محاكمة متظاهري إيران دون محامين.. واتهامات "خطيرة" لصحفيتين
شرعت السلطات القضائية بعقد أول جلسة لمحاكمة معتقلي الاحتجاجات الأخيرة في طهران من دون حضور محام، فيما أبدت المؤسسة الصحفية في البلاد مخاوفها بشأن مصير اثنين من الصحفيين.
وبدأت السلطات القضائية الإيرانية، اليوم السبت، بإجراء محاكمة عدد من المتظاهرين الذين اعتقلوا خلال موجة الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام التي أشعلتها الراحلة مهسا أميني، والتي لقيت حتفها بعد اعتقالها من قبل الشرطة في طهران.
وقالت وكالة أنباء "ميزان نيوز" التابعة للسلطة القضائية الإيرانية إن "الجلسة الأولى لمحاكمة مجموعة من مثيري الشغب والاضطرابات عقدت اليوم في محكمة الثورة بطهران برئاسة القاضي المتشدد أبوالقاسم صلواتي".
وأوضحت الوكالة في تقريرها أن "رئيس المحكمة أبوالقاسم صلواتي وجه لائحة الاتهام إلى ستة أشخاص، من بينهم شخصان بتهمة "الإفساد في الأرض"، ووجهت إلى 3 أشخاص تهمة "المحاربة"، واتهم شخص واحد بـ"معارضة الحكومة الإسلامية".
وكشفت الوكالة عن هوية المتهمين هم "محمد قبادلو، وسعيد علي رضا شيرازي، وهما متهمان بالفساد في الأرض من خلال القيام بخطوات ضد ضباط الشرطة وارتكاب جرائم ضد أمن البلاد وإخلال خطير بالنظام".
كما اتهم سامان سعيدي تيمور، ومحمد حسين بروغني، ومحسن رضا زاده بـ"المحاربة"، واتهم أبوالفضل مهري حسين حاجيلو بـ"معارضة ومواجهة الحكومة الإسلامية".
ووفق قانون العقوبات الإيراني فإن تهمة "الإفساد في الأرض والمحاربة" هي جريمة خطيرة تصل عقوبتها إلى الإعدام.
كما اتهم المعتقلون بالمحاربة من خلال المشاركة في إشعال النيران في جهاز حكومي وتعكير صفو النظام العام والأمن الاجتماعي والتواطؤ لارتكاب جريمة ضد الأمن الداخلي للبلاد، وصنع مواد متفجرة مثل الزجاجات الحارقة لأغراض أمنية.
وأشارت وكالة أنباء "ميزان نيوز" "أنه تم حتى الآن توجيه لوائح اتهام إلى 25 معتقلت في محافظة كرمان جنوب إيران، و89 لائحة اتهام في محافظة سمنان، و119 لائحة اتهام في محافظة زنجان، و105 لوائح اتهام في محافظة خوزستان، و55 لائحة اتهام في محافظة قزوين، و110 لوائح اتهام في محافظة كردستان، و315 لائحة اتهام في محافظة طهران، وصدرت لائحة اتهام بحق 201 متهم في محافظة البرز على صلة بالاحتجاجات الأخيرة.
وتلجأ السلطات الإيرانية عادة إلى هذه الاتهامات العامة للتعامل مع المتظاهرين وإصدار أحكام قاسية بحقهم، بينما تعترف المادة 27 من دستور إيران بالحق في "تنظيم التجمعات والمسيرات".
وتعاملت سلطات إيران دائما مع احتجاجات وتجمعات المعارضة باستخدام قوات الأمن وإنفاذ القانون.
وكان رئيس السلطة القضائية الإيرانية غلام حسين محسني إيجي تعهد بإصدار أحكام وصفها بـ"القاسية" ضد من اعتبرهم بـ"مثيري الشغب".
وترفض السلطات القضائية والأمنية الإيرانية الكشف عن الأرقام الدقيقة لعدد القتلى والجرحى والمعتقلين من المتظاهرين.
محاكمة بدون محام
من جهته، قال "أمير رئيسيان"، أحد المحامين في طهران، إنه لم يُسمح له بالمثول أمام المحكمة للدفاع عن موكله.
وقال رئيسيان في تغريدة له عبر حسابه الرسمي على "تويتر"، "إن موكله محمد قبادلو تعرض لحادث سير مع القوات الآلية للوحدة الخاصة" في مدينة "برند" الواقعة جنوب طهران.
وأضاف رئيسيان "إنه بالرغم من توقيع وكالته من قبل، إلا أنه بعد مرحلة التحقيق وصدور لائحة الاتهام تم إبلاغه بأنه تم فصله من النيابة، رغم أن هذا لم يكن رأي الموكل، بل رأي القضاء".
ولا يقبل القضاء إلا المحامين المعتمدين من قبل السلطات القضائية الإيرانية في القضايا السياسية في أكثر الأحيان.
ويعد عدم القدرة على الاتصال بمحام إحدى العقبات الرئيسية التي تحول دون الوصول إلى محاكمة عادلة في إيران.
رابطة صحفيي طهران تعلق
بدورها، أصدرت رابطة صحفيي محافظة طهران بيانا رداً على بيان جهازي الاستخبارات الحكومي والحرس الثوري الإيراني، ضد الصحفيتين "إلهه محمدي ونيلوفر حامدي".
وجاء في هذا البيان أن "البيان المشترك للمؤسستين الاستخباريتين الرئيسيتين في البلاد حول تحليل الأحداث الأخيرة لم يكن له مضمون سوى أن الصحافة يجب إعلانها جريمة ومحظورة".
وكتبت رابطة الصحفيين في محافظة طهران: "بيان جهازي المخابرات يعني أننا جميعاً صحفيون متهمون بل مجرمون، والأهم من ذلك أن مهنة الصحافة تعتبر مرفوضة داخل البلاد".
وطالبت الرابطة المنظمات المدنية والتجارية ذات الصلة بالإعلام والصحافة بـ"التفكير في حل" و"التعبير عن اعتراضهم على هذا النهج الهدام".
وحددت وزارة المخابرات وجهاز المخابرات التابع للحرس الثوري الإيراني، في بيان، أمس الجمعة، أمريكا على أنها سبب الاحتجاجات الأخيرة في إيران.
وفي جزء من البيان، قال "إن إلهه محمدي ونيلوفر حامدي، صحفيتان إيرانيتان نشرتا مواد لإعداد تقرير عن مقتل مهسا أميني أو جنازتها، تدربتا من قبل أجهزة المخابرات الأمريكية".
مسؤول صحيفة يرد
من جهته، قال غلام حسين كرباسجي، المدير المسؤول لصحيفة "هم ميهن" المحلية، إن مراسلة هذه الصحيفة إلهه محمدي، التي غطت مراسم تشييع مهسا أميني، توجهت لإعداد تقرير للصحيفة كما نشر تقرير مشابه لذلك في وكالة أنباء "فارس نيوز" التابعة للحرس الثوري، وغيرها من وكالات الأنباء بالتفصيل وبمزيد من التفاصيل".
وقال كرباسجي عن مزاعم وزارة المخابرات وجهاز استخبارات الحرس الثوري ضد هذه الصحفية المعتقلة: "بخلاف ذلك، إذا كانت قضية أخرى، فيجب تقديم وثائقها إلى المحكمة والسلطات القضائية، وبعد ذلك دعنا ننتظر ونرى نتائج هذه الادعاءات".
وانتقد البيئة الأمنية التي تحكم الإعلام في إيران، وقال: "إذا كان مصدر إخباري بأي ذوق سياسي داخل البلاد فسيكون ذلك أكثر فائدة للبلاد مما لو تم نقل الأخبار هذه عن مصدر إلى خارج البلاد".
رئيس تحرير "شرق": كل ما يقولونه كذب
بدوره، دافع المدير المسؤول عن صحيفة "شرق" الإصلاحية مهدي رحمانيان، السبت، عن الصحفية نيلوفر حامدي وإلهه محمدي بعد بيان مخابرات الحرس الثوري الإيراني ووزارة المخابرات.
وقال رحمانيان: "هؤلاء صحفيون وقاموا بعملهم الإخباري".
وكانت مراسلة صحيفة "شرق" نيلوفر حامدي أول صحيفة نشرت صورة للفتاة الكردية مهسا أميني وهي ترقد في المستشفى بطهران.
وأضاف رحمانيان دفاعاً عن مراسلة الصحيفة، وقال: "كل ما يقولونه عنه كذب، لم تنشر صورة مهسا أميني لأول مرة، ونشرت الصور أمامها كانت نيلوفر في وئام معي من البداية إلى النهاية في هذا الأمر، إن نشر الصور والأخبار من قبل مراسلنا ونشرها كان الشيء الصحيح وقد أنجزنا مهمتنا الإخبارية".
كما تساءل عن أداء وزارة المخابرات وجهاز المخابرات التابع للحرس الثوري الإيراني وقال: "أتساءل كيف يقضي أهم تيارين أمنيين في البلاد وقتهما في مثل هذه الأمور".