مع قرب انتهاء حرب "داعش".. بدء معركة النفط في كركوك

في ظل تصاعد توتر بغداد وأربيل اعتبر خبراء اقتصاد أنه مع قرب انتهاء معركة داعش بدأت الحرب الحقيقية بين قوى إقليمية للسيطرة على الموارد

في ظل تصاعد التوتر بين بغداد وأربيل وسيطرة وحدات من الجيش العراقي على مواقع في كركوك ومحيطها، وهي مدينة نفطية ذات أهمية كبرى، اعتبر خبراء اقتصاد أنه مع قرب انتهاء المعركة مع "داعش"، بدأت الحرب الحقيقية بين القوى الإقليمية من أجل السيطرة على الموارد. 

وأعلنت القوات العراقية المشتركة سيطرتها على منشآت نفطية وأمنية وطرق وناحيتين واقعتين في الضواحي الجنوبية الغربية لمدينة كركوك التي تسيطر عليها البشمركة الكردية.

• اشتباكات كركوك تقفز بأسعار النفط
• القوات العراقية تسيطر على منشآت نفطية وأمنية بكركوك

في المقابل، تفاعلت أسعار النفط بقوة مع الأخبار، حيث ارتفع خام برنت بنسبة 1٪ إلى 57.88 دولار للبرميل خلال التعاملات الآسيوية يوم الإثنين، وفي الوقت نفسه، كانت العقود الآجلة للنفط في الولايات المتحدة أدنى بكثير من مستوى 52 دولارا.

من جانبه، قال جون كيلدوف، وهو شريك في مؤسسة "أجين كابيتال" لإدارة الاستثمار التي تركز على الطاقة لشبكة "سي إن بي سي" الأمريكية: "في الوقت الذي يبدو أن المعركة ضد داعش تنتهي أخيرا، هناك مسرح جديد لمعركة تنشأ في شمال العراق".

وتأتى التحركات العراقية بعد أن أجرت منطقة كردستان شبه المستقلة في العراق وغيرها من المناطق التي يسيطر عليها الأكراد بما فيها كركوك استفتاء حول الاستقلال في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.

وفى مذكرة بحثية صدرت، الجمعة الماضي، حذرت مؤسسة "أوراسيا جروب" لاستشارات المخاطر السياسة ومقرها لندن من أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي "يلتزم على نحو متزايد بإعادة السيطرة المركزية للحكومة على الأراضي التي تطالب بها بغداد" والأكراد.

وأشارت إلى أنه "في صيف عام 2014، استغلت القوات الكردية انهيار الجيش العراقي في الأجزاء الشمالية من البلاد للانتقال إلى المناطق التي يطالب بها الإقليم والسلطات الاتحادية؛ لا سيما كركوك الغنية بالنفط، ومن غير المرجح أن تقبل الحكومة المركزية هذا الوجود".

الآثار المحتملة على النفط

العراق ثاني أكبر منتج للنفط في "أوبك"، حيث يقوم بضخ معظم إنتاجه الذي يقدر بـ4.47 مليون برميل يوميا من الحقول في الجنوب، ويشحنها من ميناء البصرة المطل على الخليج. ولكن مع إنتاج العراق نحو 14% من إجمالي الإنتاج من منظمة الدول المصدرة للنفط، فإن الصراع الذي يتركز في شمال البلاد يمكن أن يكون له تأثير مباشر على أسواق النفط.

وفي هذا السياق، قال كيلدوف: "ربما ترتفع أسعار النفط كثيراً على إثر هذا التطور لأن هذه المرة الأمر مختلف، بعد سنوات من الحرب في المنطقة. والمعركة، في نهاية المطاف من أجل النفط، وليس لأي سبب آخر، وبعبارة أخرى، ها قد بدأنا".

وتوقع كيلدوف أن البنية التحتية النفطية التي كانت آمنة إلى حد كبير في المعارك السابقة "ستكون على الأرجح الهدف الرئيسي هذه المرة".

وأشار كيلدوف إلى أن الأكراد ليس لديهم أصدقاء- تركيا والعراق وإيران وروسيا والولايات المتحدة، من بين قوى دولية أخرى قد شجبوا استقلالهم".

وفي تعقيب على الأحداث، حثت وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاجون) الجانبين على "تجنب المزيد من أعمال التصعيد" وحذرتهما من أنها تعارض أي عمل مزعزع للاستقرار يصرف الانتباه عن القتال ضد مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي.

وفي تصريحات لوكالة "بلومبرج" الأمريكية، قال مصدر مطلع في كركوك، موطن أقدم حقول إنتاج النفط بالعراق، إن حقول النفط والمخزونات النفطية في المنطقة الكردية المجاورة تصدر نحو 600 ألف برميل يوميا عبر خط أنابيب يسيطر عليه الأكراد إلى تركيا.

وفي نفس السياق، كيم كوانجراي محلل السلع في شركة "سامسونج فيوتشرز" ومقرها سيول، إن "التوترات تتصاعد بالتأكيد في العراق في الوقت الراهن، وستكون عاملا مساعدا لأسعار النفط في الوقت الراهن".

وقال جعفر الطائي العضو المنتدب لشركة "منار" لاستشارات وإدارة مشاريع الطاقة ومقرها أبوظبي، إن الأكراد يضخون نحو 120 ألف برميل يوميا في كركوك، بينما تنتج الحكومة الفيدرالية نحو 60 ألف برميل من الآبار التي تسيطر عليها في المنطقة.

وأضاف أن المنطقة الكردية نفسها تضخ نحو 350 ألف برميل يوميا، خاصة في حقول "طق طق" و"توكي"، وتبلغ مجموع الصادرات من كركوك والمخزونات الكردية نحو 450 ألف برميل يوميا، وفق ما ذكر.

وتقدر مجموعة "أوراسيا" أن سيطرة العراق على كركوك يمكن أن يخفض الشحنات بمقدار 450 ألف برميل يوميا إلى أن تقوم الحكومة الفيدرالية بإصلاح خط أنابيبها المهجور إلى تركيا أو التوصل إلى اتفاق لتقاسم العائدات مع الأكراد.

وقال سامي نادر، رئيس معهد الشام للشئون الاستراتيجية في بيروت إن "الحرب على داعش تتجه إلى نهايتها، والآن تبدأ الحرب الحقيقية، الحرب بين القوى الإقليمية من أجل السيطرة على الموارد وتحديد مناطق نفوذها، وما يحدث في كركوك ليس مجرد نزاع عراقي محلى ولكنه سباق إقليمي لإقامة حدود جديدة".