"مقاطعة البضائع الإيرانية".. دعوة تجتاح العراق وسط تجاوب واسع
الشباب العراقي يدعو في الساحات والميادين وعبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى "مقاطعة البضائع الإيرانية" للضغط على طهران
على الرغم من القمع الذي يتعرض له المتظاهرون العراقيون من قِبل المليشيات منذ اندلاع احتجاجاتهم في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن مَن خرجوا ضد النفوذ الإيراني وتردي الأوضاع المعيشية ما زالوا صامدين في الشوارع حتى اللحظة.
ومع صباح كل يوم جديد في الاحتجاجات يزداد الشباب الثائر تمسكاً بمطالبه، كما يعمل في الوقت ذاته على تطوير وسائل احتجاجاته لتنتقل إلى المواجهة المباشرة مع طهران، عقب تصريحات المرشد الإيراني العدائية تجاه المتظاهرين.
وعلى الرغم من شدة القبضة الأمنية للمليشيات التابعة لإيران في بغداد وغيرها من المحافظات العراقية، فإن المحتجين اختاروا هذه المرة ميداناً مختلفاً لمعركتهم مع نظام الملالي وأذياله، عبر حملات تدعو لمقاطعة البضائع الإيرانية.
وهي الدعوة التي سرعان ما انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي العراقية، لتنتقل مباشرة إلى حقل الممارسة العملية، في محاولة للضغط على طهران لكفّ أياديها عن الشأن الداخلي العراقي.
ورقة ضغط جديدة
"سبب الخراب إيران".. هكذا قالت استبرق الشمري الصحفية والإعلامية العراقية، في إشارة إلى التدخل الإيراني في الشأن الداخلي العراقي، واستمرار النهج الحكومي المساند لهذا التدخل.
وأشارت الشمري، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إلى أن الدعوة لمقاطعة البضائع الإيرانية في السوق العراقية انتشرت منذ منتصف الأسبوع الماضي في ساحات المظاهرات، موضحة أنها منذ أمس الخميس بدأت هذه الدعوات تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم.
وأضافت أن الاستجابة الواسعة للدعوة بدأت تأخذ حيز التنفيذ، مؤكدة أن هذه ورقة ضغط جديدة من قبل المتظاهرين والشارع العراقي على إيران لوقف تدخلاتها.
ولفتت "الشمري" إلى أن الاقتصاد الإيراني سينهار خلال شهر واحد إذا قاطع العراقيون منتجاتها، متوقعة أن يحدث ذلك في القريب العاجل مع استمرار العقوبات الأمريكية أيضا على نظام طهران.
مطلب شعبي
من جانبها، قالت الدكتورة لقاء الطائي، الأكاديمية والمحللة السياسية، إن دعوات الشباب في الشارع العراقي لمقاطعة البضائع الإيرانية وجدت أصداء كبيرة في الأوساط الشعبية، مؤكدة أن العراقيين باتوا أكثر وعيا بمشاريع إيران الاستعمارية في بلادهم والمنطقة بأسرها.
وقالت الطائي، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية" من ساحة التحرير ببغداد، إن المليونية الجديدة المقررة اليوم الجمعة بالعراق رفعت شعار "مقاطعة البضائع الإيرانية"، مشيرة إلى أن هناك تخوفا لدى الشارع العراقي من رد فعل إيران ومليشياتها، ولكنه مصرّ على ذلك.
وأشارت "الطائي" إلى أن الحكومة العراقية الحالية لا تريد الاستجابة بشكل واضح لمطالب المتظاهرين، لأنها حكومة طهران في بغداد، وإيران تساندها وتعمل لصالحها.
وشددت على أن الشعب العراقي فهم اللعبة السياسية، ومصرّ هذه المرة على إنهاء مشروع إيران وأهدافه الاستعمارية، منوهة بأن دماء العراقيين في ساحات المظاهرات لن تضيع، وسيتحقق مطلب الشعب بإنهاء الوجود والتدخل الإيراني في العراق.
وكشفت أن مدينة العمارة تشهد حاليا معركة طاحنة بين العشائر العربية من جهة ومليشيات العصائب وبدر وحزب الله من جهة أخرى، مؤكدة أن ميادين المظاهرات في عنتر والجسر والتحرير لا تقل في حربها عن تلك المعارك ضد الفساد وإنهاء الدور الإيراني في البلاد.
ولفتت "الطائي" إلى شعارات رفعت خلال المظاهرات، من بينها "إيران برا برا.. بغداد حرة حرة"، وكذلك رفعت لافتات تدعو إلى إسقاط المشروع الإيراني وحكومته في العراق.
الاستياء سيد الموقف
بدوره، قال صالح الصحن، الكاتب والمحلل السياسي وأحد المتظاهرين المشاركين في ساحة التحرير، إن المظاهرات تعبر عن استياء كبير من الممارسات الإيرانية في العراق والوضع الراهن برمته.
وذكر الصحن، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن مليونية اليوم الجمعة وصلاة الحرية (صلاة الجمعة اليوم) في ساحة التحرير وصلابة الإصرار والعزم على إعلاء رفعة وعز الوطن الكبير ووحدة الموقف كانت رسائل إلى العالم، مفادها رفض الوجود الإيراني وتدخله في الشأن العراقي.
وتسارعت وتيرة الاحتجاجات التي راح ضحيتها 250 شخصا على مدار الشهر الماضي، إذ اجتذبت حشودا ضخمة من مختلف الطوائف والأعراق في العراق لرفض الأحزاب السياسية التي تتولى السلطة منذ عام 2003.
ونصب الآلاف خياما في ساحة التحرير بوسط بغداد، وانضم إليهم آلاف آخرون خلال اليوم.
ويشهد العراق مظاهرات غاضبة ضد الأوضاع المعيشية المتردية والتدخل الإيراني في البلاد، حيث يدعو المتظاهرون إلى محاسبة الفاسدين ووقف التدخل الإيراني، وتعد هذه الموجة الثانية من الاحتجاجات غير المسبوقة في البلاد.