"نحو 15 مليون شخص في مالي والنيجر وبوركينا فاسو بحاجة إلى المساعدة، بزيادة 4 ملايين شخص منذ يناير 2021".
هكذا قال وكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، وأضاف متحدثا عن الحالة الإنسانية في منطقة الساحل الأوسط في أفريقيا:
"هناك صعوبات كبيرة يتحملها الناس ممن تضرروا من أزمة حوض بحيرة تشاد في شمال شرق البلاد".
وينتج عن تفاقم الصراعات السياسية وتغير المناخ ونقص فرص التنمية أن يندفع الملايين إلى ظروف معيشية معقدة، تُضاف إليها أزمات "كوفيد-19"، وبناء على ذلك زاد عدد الهجمات الإرهابية بمعدل ثمانية أضعاف في منطقة الساحل الأوسط بين عامي 2015 و2021، كما زاد عدد القتلى بأكثر من عشرة أضعاف، وبالتالي نزح أكثر من مليوني شخص، بما في ذلك نصف مليون نازح داخليا العام الماضي.
هذا الوضع المتردي في هذه المنطقة لم يوقف عمليات مكافحة الإرهاب، تحديدا في مالي وبوركينا فاسو، ففي 30 يناير 2020، وقّع رئيس مالي السابق مرسوماً نُشر في الجريدة الرسمية للدولة برقم 2020-0034، وتمّ بموجبه إطلاق عملية "ماليكو" لمطاردة الإرهابيين.
وكان القصد من هذا الإجراء هو إعادة دولة مالي إلى ممارسة وظائفها السيادية في مناطق غاو وكيدال وتمبكتو وتاودنيت وميناكا وموبتي وسيغو.
وللقيام بذلك، لجأت الحكومة إلى تقسيم مجال العمل إلى منطقتين.. الأولى في الشرق، وتدخل ضمن نطاقها مدن غاو وميناكا وكيدال، ومقرها غاو.. وأخرى خاصة بمنطقة الوسط، وتشمل مدن سيغو وموبتي وتمبكتو وتاودنيت ومقرها في سيفاري.
ولم تُدخل السلطة الانتقالية الحالية أي تعديلات على عملية ماليكو.. إذ تُطلق الحكومة التي يقودها، العقيد عاصمي غويتا، بشكل دوري عمليات لبسط الأمن في هذه المناطق التي تتعرض لتهديد مستمر من إرهابيي "القاعدة" و"داعش"، وكانت العملية الأخيرة بمثابة استمرار للعمليات المعروفة باسم "كيليتيغي"، التي تم إطلاقها خلال عام 2021.
وكإشارة لبدء عملية جديدة، زار رئيس أركان الجيش المالي، العقيد فيليكس ديالو، مركز "نارا" بصحبة قيادات عسكرية في 31 ديسمبر/كانون الثاني الماضي.. إذ أراد "ديالو" أن يكون قريباً من جنوده، الذين يحتفلون بالعام الجديد، لرفع معنوياتهم بعد الخسائر التي تكبدوها في 29 من الشهر نفسه في كمين إرهابي.
وتم تنفيذ العملية بطريقة سرّية حتى يوم 17 يناير/كانون الثاني المنصرم، حين أعلن رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة المالية أن الجيش قد "نفّذ تدخلات ضد الإرهابيين بناء على المعلومات الاستخبارية والتسلل وعمليات الاستطلاع جو-أرض".
وكانت نتائج هذه العمليات كالتالي:
في 10 يناير/كانون الثاني المنصرم، تم تنفيذ غارات جوية على قطاع "سونغو" وتم قتل 6 إرهابيين.
وفي 12 يناير/كانون الثاني 2022 تم تنفيذ غارات جوية على "سما وسوسو ولوغوري" وتم قتل العديد من الإرهابيين، دون تحديد عدد، بينهم الرجل الثاني في "كتيبة ماسينا"، المدعو عثمان سيديبي.
في 14 يناير/كانون الثاني 2022 وقعت مواجهة بين الجيش والإرهابيين في ألاتونة "ديابالي"، وفي اليوم نفسه استولت دورية للجيش على سيارات ملك الإرهابيين في تييري "على الحدود مع بوركينا فاسو"، وتم قتل 4 إرهابيين واعتقال 3 آخرين.
في 15 يناير/كانون الثاني 2022، تم تدمير قاعدتين لوجستيتين للإرهابيين، كما تم قتل 9 مقاتلين واستعادة 1500 كجم من المواد المخصصة لصنع المتفجرات.
في 16 يناير/كانون الثاني 2022: تم تنفيذ هجوم على دوريات استطلاعية في تاراباكورو-أكور. وفي الهجوم المضاد، تمّت تصفية 14 إرهابياً، بمن فيهم قائد المجموعة، الحاج موديبو باه، واعتقال 9 إرهابيين آخرين.
من 17 يناير/كانون الثاني 2022 إلى 22 من الشهر نفسه، نجح الجيش في قتل 37 إرهابياً في نارا وسيكاسو وسيغو وموبتي.
جدير بالذكر، فإنه عند انطلاق تطهير المناطق من الإرهابيين، في عمليات مثل "كيليتيغي" داخل دولة ما، فمن المستحسن التنسيق مع الدول المجاورة، وتوقّع هروب الإرهابيين في هذا الاتجاه أو ذاك.
وهذا ما فعلته تماما بوركينا فاسو مع القوة الفرنسية "بارخان" من خلال بدء عملية "لابينغول" –تعني التطهير بلغة الفلفولدي- في الفترة الممتدة من 15 إلى 23 يناير/كانون الثاني 2022.
وانتهت هذه العملية بقتل 163 إرهابياً، فضلا عن مقتل الزعيم الإرهابي، مدولي، المعروف باسم عبد الرحمن من منطقة كيلبو، بالإضافة إلى تدمير 4 قواعد إرهابية ومخزن لوجيستي.
ومنذ عام 2012، تدهور الوضع في مالي اقتصاديا وسياسيا مع تنامي النشاط الإرهابي، وانتقلت العدوى إلى الجارة بوركينا فاسو، منذ 2014 حين أطيح برئيسها السابق، بليز كومباوري، ورغم ذلك نجحت مالي وبوركينا فاسو بالتعاون مع قوات "برخان" الفرنسية في القضاء على أكثر من 2000 إرهابي خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، وإذا استمرت العمليات بهذه الوتيرة خلال عام 2022 فسيكون هذا عاماً مصيرياً للإرهابيين الذين لا يستطيعون تحمّل خسارة أكثر من 2000 مقاتل في منطقة واحدة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة