التي يطرحها المتظاهرون لا تتوفر لها إجابات واقعية ومقنعة، ولذلك فالمظاهر الطاغية على المشهد التظاهري ليس لها علاقة «باللطم، والنياح» أو الاستنجاد بالمظاهر الأيديولوجية والمعصومين والغائبين، فحتى خامنئي نفسه وزمرته ليس لديهم إجابات على لسان أولئك الرموز للإفتاء بها حول أسباب تدهور الوضع الاقتصادي السياسي.
من المتوقع أن تتطور معايير استخدام العنف في المشهد الإيراني، وقد تكون هذه المظاهرات جولة مهمة، ليس لهز أغصان الشجرة كما حدث في ثورة العام 2009، اليوم وبكل وضوح يبدو أن المتظاهرين يرغبون في اقتلاع شجرة ولاية الفقيه من جذورها، وقد شعر «خامنئي» بهذا الخطر، فخرج مستنجداً بفكرة المؤامرة ليعيد ترتيب المشهد ليخدم مصالحه، مهدداً المتظاهرين بالموت.
لم تعد فكرة ترقية الإصلاحيين ممكنة النجاح مرة أخرى، مع العلم بأن خامنئي سوف يضحّي بروحاني وقد يستبدله سريعاً بأحد الإصلاحيين، هذا إذا ما استطاع أن يقمع هذه الثورات، ولكن الأخطر أن خامنئي والحرس الثوري لن يستطيعا إيقاف ثورة الأسئلة، فقد جرّب الشعب الإيراني الاستنجاد بالأيديولوجيا، ولكنه لن يفعلها هذه المرة.
نقلا عن صحيفة "الرؤية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة