نساء إيران ونظام الملالي.. صفعة تعيد "التابوهات" للواجهة
قناعة شبه راسخة تتملّك مراقبين بأن المجتمع الإيراني بلغ درجة من الاحتقان والاستياء من السياسات الحكومية في البلاد تدفعه نحو الانفجار.
في 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقفت الإيرانية ويدا موحدي، على منصة في شارع "انقلاب" بقلب العاصمة طهران، وخلعت حجابها ثم وضعته على طرف عصا طويلة لوّحت بها عاليا.
حدث ذلك في وقت اهتزت فيه إيران، حينها، على وقع احتجاجات دامية تنديدا بالأوضاع الاقتصادية الصعبة.
بدت ويدا في الصور التي تداولها، بإسهاب، رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام عبر العالم، تكملة للغضب الشعبي الذي هزّ عددا كبيرا من المدن الإيرانية، احتجاجا على الغلاء، قبل أن يتخذ الغضب منحى سياسيا بلغ حد المطالبة بإسقاط ولاية الفقيه.
أعلنت ويدا تمرّدها على قانون فرض الحجاب الذي جاء مع ثورة 1979، لتشكّل صورتها تصعيدا في الحركة النسائية الإيرانية، الرافضة لمبدأ الإلزام فيما يتعلق بالحريات الشخصية مثل اللباس، لتعرّي "تابوهات" النظام، وتعيدها للواجهة من جديد.
بذرة التغيير أينعت بإيران
قناعة شبه راسخة تتملّك مراقبين بأن المجتمع الإيراني بلغ درجة من الاحتقان والاستياء من السياسات الحكومية في البلاد، تجعله على شفا انفجار من المتوقع أن ينسف القيادة الدينية الممثلة في المرشد الأعلى علي خامنئي.
حالة من التململ تجلّت من خلال الشعارات المرفوعة في الاحتجاجات الأخيرة، التي بدأت منددة بالغلاء والفقر والتهميش الذي يعاني منه السواد الأعظم من الإيرانيين، قبل أن تتحوّل سريعا إلى شعارات سياسية تطالب بإسقاط الحكومة والقيادة الدينية.
وفي خضم الاحتقان والغليان الشعبي، برز اسم ويدا مرفوقا بحركة احتجاجية تصعيدية تجاوزت جميع الصور الأخرى المهيمنة على مشهد المظاهرات، قبل أن تختفي عن الأنظار، وسط غضب حقوقي محلي ودولي، من اعتقالها بسبب "ممارستها لحريتها الخاصة".
"ويدا" تجسّد نقطة التقاطع بين مراحل تطور الحركة النسوية في إيران، من تحرر قسري فرضه الشاه رضا البهلوي الذي كان منبهرا بالثقافة الغربية، وحاول اقتفاء أثر الزعيم التركي مصطفى أتاتورك، إلى النقيض الذي حملته ثورة 1979.
فمن إلزامية خلع الحجاب لفرض ارتدائه، ترتسم دائرة الإكراه البغيضة التي تدور في فلكها نساء إيران الواقفات في الخط الرفيع الفاصل بين قطبي المفارقة.
مفارقة دفعت لهن، عقب اندلاع الحركة الخضراء في 2009، التي تصاعدت عقب إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية المقامة حينها، إلى التداخل -نوعا ما- مع الحركة الإصلاحية، ما يطرح اليوم تساؤلات عن دور للمرأة الإيرانية في أجندة التغيير المرتقب بالبلاد.
على خطى ويدا
تضامنا مع ويدا التي اضطرت السلطات الإيرانية السبت الماضي، إلى إطلاق سراحها، تحت ضغط من منظمات حقوقية ومن رواد العالم الافتراضي، اعتلت 4 إيرانيات المنصة نفسها بقلب طهران، وخلعن حجاباتهن.
حركة تضامنية واحتجاجية في آن، سرعان ما غزت مواقع التواصل، لتفتح النار من جديد على نظام يحكم شعبه بقبضة من حديد، ويستهدف أبسط حرياته وحقه في الحصول على أدنى مقومات الحياة.
"تمرّد" واجهته السلطات كعادتها باعتقال أصحابه، حيث نشر عدد من رواد موقع "تويتر" تغريدات تشير إلى اعتقال امرأة ثانية من بين النساء الأربع اللاتي تضامن مع ويدا.
أصوات بدأت بالارتفاع لمدى أعلى من السقف المحدد من قبل نظام الملالي، ما يستبطن خروج الصبر الشعبي على الممارسات الحكومية عن السيطرة.
وعلاوة على النساء، وجّه زعيم المعارضة الإيرانية، مهدي كروبي، وهو أحد زعماء الحركة الخضراء في 2009، والخاضع للإقامة الجبرية منذ 7 سنوات، رسالة شديدة اللهجة إلى خامنئي.
وقال كروبي في الرسالة التي نشرها، الإثنين، موقع تابع لحزب "الثقة الوطنية" الذي يتزعمه، إن الاحتجاجات الشعبية الأخيرة جاءت بسبب الظلم والفساد وعدم تحمل خامنئي مسؤوليته مرشدا للبلاد طيلة العقود الثلاثة الماضية.
وطلب المعارض من خامنئي تحمّل المسؤولية أمام الشعب "بدل تقمص دور المعارضة وانتقاد الآخرين"، داعيا قوات الحرس الثوري والباسيج (قوات التعبئة الشعبية) إلى رفع يدها عن الشؤون السياسية والاقتصادية للبلاد.
واعتبر أن الاحتجاجات الأخيرة ضد "الظلم والفساد والتمييز، هي جرس إنذار يتوجب عليكم (خامنئي) أن تفهموه بسرعة وأن تنظروا في هموم الشعب المعيشية".
جرس إنذار تدقه المعارضة، ليلتحم مع غضب النساء فيصنع خندقا تجمعت فيه جميع العناصر اللازمة المنذرة بانفجار قريب.
aXA6IDE4LjIxOC4yLjE5MSA= جزيرة ام اند امز