عام صعب عى "داعش".. أزمة قيادة بعد مقتل القرشي تربك مخططاته الإرهابية
"داعش بات أكثر هشاشة الآن ويواجه انقسامات".. هكذا علقت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية على حال التنظيم بعد مقتل زعيمه وعدم اختيار بديل.
وذكرت المجلة الأمريكية أن داعش شهد عاما صعبا بالرغم من أننا ما زلنا في فبراير/شباط فقط؛ فبعدما كان أنصار التنظيم يهللون عند الاقتحام الكبير لأحد السجون في شمال شرق سوريا، سرعان ما علموا بعد أيام بأن زعيم التنظيم المنعزل، أبوإبراهيم الهاشمي القرشي، قتل خلال غارة جريئة للعمليات الخاصة الأمريكية.
وقبل مقتل القرشي، كانت هناك مخاوف متنامية حول احتمال عودة داعش. وبعيدا عن اقتحام السجن في سوريا، حيث تمكنت عناصر داعش من السيطرة على المنشأة لعدة أيام بالرغم من الهجوم العسكري القوي للقوات الأمريكية والقوات التي يقودها الأكراد، كانت هناك علامات مثيرة للقلق أخرى على حيوية التنظيم.
فيما أعرب تقرير صدر في فبراير/شباط عن فريق متابعة العقوبات التابع لمجلس الأمن بالأمم المتحدة عن القلق من تنامي قوة داعش بعدة أقاليم في وسط أفريقيا وعودة ظهوره في أفغانستان الآن مع مغادرة القوات الأمريكية.
وفي العراق وسوريا، حتى رغم أن داعش كان ينفذ عمليات حرب عصابات، لا تزال هناك انقسامات سياسية وطائفية صارخة، ومناطق ريفية تواجه ضغط تغير المناخ، وصعوبات اقتصادية بعد الجائحة، ويمكن أن يغذي كل ذلك عودة داعش.
لكن مع مقتل القرشي، يبدو احتمال العودة الجادة للتنظيم في أي وقت قريب أقل ترجيحا.
وقتلت الولايات المتحدة العديد من قادة التنظيم في الماضي، لكن توقيت هذه الخسارة سيئ بشكل خاص للتنظيم، إذ إنه يعاني تناقص السيولة النقدية، وعدد قليل من القادة الذين يمكن أن يحلوا محل القرشي، وتراجع في العمليات في العراق.
وبينت "فورين أفيرز" أن هناك صعوبات تواجه القيادة الرئيسية للتنظيم في العراق وسوريا التي يجب عليها تقديم حجة قوية حول سبب وجوب مبايعة فروع التنظيم حول العالم لقائد سيكون على الأرجح مجهولًا مثل القرشي.
وسواء نجحوا أو فشلوا، سيقرر ذلك مصير التنظيم ككيان عالمي يربط الجماعات المتطرفة من غرب أفريقيا إلى شرق آسيا.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه يتعين على داعش الآن اختار رابع زعيم له في التاريخ، وهناك سبب يدعو للاعتقاد بأن هذا سيكون أصعب انتقال.
في عام 2004، بايع أبومصعب الزرقاوي سيئ السمعة بجماعته الصغيرة أسامة بن لادن، وأصبحت الجماعة تعرف باسم القاعدة في العراق.
وبعد أشهر على مقتل الزرقاوي في غارة جوية أمريكية عام 2006، شكل أتباعه تنظيم داعش في العراق، والذي توسع لاحقا إلى سوريا وأسموا نفسهم داعش في العراق وسوريا. وبذلك، أرسوا ممارسات تعاقب القيادة التي واصلها التنظيم حتى وقتنا هذا.
وأشارت "فورين أفيرز" إلى أن خليفة الزرقاوي، زعيم داعش العراق، كان أبوعمر البغدادي، وهو من المخضرمين بالقاعدة في العراق وقد قتلته العمليات الخاصة الأمريكية والعراقية عام 2010.
ووقع الاختيار على أبو بكر البغدادي بنفس الطريق بعد عدة أسابيع من الصمت، وقاد عودة الجماعة وإعلان "الخلافة"، غير أن قوات العمليات الخاصة الأمريكية قتلته عام 2019 في سوريا، ثم حل محله أبو إبراهيم القرشي بعد خمسة أيام.
وذكرت "فورين أفيرز" أنه من المرجح للغاية أن يتم الإعلان عن الزعيم الجديد خلال الأسابيع المقبلة، وأنه سيتمتع بخلفية مشابهة لأسلافه؛ حيث سيكون عالما دينيا، ومحاربا ضمن الدائرة الداخلية لقيادة داعش.
وأضافت المجلة الأمريكية أن داعش هذه المرة قد يواجه عقبات خلال عملية الخلافة بالنظر إلى المشاكل المرتبطة بولاية القرشي؛ حيث لم يحقق نجاحات كبيرة خلال تلك الفترة.
كما تقدم بسرعة صفوف داعش منذ عام 2007، وبحلول 2014 أصبح واحدا من كبار المستشارين الدينيين للبغدادي، الذي حث على إبادة اليزيديين.
وانتشرت في عهده قصص حول الأيام التي أمضاها كمخبر للولايات المتحدة، لا سيما بعدما نشرت الحكومة الأمريكية ملفات الاستجواب التي أظهرت أنه قدم عن طيب خاطر معلومات تفصيلية عن الأيام الأولى لداعش لمحتجزيه الأمريكيين عندما كان مسجونا في العراق، حتى إنه أفشى عن معلومات ساعدت الجيش الأمريكي في قتل المسؤول عنه والزعيم الثاني للقاعدة في العراق، أبو قسورة، عام 2008.
وطبقا لـ"فورين أفيرز"، تجد الدائرة الداخلية لداعش نفسها الآن في موقف محفوف بالمخاطر مع خيارين أساسيين لقائد جديد، كلاهما يفتح الباب أمام مجموعة من الاحتمالات.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن الخيار الأول، والأكثر ترجيحا، أن تتبع المجموعة عمليات الخلافة ولكن تختار قائدا يختلف بشكل ملحوظ عن أسلافه، أما الثاني هو أن يتخلى التنظيم عن ممارسته في اختيار بديل القرشي، مما يرجح انقسام قاداته.
وأضافت أنه من المحتمل، على سبيل المثال، ألا يعترف داعش بمقتل زعيمه، ما يشير إلى أن الولايات المتحدة أخطأت مجددًا بشأن هوية زعيمه، وبدلاً من ذلك، قد يتجاوز الزعيم عملية الخلافة القائمة ويستحوذ على السلطة بمفرده - وهي علامة شبه مؤكدة على عدم الاستقرار الداخلي.
وقد يجد أي زعيم جديد، سواء جاء من عملية خلافة رسمية أو خلافه، أن سلطته محل نزاع، وفي كل هذه السيناريوهات غير العادية، هناك تهديد حقيقي للغاية بالاقتتال الداخلي، مما قد يجعل تهديد داعش أكثر تقلبًا إذا كان أقل تماسكًا.
ولفتت "فورين أفيرز" إلى أن داعش أكثر هشاشة الآن عما كان عليه منذ ثلاثة أعوام، وبعيدا عن المصالح الضيقة لمجلس القيادة، تنتظر فروع داعش حول العالم لمعرفة القائد الجديد، حيث يرتبط الاختيار بالسبب وراء انضمامهم إلى التنظيم في المقام الأول.