دمج "الحشد الشعبي" بالجيش.. دولة المليشيات الإيرانية تسيطر على العراق
قرار رئيس الوزراء العراقي، الإثنين الماضي، لم ينص على تعليمات جديدة ولم يتضمن أي تعديل على قانون هيئة مليشيات الحشد الشعبي
لم يكن قرار رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي إغلاق مقرات مليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران ودمجها في القوات المسلحة قرارا وطنيا محضا بحسب كثيرين، بل جاء استكمالا للمشروع الإيراني في إنهاء دور المنظومة العسكرية والأمنية القومية بالبلاد.
فالمليشيات التي تتكون من ٧٠ فصيلا مسلحا تأسست عام ٢٠١٤ بفتوى من المرجع الشيعي علي السيستاني وبأوامر من الإرهابي قاسم سليماني قائد فيلق القدس جناح الحرس الثوري الخارجي، بحجة محاربة تنظيم داعش الإرهابي.
- الحشد الشعبي.. كيان طائفي مرفوض في العراق
- أسبوع العراق.. انتفاضة ضد إيران ومساع للعودة إلى المحيط العربي
بيد أن تأسيسها جاء حسب خطة إيرانية لاستنساخ الحرس الثوري في العراق وتشكيل جيش مواز للقوات المسلحة التي تعمل إيران على إنهاء دورها تدريجيا منذ عام ٢٠٠٣ عبر توسيع نفوذ الأحزاب التابعة لها داخل مؤسساتها.
كما أن القرار الذي أصدره رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، الإثنين الماضي، لم ينص على تعليمات أو تعديلات جديدة على قانون هيئة مليشيات الحشد الشعبي الذي صادق عليه مجلس النواب العراقي عام ٢٠١٦.
بالإضافة إلى أن المليشيات الرئيسية التابعة للحرس الثوري التي تتلقى أوامرها من المرشد الإيراني علي خامنئي وتشارك في عمليات فيلق القدس خارج الحدود العراقية رحبت بقرار عبد المهدي دون أن تبدي أي اعتراض عليه، ما يجعله مفضوحا كونه مجرد تنفيذ لمشروع الحرس الثوري الإرهابي في العراق.
واعتبر مراقبون سياسيون عراقيون قرار عادل عبدالمهدي التفافا آخر من سلسلة الالتفاتات على العقوبات الأمريكية المفروضة على النظام الإيراني.
فالقرار جاء لإنقاذ مليشيات الحشد من العقوبات والضربات الأمريكية، بسبب مشاركتها في كافة العمليات الإرهابية التي تنفذها طهران بالمنطقة ودورها في الالتفاف على العقوبات من خلال تمويل الحرس الثوري بالأموال وتهريب النفط الإيراني.
وبناء على هذه الوقائع ستكون القوات المسلحة العراقية الملجأ الآمن لهذه المليشيات لتهرب من العقوبات وتواصل في الوقت ذاته نشاطاتها الإرهابية عبر القوات المسلحة دون أن تتعرض لأي محاسبة.
وانتقد المتحدث باسم العشائر العربية في المناطق المتنازع بين إقليم كردستان وبغداد، الشيخ مزاحم الحويت بقرار دمج المليشيات في القوات المسلحة العراقية، مطالبا بمحاكمةالمليشيات وقادتها لتنفيذهم جرائم ضد العراقيين.
ويرى الحويت، أن قرار عبد المهدي يمثل أقصى درجات الانفراد بالسطة، مشيراً إلى أنه يهدف لمنح المليشيات غطاء قانونيا بادماجها ضمن القوات النظامية.
وتابع"مليشيات الحشد الشعبي نفذت جرائم بحق العرب السنة وكافة مكونات العراق، وتحتضن العديد من المطلوبين دوليا، لذلك عملية دمجها في المنظومة العسكرية سيساعدها في السيطرة على القوات الأمنية العراقية بالكامل"،.
ولفت إلى أن العشائر العربية أبلغت الأمم المتحدة والتحالف الدولي والقوات الأمريكية بخطورة هذا المخطط وضرورة الوقوف ضده وإفشاله، والضغط على رئيس الوزراء العراقي لمحاكمة قادة مليشيات الحشد وعناصرها الذين ارتكبوا جرائم ضد المدنيين.
وشدد الزعيم العشائري على ضرورة استبعاد أي جهة حاربت شعب العراق ورفعت شعارات طائفية من الاندماج في الجيش حسب الدستور الذي ينص على أن تكون القوات المسلحة ممثلة لكافة الأطراف، وهو ما لاينطبق على قرار عبد المهدي بدمج المليشيات في الجيش الأمر الذي سيفقده توازنه.
وتمكنت مليشيات الحشد الشعبي الإيرانية إلى جانب تسليحها من قبل الحرس الثوري بالأسلحة الثقيلة والصواريخ خلال الأعوام الماضية من الاستحواذ على كميات ضخمة من أسلحة الجيش العراقي الأمريكية المتطورة بمختلف أنواعها.
كما خصصت الحكومات المتعاقبة خلال الأعوام الماضية ميزانية كبيرة للمليشيات من الموازنة العامة للعراق، ما جعلها أقوى من الجيش الوطني عدة وعتادا ما يمكنها من بسط سيطرتها على مجريات الأمور بالبلاد متى ما أرادات طهران.
وعلى الرغم من اعتراض الكثيرين على قرار عبد المهدي بدمج المليشيات في الجيش العراقي كونه يمثل تهديدا لقومية القوات المسلحة، إلا أن الصحفي علي البيدر يذهب في اتجاه مغاير تماما مشيراً إلى أن رئيس الوزراء سيجد نفسه في موضع لايحسد عليه فور اعتراض مجموعة من الفصائل المسلحة لأوامره.
ويحذر البيدر في حديثه لـ"العين الإخبارية" من التصادم العسكري بين القوات الأمنية في العراق والمليشيات الإيرانية، مشيراً إلى أن البلاد لم تعد تحتمل المواجهات العسكرية.
ودعا الصحفي العراقي، رئيس وزراء بلاده للتعامل مع تعقيدات الأوضاع في البلاد بحكمة حتى لايخسر جميع العراقيين وطنهم.
وتسعى طهران ومليشياتها إلى أن يكون العراق الساحة الرئيسية لحربها ضد الولايات المتحدة الأمريكية، في حين تعمل واشنطن على تحرير البلاد من النفوذ الإيراني الذي بات مستشريا في أغلبية مفاصل الدولة.
وتشير التعقيدات الواقع الذي يشهده العراق إلى أنه ينبغي أن تضع بغداد المواجهة المسلحة مع هذه المليشيات في الحسبان للتخلص من دورها الإرهابي.