احتجاجات إيران.. ما الذي تعنيه إلى مستقبل العراق وإقليم كردستان؟
اعتبر تحليل نشره "منتدى فكرة" التابع لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن الاحتجاجات المناهضة للنظام الإيراني ليست بجديدة على البلد.
وفي حين تعتبر الاحتجاجات الأخيرة الأخطر ضمن حركات متكررة منذ عام 2009، كان ما جعل النظام غير مبال بالمطالب الشعبية في الماضي هو هيكل السلطة الذي بناه – وتحكمه أقلية نفعية تحظى بدعم القوات العسكرية وشبه العسكرية، وموظفي الدولة، وعائلات قتلى الحرب الإيرانية-العراقية من الثمانينات.
- عكس التيار.. إيران تهادن الداخل وتؤجج غضب الخارج
- "حرس إيران" وقائمة أوروبا للإرهاب.. مواجهة تهدد بـ"حرب المضائق"
ومع ذلك، بحسب التحليل، للنظام الديني في إيران نقاط الضعف الخاصة به. وكما دفع آخرون، لم ينجح النظام في معالجة المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي أدت في الأساس إلى ثورة عام 1979.
وتخسر إيران، التي لطالما سعت لتصدير أيديولوجيتها، هذه القوة الدولية الآن. وبالتالي، سيؤثر أي تغيير داخل إيران مباشرة على الديناميكيات الإقليمية.
وباعتبارها قوة وسطى إقليمية، لازالت إيران تتمتع بنفوذ كبير في العراق وسوريا ولبنان، وسيكون لأي اضطراب سياسي تداعيات خارجية في تلك الدول – لاسيما في حالة العراق.
وفي النهاية، يمكن لمزيد من عدم الاستقرار دفع إيران إما للتخلي عن نفوذها في العراق أو الاستثمار فيه. وبحسب التحليل، سيكون لأي من النتيجتين تأثير كبير على مسار السياسة العراقية في المستقبل.
ومن ناحية، بحسب التحليل، قد تقوض حالة أكبر من عدم الاستقرار في إيران من وضعها وتأثيرها في العراق، مما يؤثر بشكل مباشر على شكل حكومة ما بعد 2003. ومنذ عام 2005، تمتعت إيران بمقدار كبير من النفوذ على النخبة السياسية العراقية والقوات العسكرية، ومؤخرا عبر الحشد الشعبي.
واعتبر التحليل أن تنامي نقاط الضعف الإيراني يحد من نفوذ إيران على المتشددين الشيعة الإيرانيين، مما يصعب على طهران الحفاظ نفوذها في المنطقة الأوسع نطاقا.
وسيكون لتراجع النفوذ الإيراني في العراق تأثير سياسي كبير، مما قد يعطي الساسة الأكراد والسنة دورا نشطا أكثر في الشؤون العراقية. ولعب الأكراد والسنة بالفعل دورا مهماً في المنافسة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي. وبحسب التحليل، سيعزز غياب التدخل الإيراني مشاركتهم في العملية السياسية وصناعة القرار.
ومن ناحية أخرى، قد يدفع انعدام الاستقرار في إيران النظام الإيراني لمواصلة سياسة أكثر عدوانية داخل العراق. وحاولت السلطات الإيرانية مرارا وتكرارا تصدير مشاكلها الداخلية إلى الدول الأخرى، ولا يختلف الأمر هذه المرة. وبالإضافة إلى العديد من الهجمات المباشرة في إقليم كردستان العراق، هدد الجنرال الإيراني إسماعيل قآني، قائد فيلق القدس، بعملية عسكرية برية غير مسبوقة ضد العراق إذا لم تنزع بغداد السلاح من الجماعات الكردية المعارضة على الأراضي العراقية.
وحذر التحليل من أن إيران قد تدفع بغداد نحو اتخاذ خطوات ضد الولايات المتحدة، بوجود حلفاء لها في البرلمان العراقي، ومرشح محتمل لرئاسة العراق، وعلاقات وثيقة مع المحكمة الاتحادية العليا، لتعيد بذلك إحياء الجهود القديمة لطرد البعثة الاستشارية الأمريكية في العراق وتقويض المؤسسات الديمقراطية الناشئة في العراق. وستتماشى تلك الجهود مع اتهامات إيران المتكررة بأن الولايات المتحدة تدعم المظاهرات الحالية وتنتهك سيادة إيران.
وبشعور إيران بالإحباط من الردود الأمريكية على الاضطرابات الإيرانية – لاسيما بفرض عقوبات على شرطة الأخلاق والسماح للشركات بتوفير الإنترنت بالرغم من قطع الحكومة له – قد تأمر إيران وكلاءها باستهداف المصالح والقواعد العسكرية الأمريكية في العراق، مما يجعل العراق ساحة معركة لمرحلة أخرى من الصراع الإيراني الأمريكي.
ومن المرجح، على الأقل، أن تسفر رغبة إيران في تأكيد هيمنتها في العراق في مواجهة اضطراباتها الداخلية عن إلغاء جميع القرارات المتعلقة بالسياسة التي اتخذها رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي - وهي قرارات نبذت إيران إلى حد إعادة التوازن إلى علاقات العراق الإقليمية.
وبالفعل، أجرى رئيس الوزراء العراقي الجديد، محمد شياع السوداني، تغييرات عدة وألغى جميع القرارات التي اتخذتها حكومة الكاظمي لتصريف الأعمال منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2021.
وسعت مثل هذه القرارات إلى الانفتاح النشط على العالم العربي، وعززت استقرار العراق من خلال اتفاقيات بقطاعات الاقتصاد والطاقة والأمن والاستثمار، وعززت كذلك سيادة العراق.
وفي إقليم كردستان العراق، لم تؤد الاضطرابات المستمرة في طهران سوى إلى تدهور العلاقات بين الإقليم وإيران، والتي كانت في حالة تدهور منذ استفتاء استقلال كردستان عام 2017.
ومنذ عام 2017، لاسيما بعد اغتيال قاسم سليماني عام 2020، خشت إيران من أن يصبح إقليم كردستان مساحة للولايات المتحدة لمراقبة العراق وإيران وسوريا. ونتيجة لذلك، حولت إيران الإقليم إلى ساحة معركة، حث هاجمت جماعات المعارضة وبعثت أيضًا برسالة إلى الولايات المتحدة وحلفائها.
ومنذ اندلاع المظاهرات في شتى أنحاء إيران، ازدادت تلك الهجمات على إقليم كردستان مع قصف الحرس الثوري الإيراني للقواعد العراقية التي تضم جماعات المعارضة الكردية الإيرانية، مما أسفر عن مقتل نساء وأطفال.
ولا شك في أن الهجمات الإيرانية على الإقليم ستستمر، مع احتمال أن تستخدم إيران تلك الاحتجاجات كحجة لاحتلال مناطق من الإقليم وإنشاء قواعد عسكرية.
aXA6IDMuMTQ0LjguNjgg
جزيرة ام اند امز