حدث في رمضان.. فتح صقلية على يد أسد بن الفرات
في يوم 9 رمضان عام 212 هجريا قام المسلمون بقيادة أسد بن الفرات بهزيمة جيش الروم وفتح جزيرة صقلية
في يوم 9 رمضان عام 212 هجريا قام المسلمون بقيادة أسد بن الفرات بهزيمة جيش الروم وفتح جزيرة صقلية.
وجزيرة صقلية هي أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط، وأكبر إقليم في إيطاليا من حيث المساحة، ولا يفصلها عن شبه الجزيرة الإيطالية إلا مَضيق بحري رفيع، وتقع بين شبه جزيرة كالابريا في أقصى جنوب إيطاليا، وشبه جزيرة الرأس الطَّيِّب في تونس.
وتقسم الجزيرة لقسمين: شرقي وغربي، وهي إحدى حلقات الوصل الكبرى بين القارتين الإفريقية والأوروبية، بل إحدى حلقات الوصل بين دول الحَوْضَيْن: الشرقي والغربي للبحر المتوسط، وذلك الموقع الجغرافي أعطاها أهمية سياسية واقتصادية وعلمية كبرى.
فتح المسلمون جزيرة صقلية على يد القائد أسد بن الفرات بن سنان، الذي كان من أشجع القادة؛ فقد ولّاه زيادة الله والي إفريقيا القضاء بإفريقيا، وقدمه على غزو صقلية؛ فخرج في 10 آلاف رجل، منهم ألف فارس، فلما خرج إلى سوسة ليتوجه منها إلى صقلية، خرج معه وجوه أهل العلم يشيعونه، وقد صهلت الخيل، وضربت الطبول، وخفقت البنود، قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يا معشر الناس؛ ما بلغت ما ترون إلا بالأقلام، فاجهدوا أنفسكم فيها، وثابروا على تدوين العلم، تنالوا به الدنيا والآخرة".
ثم ركب القائد أسد بن فرات البحر عام 212هـ، ونزل في مدينة "فأزر" في صقلية، والتقى جيش المسلمين مع جيش الروم، وظل أسد بن الفرات يبعث في المسلمين روح الثقة والحماسة والشجاعة، ويحرضهم على القتال بالقول والفعل، فانتفض المسلمون ضد جيش الروم وقاموا بدك حصونهم واستولوا عليها، وحاصروا "سرقوسة"، وفي أثناء ذلك الحصار أصيب أسد بن الفرات بإصابات خطيرة وسال دمه على اللواء الذي يحمله حتى استشهد وفاضت روحه إلى ربها.
حين رأى الجنود استشهاد قائدهم انتفضوا ضد الروم بكل بسالة، حتى أرغموهم على الهروب، وأصبحت صقلية ملكا للمسلمين.
بعد ذلك كتب زيادة الله والي إفريقيا إلى الخليفة المأمون أن الله تعالى أتم فتح صقلية على يد القاضي أسد بن الفرات، وكان ذلك في التاسع من رمضان عام 212هـ.
ومما ذكر في فضل أسد بن الفرات قول الإمام الذهبي: "كان أسد بن الفرات رحمه الله مع توسعه في العلم فارسا بطلا شجاعا مقداما، زحف إليه صاحب صقلية في مائة ألف وخمسين ألفا. قال رجل: فلقد رأيت أسدا وبيده اللواء يقرأ سورة (يس)، ثم حمل بالجيش، فهزم العدو، ورأيت الدم وقد سال على قناة اللواء وعلى ذراعه، ومرض وهو محاصر سرقوسية، ولما ولّاه صاحب المغرب الغزو، قال: قد زدتك الإمرة، وهي أشرف، فأنت أمير وقاضٍ".