تهديدات إيران وحرائق الأمازون.. الأبرز على طاولة "السبع الصناعية"
القمة تبدأ وعلى طاولتها العديد من الملفات السياسية والاقتصادية والبيئية وسط خلافات حادة بين الدول الكبرى حول قضايا عالمية.
تنطلق، الأحد، وعلى مدى 3 أيام، جلسات قمة دول مجموعة السبع الصناعية الكبرى، بمنتجع بياريتس الفرنسي المطل على المحيط الأطلنطي وسط تحذيرات من مخاطر الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي.
وبينما يدعو قادة الدول المشاركة في القمة للتهدئة فيما يتعلق بضجيج "حرب التجارة"، لا تبدو الملفات الأخرى المطروحة على طاولة المباحثات أقل صخبا، على تنوعها من الأزمة البيئة حتى تهديدات إيران.
ويركز قادة الاقتصاديات الرائدة في العالم على ملفات أبرزها تهديدات إيران ومكافحة الإرهاب والتغير المناخي وحرائق غابات الأمازون، إضافة إلى قضايا الوظائف وعدم المساواة وتمكين المرأة وغيرها.
ومن المرجح أن تكون الجلسات الثنائية بين قادة العالم هي الأبرز خلال قمة مجموعة السبع.
وبجانب زعماء بريطانيا وكندا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة فقد دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زعماء من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية للمشاركة في القمة من أجل دعم تلك القضايا العالمية.
تعهدات ماكرون
وتعهد ماكرون أن يبذل قادة دول مجموعة السبع قصارى جهدهم ليكونوا أكثر فاعلية من أجل ضمان الأمن وتوفير المزيد من الوظائف ومحاربة عدم المساواة.
ونشر الرئيس الفرنسي تغريدة على "تويتر" قائلا: "قد لا ننجز كل شيء سعينا إليه، لكننا سنبذل قصارى جهدنا لنكون أكثر فعالية لضمان أمنكم، وإيجاد المزيد من فرص العمل ومحاربة عدم المساواة التي تعانون منها".
وأضاف ماكرون في تغريدته: "سأطلعكم على ما نحققه من تقدم ".
أبرز قضايا القمة
وتبرز في القمة ملفات الأمن والذي يأتي على رأس أولوياته سبل التصدي لتهديدات إيران للملاحة وتهديداتها الإرهابية والنووية، إضافة إلى سبل التصدي لاستخدام الإنترنت للأغراض الإرهابية ومكافحة التطرف.
كما تدرج القمة ضمن أولوياتها التغير المناخي والجرائم البيئية التي تضر بكوكب الأرض والتي تتصدرها قضية حرائق غابات الأمازون.
وتتطرق القمة أيضا إلى الأزمة الداخلية لمنطقة الساحل، وطرق مواجهة منظمات الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية.
وتناقش القمة ضمن جلساتها ملف مكافحة عدم المساواة والحد من التهديدات وتعزيز الديمقراطية، حيث وضعت القمة أهدافًا لدعم المساواة من خلال تعزيز الدبلوماسية النسوية، ومحاربة العنف الجنسي، وضمان ودعم تعليم المرأة، والعمل من أجل تحررها الاقتصادي خاصة في أفريقيا.
وتشغل قضية بناء الثقة الرقمية حيزا من مناقشات القمة، باعتبار التكنولوجيا جزءا لا يتجزأ من اقتصاديات ومجتمعات الدول الأعضاء.
كما تركز القمة على سبل الحفاظ على نظام مالي دولي قوي ومرن في مواجهة المخاطر المتزايدة، ودعم الحوكمة المالية العالمية، فيما تشغل القضايا الاقتصادية والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جانبا كبيرا من القمة.
الخلافات تخيم على القمة
وتخيم أجواء الخلاف، وربما يتغير جدول أعمال ماكرون بسبب اشتداد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والخلافات بين واشنطن دول أوروبا بشأن طهران وتصاعد التنديد الدولي بشأن الحرائق غير القانونية في غابات الأمازون وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال مسؤولون أمريكيون إن ترامب سيسعى للترويج لسياساته المتعلقة بتقليص الضرائب وتخفيف اللوائح والضغط على الحلفاء من أجل اتباع النموذج الذي يتبناه لتجنب المشكلات التي تواجه الاقتصاد العالمي.
ومع ذلك، قلل دبلوماسيون من احتمال أن يتحد جونسون وترامب ضد باقي الزعماء بسبب التحالف الوثيق بين سياسة بريطانيا الخارجية وأوروبا فيما يتعلق بمجموعة من الملفات بدءا من إيران ومرورا بالتجارة وانتهاء بتغير المناخ.
لكن مع التقييم المتشائم لأوضاع العلاقات بين بلدان وصفت من قبل بأنها من أقرب الحلفاء، توقع رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن التوصل إلى أرضية مشتركة أصبح هدفا يزداد صعوبة.
الأوروبيون يتصدّون لترامب
حذّر الزعماء الأوروبيون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أن الحروب التجارية ستُدمّر الاقتصاد العالمي، ومن أنهم لن يسمحوا له بفرض رسوم على النبيذ الفرنسي.
وحذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يستضيف القمة التي تُفتتح مساءً في بياريتس (جنوب غرب)، من أن "التوتر التجاري سيئ للجميع"، وذلك في تصريح تلفزيوني مقتضب.
ورغم أن ذلك لم يكن متوقعاً، فإن رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون هاجم أيضاً الرئيس الأمريكي الذي يطمح إلى التوصل إلى اتفاق تجاري كبير معه بعد تنفيذ بريكست.
وصرّح جونسون، في إشارة إلى حرب الرسوم الجمركية بين بكين وواشنطن: "أنا قلق جداً هذه ليست طريقة للتعامل مع الأمور".
وجاء كلام رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك ليدعم تصريحات الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني، فقال إن "الحروب التجارية سوف تؤدي إلى انكماش (اقتصادي) في حين أن الاتفاقات التجارية تقوّي الاقتصاد".
وفيما يبدو خطوة لترسيخ هذه الجبهة، التقى بعد ظهر السبت القادة الأوروبيون في مجموعة السبع، بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي المستقيل جوسيبي كونتي، قبل الافتتاح الرسمي للقمة حول مأدبة عشاء.
وأعلنت أوساط الرئاسة الفرنسية أن الرئيسين كانت لديهما "عناصر تقارب"، وتابعت أن ماكرون "هيّأ الأجواء لتقارب جيّد في مجموعة السبع بحصوله على إيضاحات من ترامب"، موضحة أن ذلك يشمل النقاط الوفاقية والخلافية.
وعلى تويتر، أعلن ترامب: "لقد خرجت للتو من الغداء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون"، مشيرا إلى أن الأمور تجري بشكل جيد بالنسبة للبلدين، مضيفا "ستكون نهاية أسبوع حافلة مع بقية قادة العالم".
واعتمد الرئيس الأمريكي لهجة مختلفة تماماً، متوعّدا بالرد على فرض باريس رسوما على المجموعات الأمريكية العملاقة في قطاع التكنولوجيا أو "غافا" (غوغل، أمازون وفيسبوك وآبل).
وقال "إذا فعلوا (الفرنسيون) ذلك فسنفرض رسوماً على نبيذهم.. رسوم لم يروا مثلها من قبل".
ولم يتأخر الاتحاد الأوروبي بالردّ، فقال توسك: "إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً، سيردّ الاتحاد الأوروبي بالمثل".
أزمة بريكست
يسعى رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون لتحقيق التوازن في قضية خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي بين عدم تنفير حلفاء بريطانيا الأوروبيين وعدم إثارة غضب ترامب بما قد يهدد العلاقات التجارية في المستقبل.
وتبادل جونسون ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك التصريحات الحادة اليوم السبت بشأن من سيتحمل مسؤولية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر/تشرين الأول دون اتفاق.
وقال توسك للصحفيين في بياريتس بفرنسا إنه سيكون مستعدا لسماع أفكار من جونسون عن كيفية تجنب الخروج دون اتفاق عندما يلتقيان غدا الأحد على هامش قمة مجموعة السبع.
لكنه أضاف أنه لن يعمل مع بريطانيا على ترتيب خروج من التكتل دون اتفاق وقال "لا يزال لديّ أمل بأن رئيس الوزراء جونسون لا يود أن يدخل التاريخ بصفة السيد لا اتفاق".
ورد جونسون فيما بعد بالقول إن توسك هو الذي سيتحمل عبء ذلك الوصف إذا لم تتمكن بريطانيا من إبرام اتفاق جديد للخروج مع الاتحاد.
وقال للصحفيين المرافقين له على متن رحلته لفرنسا: "أقول لأصدقائنا في الاتحاد الأوروبي إنهم إذا كانوا لا يرغبون في خروجنا دون اتفاق فعلينا التخلص من مسألة الحدود الأيرلندية في الاتفاق، وإذا كان دونالد توسك لا يرغب في دخول التاريخ بصفة السيد لا اتفاق فآمل أن تكون تلك النقطة في حسبانه أيضا".
ومع ذلك قلل دبلوماسيون من احتمال أن يتحد جونسون وترامب ضد باقي الزعماء بسبب التحالف الوثيق بين سياسة بريطانيا الخارجية وأوروبا فيما يتعلق بمجموعة من الملفات بدءا من إيران ومرورا بالتجارة وانتهاء بتغير المناخ.
حرائق غابات الأمازون
ومارس زعماء دول في الاتحاد الأوروبي ضغوطا على الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو بسبب الحرائق المستعرة في غابات الأمازون المطيرة.
لكن بريطانيا وألمانيا اختلفتا مع قرار ماكرون الضغط على البرازيل من خلال التهديد بوقف اتفاق للتجارة بين الاتحاد الأوروبي ومجموعة ميركوسور لدول في أمريكا اللاتينية هي البرازيل والأرجنتين وأوروجواي وباراجواي.
وقال متحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إن عدم تنفيذ اتفاق التجارة "ليس الحل المناسب لما يحدث في البرازيل الآن".
وعبر جونسون عن قلقه العميق من حرائق الغابات لكن بدا أنه يختلف أيضا مع ماكرون حول كيفية التعامل مع الأمر.
وقال "هناك بعض الناس الذين يتذرعون بأي عذر للتدخل في التجارة وإفساد الاتفاقات التجارية، وأنا لا أرغب في رؤية ذلك".
إلغاء البيان الختامي
وتتجه القمة هذا العام إلى التخلي عن تقليد البيان الختامي المشترك، الذي يأمل مضيفها، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن يسمح ذلك لرؤساء الدول والحكومات بتجنب المعارك حول اللغة وتجنب نقاط الخلاف الواضحة.
ويتضح بالفعل أن الولايات المتحدة على خلاف مع ماكرون وآخرين بشأن تغير المناخ.
في حين عكرت وجهات نظر الرئيس دونالد ترامب بشأن التجارة الدولية، بما في ذلك قراراته بفرض رسوم جمركية على الخصوم والحلفاء على حد سواء.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن ماكرون يبحث عقد مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ختام هذه القمة، وإنه قرر بالفعل عدم إصدار بيان ختامي لتجنب تكرار الفشل الذي لحق بالقمة السابقة.
وتسبب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في انتهاء القمة السابقة للمجموعة في كندا بمشهد فوضوي، إذ انسحب منها قبل ختامها ورفض البيان الختامي الصادر عنها.
مظاهرات معارضة
ومن المتوقع خروج مظاهرات مناوئة للقمة في أنداي المجاورة الواقعة على الحدود بين فرنسا وإسبانيا لكن ما يزيد على 13 ألفا من أفراد الأمن، يدعمهم جنود، سيعملون على ضمان أن تظل هذه المظاهرات بعيدة عن بياريتس.
وأصبحت الطرقات خارج بياريتس بمثابة حصن لا يمكن للسياح ولا للمتظاهرين الوصول إليها مع نشر أكثر من 13 ألف عنصر أمن.
وكان آلاف النشطاء المناهضين للعولمة وانفصاليو الباسك ومحتجو السترات الصفراء خرجوا، السبت، في مظاهرات سلمية مناوئة للقمة في أنداي المجاورة الواقعة على الحدود بين فرنسا وإسبانيا لمطالبة الزعماء بالتحرك حيال الأزمات العالمية.
واستخدمت شرطة مكافحة الشغب الفرنسية لفترة وجيزة مدافع المياه والغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين مناهضين للرأسمالية في بايون قرب منتجع بياريتس.
وحلقت طائرة هليكوبتر تابعة للشرطة في سماء المنطقة بينما قام عشرات المتظاهرين، بعضهم يرتدون أقنعة الوجه، بالتهكم من أفراد الشرطة.
aXA6IDMuMTQ0LjkwLjEwOCA=
جزيرة ام اند امز