الموصل بعد 6 سنوات..مدينة الينابيع تتطهر من أدران داعش
إلى مدينة الموصل العراقية تعود عقارب الساعة اليوم 6 أعوام خلت، وما بين الأمس والحاضر تختزل المدينة ذكريات مظلمة.
ففي العاشر من يوليو/تموز عام 2017، خرج رئيس الوزراء العراقي حينها حيدر العبادي، يعلن انتزاع ثاني أكبر مدينة في العراق من أيدي تنظيم "داعش" الإرهابي، بعد عامين من حمام دم أغرق المدينة العريقة في حرب مروعة.
كانت المدينة ذات الأغلبية السنية، التي يبلغ عدد سكانها الأصلي أكثر من 2.5 مليون نسمة ، أكبر صيد حصل عليه "داعش" في اجتياحه العنيف والفوضوي لشمال وغرب العراق عام 2014.
فمن مسجد النوري الكبير، أعلن زعيم التنظيم الإرهابي أبو بكر البغدادي الخلافة المزعومة، وهو المسجد الذي فجّره "داعش" في 22 يونيو/حزيران مع اقتراب القوات العراقية منه.
وتحولت معركة استعادة المدينة في الواقع إلى معركتين كبيرتين: واحدة في النصف الشرقي من المدينة والأخرى في شطرها الغربي الأكثر ازدحاما ، مع فصل الجانبين عن طريق نهر دجلة.
الحدباء تنهض
"أم الينابيع" هي الطريقة التي تُعرف بها الموصل، عاصمة العراق الشمالية القديمة.
الحدباء - أو "أحدب" - هو لقب آخر للمدينة ، في إشارة إلى مئذنتها المائلة الشهيرة ، وهي جزء من مجمع مسجد النوري الذي يعود إلى القرن الثاني عشر.
وتقع الموصل على بعد 465 كلم شمال غرب بغداد ، وهي مركز محافظة نينوى التي اشتهرت ببروزها التجاري وتنوع سكانها ثقافيا.
وفي الموصل، التي عاشت أكثر من ثلاث سنوات تحت نير الإرهابيين ، صمم السكان على استعادة تراثهم الثقافي والتاريخي.
فكما عبثت بالموصل أيادي الخراب، امتدت من وراء الحدود سواعد أمل إماراتية تقدم بلسما يضمد جروح العراق وتراث العالم.
هبت دولة الإمارات العربية المتحدة تمسح غبار الإرهاب وتعيد للموصل بريق الحياة وأمل التعايش.
إذ تكفلت دولة الإمارات بترميم معالم المدينة الواقعة شمالي العراق، في إطار مشاركتها بمشروع "إحياء روح الموصل"، الذي يشمل عملية ترميم الجامع ومنارته الحدباء وكنيستي الساعة والطاهرة.
مشروعٌ يمثل إحدى الدلالات التاريخية على جهود دولة الإمارات ومسيرتها الملهمة في الحفاظ على التراث الإنساني والثقافي على مستوى العالم.
كما يؤكد دورها الرائد في نشر مبادئ الأخوة الإنسانية والوسطية والانفتاح ونبذ التعصب والتطرف الفكري والديني والثقافي.
وكان المشروع قد خرج للنور في أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، ضمن اتفاقية موقعة بين دولة الإمارات ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، في إطار جهود إعادة إعمار المعالم التاريخية بمدينة الموصل، وإعادة بنائها، لا سيما جامع النوري ومئذنته الشهيرة المائلة المعروفة باسم المنارة الحدباء التي يزيد عمرها على 840 عاما.
تغيرت الصورة القديمة المؤلمة للموصل، واُستبدلت الأنقاض والآثار التي خلفتها المعارك الشرسة مع تنظيم داعش بشكل تدريجي بالنشاط التجاري المزدهر في العديد من مناطق المدينة.
علا صوت الأذان من مسجد النوري، وقُرعت أجراس كنيسة "سيدة الساعة"، إيذانا بروح عادت للموصل فدبّت فيها الحياة.