العراق يكسر عقدة انسحاب «التحالف».. وهذه الخطوط العريضة لخطة المغادرة
في أحدث محاولة لتقليص الالتزام العسكري الأمريكي المستمر منذ عقدين من الزمن، توصلت واشنطن وبغداد إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأمريكية والقوات الأجنبية الأخرى من العراق بحلول نهاية 2026.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين دفاعيين أمريكيين قولهم، إن مئات من القوات الأمريكية وقوات التحالف المتمركزة في بغداد وغرب العراق وأجزاء أخرى من البلاد ستغادر بحلول سبتمبر/أيلول المقبل، يليه انسحاب للقوات في مدينة أربيل بشمال العراق بحلول نهاية العام التالي.
خطوط عريضة
مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية أكد يوم الجمعة أن الخطوط العريضة لخطة الانسحاب اكتملت، لكن بعض التفاصيل النهائية لا تزال بحاجة إلى تسوية، وخاصة مع أعضاء آخرين في التحالف، فيما قال مسؤولون عسكريون إن الإعلان العام عن الصفقة قد يأتي الأسبوع المقبل.
وقال المسؤولون إنه حتى بعد عام 2026، من المرجح أن تبقى قوة أمريكية صغيرة بصفة استشارية ودعم لوجستي للقوات الأمريكية المتمركزة في سوريا، بموجب اتفاقية أمنية ثنائية جديدة.
وتحتفظ الولايات المتحدة بنحو 2500 جندي في العراق و900 في سوريا المجاورة لمنع عودة ظهور تنظيم «داعش»، الذي استولى على مساحات شاسعة من الأراضي حتى هزمه التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة والعراق وقوات أجنبية أخرى في عام 2019. وكانت القوات الأمريكية متمركزة في العراق بأعداد أكبر بكثير من عام 2003 إلى عام 2011.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني دعا إلى إنهاء التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة منذ توليه منصبه في عام 2022. لكنه كان حريصًا على عدم استبعاد وجود عدد صغير لكن غير محدد للقوات الأمريكية، وهو ما يفضله بعض القادة العسكريين العراقيين.
هل ستغادر كل القوات؟
وتسمح خطة الانسحاب لقادة العراق بالادعاء بأنهم أنهوا تحالف القوات الأجنبية، لكنها ستترك القوات الأمريكية في العراق حتى الإدارة الأمريكية المقبلة وربما بعد ذلك.
كما يسمح للقوات الأمريكية بمواصلة استخدام العراق لدعم القوات الأمريكية في سوريا، رغم أن القوات العراقية قد تضطر إلى العمل بمساعدة أقل مباشرة من قوات العمليات الخاصة والمستشارين الأمريكيين، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إنه من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستوفر للقوات العراقية الدعم الجوي.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية: «بعد عقد من هذا التحالف، وخاصة هزيمة الخلافة الإقليمية في العراق وسوريا، كانت هناك مناقشات جارية، في الواقع على مدار العام الماضي، حول تطور التحالف والمهمة».
ويجري مسؤولون أمريكيون وعراقيون محادثات بشأن الانسحاب منذ أشهر في لجنة عسكرية مشتركة.
وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي فرهاد علاء الدين: «لقد تم التعاون بين العراق والولايات المتحدة من خلال اللجنة العسكرية العليا لإتمام اتفاق من شأنه إنهاء التحالف ضد داعش، والانتقال إلى علاقة ثنائية أكثر شمولاً تشمل قطاعات أخرى بالإضافة إلى الأمن والجيش».
وقالت صحيفة «بوليتيكو»، إن الإعلان الرسمي والذي من المتوقع أن يتم بعد اجتماع المسؤولين الأمريكيين والعراقيين مرة أخرى على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع المقبل، يعد جزءًا من جهود فريق بايدن لتقويم الالتزامات الأمريكية طويلة الأمد في الخارج قبل مغادرة الرئيس جو بايدن منصبه في يناير/كانون الثاني.
إحباط
وفي بيان صدر يوم الخميس، أعرب رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب مايك روجرز (جمهوري من ألاباما) عن إحباطه إزاء ما سمعه من البنتاغون بشأن الصفقة.
وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي: «يبدو أنه لا توجد ميزة عسكرية استراتيجية لهذا القرار المتوقع. الانسحاب من العراق بهذه الطريقة من شأنه أن يفيد ويشجع إيران وداعش. أنا قلق للغاية بشأن التأثيرات التي قد يخلفها مثل هذا القرار على أمننا القومي».
محاربة داعش
ويجري استكمال اتفاق الانسحاب في الوقت الذي تستمر فيه العمليات المشتركة ضد تنظيم «داعش». ففي أغسطس/آب الماضي، قالت الولايات المتحدة إنها قتلت 15 مسلحا من التنظيم الإرهابي في غرب العراق في عملية مشتركة، وهي واحدة من أكبر العمليات البرية ضد الجماعة في العام الماضي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، عملت الولايات المتحدة مع القوات المحلية في سوريا للقبض على أحد قادة الجماعة، وفقا لوزارة الدفاع الأمريكية.
وقالت القيادة المركزية التي تشرف على العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة، بعد الغارة التي جرت في أغسطس/آب: «لا يزال تنظيم داعش يشكل تهديدا للمنطقة ولحلفائنا وكذلك لوطننا».
وفي شهادة أمام الكونغرس في مارس/آذار، حذر الجنرال إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية، من أن رحيل القوات الأمريكية قبل أن تتمكن نظيرتها العراقية من تأمين بلادها «سيضمن عودة داعش».
وقبل وقت قصير من مغادرته منصبه، خفض الرئيس دونالد ترامب القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان إلى 2500 فرد في كل دولة، في محاولة لإنهاء الوجود العسكري القائم منذ فترة طويلة. ورغم أن الرئيس جو بايدن أكمل لاحقًا الانسحاب من أفغانستان، إلا أنه ترك قوات أمريكية في العراق وسوريا.