الذكرى الـ6 لتدمير جامع النوري بالموصل.. الإمارات بلسم ضد التطرف
على توقيت الموصل العراقية، تسمّرت عقارب الساعة قبل سنوات، ليتابع العالم عبر الشاشات إحدى أبشع صور الإرهاب.
حدث ذلك قبل 6 سنوات وتحديدا في 21 يونيو/حزيران 2017، حين راقب العالم بقلوب موجوعة معاول داعش، وهي تحول جامع النوري ومئذنة الحدباء التاريخية في المدينة القديمة غرب الموصل العراقية، إلى ركام.
اغتال التنظيم الإرهابي أحد أهم المعالم الدينية والتاريخية وموروثا حضاريا وإنسانيا عالميا، لكن وكما عبثت به أيادي الخراب، امتدت من وراء الحدود سواعد أمل إماراتية تقدم بلسما يضمد جروح العراق وتراث العالم.
أراد داعش محو صرح شامخ يقف شاهدا على التسامح والتعايش، فيما هبت دولة الإمارات العربية المتحدة كي تمسح غبار الإرهاب وتعيد للصرح بريق الحياة وأمل التعايش.
"إحياء روح الموصل"
على نفس درب العطاء الذي دشنه الأب المؤسس لدولة الإمارات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وسار خلفه على خطاه، تكفلت دولة الإمارات بترميم معالم المدينة الواقعة شمالي العراق، في إطار مشاركتها بمشروع "إحياء روح الموصل"، الذي يشمل عملية ترميم الجامع ومنارته الحدباء وكنيستي الساعة والطاهرة.
ويمثّل مشروع إعادة بناء وترميم الجامع النوري ومنارته الحدباء في مدينة الموصل إحدى الدلالات التاريخية على جهود دولة الإمارات ومسيرتها الملهمة في الحفاظ على التراث الإنساني والثقافي على مستوى العالم.
كما يؤكد دورها الرائد في نشر مبادئ الأخوة الإنسانية والوسطية والانفتاح ونبذ التعصب والتطرف الفكري والديني والثقافي.
وخرج المشروع للنور في أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، ضمن اتفاقية موقعة بين دولة الإمارات ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، في إطار جهود إعادة إعمار المعالم التاريخية بمدينة الموصل، وإعادة بنائها، لا سيما جامع النوري ومئذنته الشهيرة المائلة المعروفة باسم المنارة الحدباء التي يزيد عمرها على 840 عاما.
جهود تختزل مسيرة دولة الإمارات الملهمة في الحفاظ على التراث الإنساني والثقافي ليس فقط في العراق، وإنما على مستوى العالم، ورسالتها في نشر التسامح ومبادئ الأخوة الإنسانية ونبذ الفكر المتطرف.
"رسالة أمل"
قرار دولة الإمارات بتبني مبادرة اليونسكو بإعادة البناء، يختزل "رسالة" أمل لمواجهة الأفكار المتطرفة التي تحاول جاهدة محو التراث الإنساني والثقافة وزرع الخوف في المجتمع.
هكذا وصفت وزيرة الدولة الإماراتية نورة الكعبي قرار دولة الإمارات في عام 2018 بتبني مبادرة اليونسكو بإعادة البناء، معتبرة أن الرسالة تستهدف مواجهة الأفكار المتطرفة التي تحاول جاهدة محو التراث الإنساني والثقافة وزرع الخوف في المجتمع.
وفي جلسة حوارية انتظمت في يونيو/حزيران 2020، أشادت الكعبي -كانت حينها وزيرة للثقافة- بالسواعد الوطنية من الموصليين الذين كان لهم الدور الكبير في إنجاز المرحلة الأولى من مشروع إعادة بناء الجامع النوري ومنارته الحدباء.
وأكدت أن قرار دولة الإمارات في عام 2018 بتبني مبادرة اليونسكو بإعادة البناء، كان رسالة أمل لمواجهة الأفكار المتطرفة التي تحاول جاهدة محو التراث الإنساني والثقافة وزرع الخوف في المجتمع.
وقالت: "في يوم ما ستعلو المنارة الحدباء للجامع النوري وتحلق في أفق الموصل، وسيُعاد بناء الكنائس وإقامة المناسبات الثقافية والموسيقية، والعديد من الفعاليات الأخرى التي تمثل السمو الإنساني الذي كادت تختطفه أيدي الظلام وأعداء التنوير".
وتابعت: "بفضل جهود ودعم دولة الإمارات ومنظمة اليونسكو سترجع ابتسامة الموصليين وعناقهم للحياة".
عودة الحياة
بالفعل، وكما استشرفت الكعبي، أحيا العشرات من أهالي الموصل وعدد من علماء المسلمين وديانات أخرى، في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، احتفالية بذكرى المولد النبوي، عند أطلال جامع النوري الكبير وسط المدينة.
حدث ذلك بعد انقطاع دام سنوات، حيث زينت أضواء الاحتفال الركام والأكوام المتناثرة، من بقايا مسجد النوري.
وعقب صلاة جماعية حضرها جمع غفير عند باحة الجامع الكبير، انطلقت طقوس الاحتفال بذكرى المولد النبوي، وسط آمال ودعوات أن تعود الحياة إلى المدن التي دمرها تنظيم داعش الإرهابي.
آمال وحياة يبعثها مشروع حضاري يمتد لخمس سنوات بتكلفة 50.4 مليون دولار، في رسالة لشباب العراق والعالم عنوانها مستقبل أكثر إشراقا يتحدى ظلام الإرهاب.
تفاؤل تبعث الإمارات ذبذباته من أجل أن تستعيد الموصل حيويتها وتنشر قيم التسامح والمصالحة والانفتاح وتعود لسابق عهدها منبرا للعلم والثقافة.
وفي مارس/آذار الماضي، شكرت أودري أزولاي المديرة العامة لليونسكو، دولة الإمارات على تمويل أعمال ترميم أعادت للموصل القديمة حياتها بعد دمار داعش.
وحينها، بمناسبة زيارتها الأولى للعراق، توجهت أزولاي إلى الموصل، حيث التقت بمهندسين في مواقع تأهيل الموصل القديمة واطلعت على سير العمل.
وفي كنيسة سيدة الساعة التي أعيد بناؤها حديثا "بالحجر المذهل، المذهب قليلاً مثل الخبز"، كما وصفه الأب الدومينيكاني أوليفييه بوكيون، سمع الحضور قرع ثلاثة أجراس وصلت حديثا من فرنسا ورفعت في برجها.
وقالت أزولاي "إنه رمز للعودة إلى السلام، وارتباط بالتاريخ، ولكنه أيضًا رمز للأمل في المستقبل"، معربة عن شكرها لدولة الإمارات على تمويل أعمال الترميم.
aXA6IDMuMTQ1LjcyLjQ0IA== جزيرة ام اند امز