مصادر عراقية لـ«العين الإخبارية»: انقسام «الإطار التنسيقي» يعطّل حسم رئاسة الوزراء
ما زال التوافق غائبا عن مداولات اختيار مرشح لرئاسة الوزراء بالعراق بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وكشفت مصادر مطلعة لـ"العين الإخبارية" عن تعمّق الأزمة داخل الإطار التنسيقي بعد فشل اجتماعه الأخير في التوصل إلى مرشح توافقي لشغل منصب رئيس الوزراء، في ظلّ انقسامات واضحة بين قادة الكتل المكوّنة للإطار، وتباين المواقف بشأن الأسماء المطروحة.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن الاجتماع عُقد في منزل زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، مساء الإثنين، وشهد نقاشات وصفت بـ"الساخنة" نتيجة إصرار المالكي على ترشيح وزير الداخلية الحالي عبد الأمير الشمري لرئاسة الحكومة، معتبراً أنه "الأقدر على إدارة المرحلة الأمنية والسياسية المقبلة".
إلا أن هذا الطرح قوبل برفض واضح من أطراف داخل الإطار، وفي مقدمتهم زعيم ائتلاف قوى الدولة الوطنية عمار الحكيم، الذي تمسّك بترشيح وزير المخابرات حميد الشطري، مؤكداً أنّ المرحلة المقبلة تحتاج إلى "شخصية مستقلة ذات خبرة في إدارة الملفات الأمنية والدبلوماسية في آن واحد".
وينتمي عبد الأمير الشمري إلى منظمة بدر التي يتزعمها هادي العامري وهي تمتلك مليشيات مسلحة أغلبها منخرط في صفوف الحشد الشعبي.
وقالت المصادر إنه "حتى الآن يوجد 26 مرشحاً لشغل منصب رئاسة الوزراء لكن هناك من بين المرشحين من لم يتم مناقشة اسمائهم بسبب عدم وجود قوى سياسية كبيرة داعمة لهم".
وفي خضم هذا الجدل، برز موقف مغاير عبّر عنه همام حمودي، زعيم تحالف "أبشر يا عراق" وعضو اللجنة المكلفة بدراسة المرشحين لرئاسة الحكومة، إذ شدد خلال الاجتماع على ضرورة إبعاد الأسماء التي تنتمي إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية، لافتاً إلى أن الظروف السياسية "لا تتحمل فرض شخصية أمنية على رأس الحكومة في ظل التوترات الداخلية والاستحقاقات المقبلة".
واعتبر حمودي أن الإطار يجب أن يتجه نحو مرشح سياسي من خارج المنظومة الأمنية، مؤكداً تمسكه بمرشحه عبد الحسين عبطان، وزير الشباب والرياضة الأسبق، الذي ورغم خسارته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، يراه حمودي "الأكثر قبولاً شعبياً والأقدر على بناء جسور الثقة بين القوى السياسية والمواطنين".
طريق مغلق
ووفق المعلومات المتوفرة، لم ينجح المجتمعون في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنافرة، إذ يتمسك كل فريق بمرشحه، في حين يخشى الإطار التنسيقي من أن يؤدي استمرار الانقسام إلى إطالة أمد الفراغ الحكومي والدخول في أزمة سياسية أعمق.
كما أشارت المصادر إلى أن غياب توافق حقيقي يعكس تصاعد الصراع داخل الإطار بين القوى الأكثر نفوذاً، الأمر الذي قد يدفع نحو البحث عن مرشح تسوية خارج الأسماء الأربعة المطروحة، أو ربما اللجوء إلى تدخل من أطراف خارج الإطار لإعادة ضبط مسار المشاورات.
سيناريوهات المرحلة المقبلة
وتقول المصادر إن المشهد مرشح لعدة احتمالات، أبرزها " الاستمرار في اجتماعات مكثفة خلال الأيام المقبلة لمحاولة كسر الجمود، وطرح أسماء جديدة قد تحظى بتوافق أكبر، خصوصاً من الشخصيات السياسية ذات الطابع المدني، وتدخل من المرجعية الدينية في النجف لتحديد اتجاهات التفاوض إذا استمر الانسداد".
وتؤكد التطورات الأخيرة أن الإطار التنسيقي يمرّ بأعمق انقسام داخلي منذ سنوات، وأن معركة اختيار مرشح رئاسة الوزراء تحولت إلى ساحة صراع نفوذ بين قادة الصف الأول.
وفي ظل هذا الوضع الراهن يبقى منصب رئيس الحكومة معلّقاً إلى حين القدرة على إنتاج تسوية تجنّب العراق أزمة سياسية جديدة.