بعد عام من التطبيق.. هل قادت "الورقة البيضاء" اقتصاد العراق للاستقرار؟
هل تستطيع الورقة البيضاء التي قدمتها حكومة الكاظمي العام الماضي، على سحب الاقتصاد من الفوضى إلى الاستقرار؟
حتى الآن لا تزال الورقة البيضاء، محل جدل ونقاش في قدرتها على سحب الاقتصاد العراقي من دائرة الفوضى والأزمات إلى مسارات البناء وتحقيق الاستقرار الذي يقوى على مواجهة تقلبات السوق والموارد.
وقدم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، نهاية العام الماضي ورقة إصلاحية سميت بـ"البيضاء"، تعنى بتحقيق إصلاحات اقتصادية جاءت على وقع أزمة مالية خانقة اضطرت على أثرها الحكومة اللجوء للاقتراض لتسديد رواتب موظفي الدولة.
وتضمنت الورقة الاقتصادية رفع أسعار قيمة صرف الدولار أمام الدينار العراقي في مسع لتقليل العجز في الموازنة العامة، مما أثار غضب شرائح فقيرة بعد أن تسبب ذلك في غلاء الكثير من المواد الاستهلاكية والغذائية.
- الكويت تفتح الحدود البرية مع العراق.. "الموعد والشروط"
- كارثة السيول.. خسائر اقتصادية في كردستان العراق
وخلال عام وأكثر من طرح المشروع الاقتصادي الإصلاحي، استطاعت الورقة البيضاء وما ترافق معها من صعود في أسعار النفط العالمية، ومن تقليل نسب العجز ورفع احتياطات البنك المركزي من النقد الأجنبي إلى نحو 64 مليار دولار بعد أن كان قبل ذلك التاريخ عند حدود 48 مليار دولار.
وفي الأسبوع الماضي، كشف البنك المركزي عن خطوة أخرى تتضمن دراسة هيكلية بشأن العملة العراقية من خلال مشروع أعدّه للتعامل مع سياسات نقدية جديدة.
في هذا الصدد وما حققته الورقة البيضاء، يقول مستشار رئيس الوزراء للشأن الاقتصادي، مظهر محمد صالح، "لقد حقق العام المنصرم شيئا واضحا من اعتماد خريطة طريق نحو مسار الإصلاح الأوسع وهو ما يمكن أن نتوقع اعتماده في صيانة وترسيخ المستقبل الاقتصادي للعراق دون تراجع".
ويوضح صالح خلال حديث خص به "العين الإخبارية"، أن "الورقة البيضاء تعد مشروعا إصلاحيا حكوميا مزدوج الأهداف يسعى إلى تحقيق الاستدامة المالية للبلاد مع قدرة على الاستدامة الاقتصادية بصورة تكاملية".
فأهمية هذه الورقة، بحسب صالح، التي تعمل في الأجل الطويل قد أسست في الفترة القصيرة فهما لأيديولوجيا بديلة كانت مشوشة في المجتمع الاقتصادي حتى وقت قريب، ذلك لتجيب عن تساؤل مهم، هو كيف نؤسس طريقا عمليا للإصلاح الاقتصادي؟.
ويستدرك بالقول: الورقة البيضاء هي عملية جراحية اقتصادية تتطلب صبرا وإصرارا وإرادة لبناء مستقبل البلاد في الاستقرار والتنمية وهي أقرب إلى دستور اقتصادي تطبيقي في مرتسم الإصلاح".
ويتابع: إنها مؤشر على تقدمية الاقتصاد وترصين الحياة الاقتصادية لبلادنا وهو الدستور الاقتصادي الذي سيرتكز عليه أي منهاج حكومي قادم لا محال".
ويشدد المستشار الاقتصادي الحكومي، على أن "نقيم نجاحات وإخفاقات تطبيق الورقة البيضاء في سنتها الأولى ذلك لتعديل المسار أو حذف أو إضافة المسائل الإجرائية المهمة لبلوغ أمثلية تطبيق الورقة الإصلاحية".
وبشأن هيكلة العملة العراقية، يبين المستشار المالي لرئيس الوزراء، صالح، أنها "تعني حذف الأصفار من العملة من حسابات وإحصاءات جمهورية العراق كافة كما كان مقترحا ضمن سياسة إصلاح إدارة العملة لتصحيح إرث فرض على نظام المدفوعات النقدية لأسباب وظروف اقتصادية قاهرة ما أدى إلى تكاثر الأرقام الحسابية".
ويلفت صالح، إلى أن ذلك المشروع كان "مطروحاً منذ قرابة عشرة أعوام وجرى تأجيله لأكثر من مرة منذ ٢٠١٢"، مبيناً أن "عملية حذف الأصفار من العملة تقع ضمن سياسة تصحيحية مارستها قرابة ٦٠ دولة منذ الحرب الثانية لتفادي تكثير الأرقام في الحسابات وتسهيل التداول بأرقام صغيرة جدا ومنها تفادي الأرقام الكبيرة والدخول باثنتي عشر مرتبة عشرية أو أكثر بسبب التضخم الجامح الذي حدث في الاقتصاد في ظرف ما ومنها فرض الحصار الاقتصادي على العراق أبان التسعينيات والدخول في التضخم الجامح وتكثير الأرقام خلال عقد ونيف من الزمن الماضي".
فضلا عن ذلك سيسهم تقليل الأرقام إلى إمكانية استخدام فئات من العملة الأصغر التي تخص المعاملات الصغيرة والتي اندثرت تماماً في العراق بسبب الأرقام الكبيرة والفئات الرقمية العالية جدا من العملة والتي فرضها التضخم السابق، بحسب صالح.
من جانبه، يرى الخبير في الشأن الاقتصادي رعد تويج، أن العملة العراقية بحاجة إلى استبدال جذري وليس إعادة هيكلتها بحذف الأصفار " .
ويؤكد تويج خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إننا "لا نحتاج لإعادة هيكلة العملة بحذف أصفارها، فهو مفهوم خاطئ، بل نحتاج إلى استبدال العملة جذريا للتخلص من الكتلة النقدية الهائلة والحصول على عملة جديدة تتجاوز سلبيات العملة الحالية المتراكمة وانخفاض قوتها الشرائية بعد ارتفاع سعر الصرف بنسبة 26% وارتفاع حالة التضخم بنسبة 7.6% وطبع قدره77%".