بعد «ضربة أصفهان».. دبلوماسية الغرب أمام «اختبار تدارك»
دبلوماسية الغرب بالشرق الأوسط تدخل منعطفا حاسما يضعها بمواجهة «اختبار تدارك» صعب بعد الضربة المنسوبة لإسرائيل في إيران.
وتخوض إيران وإسرائيل حربا خفية منذ سنوات، تشهد عمليات اغتيال علماء إيرانيين متخصصين في المجال النووي وهجمات على إسرائيل ينفذها وكلاء طهران.
وعلى مدى هذه السنوات، جعلت الولايات المتحدة من منع وقوع حرب واسعة النطاق أولويتها المطلقة.
لكن الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، صدم إسرائيل وقوى تصميمها، ما حمل الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته على السعي للحد من التصعيد في المنطقة ومنع اشتعالها.
قواعد اشتباك جديدة
ترى ميريسا كورما، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز "ويلسون سنتر" الأمريكي للدراسات، أن الهجوم الإيراني غير المسبوق بالصواريخ والمسيرات على إسرائيل والضربة المنسوبة إلى إسرائيل في إيران شكلا "منعطفا حقيقيا لأنهما بدلا تماما قواعد الاشتباك بين الخصمين".
وأضافت كورما، في حديث لوكالة فرانس برس، أن هذه التطورات "أججت أيضا التوتر في المنطقة برمتها، وجعلت شبح حرب شاملة احتمالا مطروحا برأي العديد من دول المنطقة".
وفجر الجمعة، دوّت انفجارات قرب قاعدة عسكرية بمنطقة أصفهان وسط إيران، لكن السلطات الإيرانية قللت من شأنها من دون أن تتهم إسرائيل مباشرة بالوقوف وراءها، فيما لم يصدر أي تعليق رسمي من إسرائيل على الهجوم.
لكن وسائل إعلام أمريكية نقلت عن مسؤولين محليين قولهم إنّ الانفجارات نجمت عن ضربة إسرائيلية على إيران رداً على الهجوم الإيراني بمئات الصواريخ والمسيّرات والذي توعدت إسرائيل بعده بجعل إيران تدفع الثمن.
مراجعات؟
نفذت إيران هجومها ردا على ضربة نسبت إلى إسرائيل على القنصلية الإيرانية بدمشق في الأول من أبريل/ نيسان الجاري، وأوقعت سبعة قتلى من الحرس الثوري بينهم ضابطان كبيران.
ويعتبر أليكس فاتانكا، مدير برنامج إيران في منظمة "معهد الشرق الأوسط" غير الحكومية، أن إسرائيل درست بالتأكيد عواقب الضربة في دمشق قبل شنها.
وقال لفرانس برس، إن إسرائيل أرادت إرغام إيران، عدوها اللدود منذ عام 1979، على مراجعة إستراتيجية "محور المقاومة" التي تعتمدها والقاضية بنشر مجموعات مسلحة موالية لها ويمكنها تعبئتها في جميع أنحاء المنطقة، من العراق إلى لبنان مرورا بسوريا واليمن.
وبحسب فاتانكا، فإنه "نموذج في غاية البساطة، حيث إن إيران تقاتل خصومها بالمنطقة دون أن تضطر إلى خوض معارك معهم داخل الأراضي الإيرانية".
وتابع أن "هذه الحسابات البديهية تواجه اختبارا بسبب ما قام به الإسرائيليون، وبصورة متعمّدة بالتأكيد".
واختار بايدن النهج الدبلوماسي مع إيران، على غرار سلفه الديمقراطي باراك أوباما الذي أبرمت إدارته الاتفاق حول الملف النووي الإيراني في 2015 بعد مفاوضات مكثفة.
غير أن الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب انسحب من الاتفاق في خطوة أحادية وأعاد فرض عقوبات شديدة على إيران أضرّت باقتصادها من غير أن يكون لها أي تأثير على إستراتيجية طهران في المنطقة.
استعراض؟
يبدو أن الضربة المنسوبة إلى إسرائيل تجنبت استهداف مواقع نووية إيرانية، ولو أنها حملت رسالة واضحة إذ تضم المحافظة منشأة نطنز للتخصيب التي تعتبر محورية في البرنامج النووي الإيراني.
وقال علي واعظي، مدير برنامج إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إن "إسرائيل أرادت أن تظهر لإيران ما يمكنها القيام به من دون أن تقوم به فعليا".
ويخشى مسؤولون أمريكيون في حال تنفيذ إسرائيل ضربة مباشرة على منشأة نووية، أن تقوم طهران بتسريع برنامجها بهدف حيازة القنبلة الذرية، وأن يؤدي ذلك إلى نشوب حرب واسعة النطاق في المنطقة.
وأثارت الضربات على إيران وإسرائيل انتقادات من اليسار واليمين الأمريكي على السواء لإدارة بايدن لاتهامها بالفشل في تحقيق الهدف الأساسي الذي حددته بعد هجوم حماس والقاضي بمنع وقوع حرب في المنطقة.
لكن الولايات المتحدة مارست في الكواليس ضغوطا على إسرائيل وإيران لإبقاء ضرباتهما ضمن حدود، وسعى وزير خارجيتها أنتوني بلينكن لتوجه رسالة بهذا الصدد إلى طهران عبر نظرائه الصيني والتركي الألماني وغيرهم.