إسرائيل وحزب الله.. حرب شاملة أم تعزيز الردع؟
جاءت الحرب في غزة لتمثل جزءًا لا يتجزأ من صراع إقليمي أوسع نطاقًا، مع إيران ووكلائها مثل الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان..
وهي الصراعات الصغيرة المعرضة لأن تصبح أكثر اشتعالا بعد اغتيال إسرائيل لكل من رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في قلب طهران وقبلها بساعات اغتيال القائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر.
وقد يتحول الصراع في لبنان من حرب محدودة إلى صراع شامل، سواء بسبب سوء التقدير أو قرار متعمد من أي من الطرفين لكنه سيكون معركة صعبة ومدمرة لكل من إسرائيل ولبنان، وفقا لما ذكرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
وفي تحليل لها، قالت المجلة إنه في اللحظة التي تتوقف فيها هذه الحرب المحتملة التي ستكون أكثر ضخامة فإن إسرائيل ستجد أن صراعها مع حزب الله لم ينته حتى لو كانت هي الفائز عسكريا واعتبر التحليل أنه قد يكون الأفضل لتل أبيب أن تحاول تعزيز الردع حتى لو ذلك كان يعني استمرار تهديدات الجماعة اللبنانية.
وقبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قبل الإسرائيليون على مضض وجود حزب الله على حدودهم الشمالية وسط حالة ردع غير مستقرة أسسها حشد الحزب لنحو مائة ألف من مقاتليه فضلاً عن ترسانته الصاروخية الضخمة التي تفوق بكثير ترسانة حماس ووسط إدراك الجانبين أن الحرب ستكون مدمرة.
ويتذكر الجانبان صراعهما الذي دام 34 يوماً في عام 2006 حين أمطر حزب الله إسرائيل بالصواريخ المستمرة وألحق خسائر فادحة بالقوات البرية الإسرائيلية عندما دخلت لبنان، لكن الحزب تكبد أيضاً خسائر فادحة أثقل بكثير من خسائر إسرائيل.
وخلال السنوات التي تلت ذلك، لم يكن أي من الطرفين يريد تكرار الحرب قبل أن ينقلب هذا السلام غير المستقر رأسا على عقب في 7 أكتوبر/تشرين الأول فبعد الضرر الذي خلفه هجوم حماس يتساءل الإسرائيليون ما المعاناة التي قد تواجهها تل أبيب إذا هاجمهما حزب الله، بحسب تعبير "فورين بوليسي".
وأشارت المجلة إلى معضلة الـ60 ألف نازح الإسرائيلي الذين فروا من شمال البلاد ولن يعودوا إلى مع شعورهم بالأمان لكن من الصعب طمأنتهم طالما هناك تهديد حقيقي يلوح في الأفق.
وذكرت أن إسرائيل قد تخوض حرباً لتدمير حزب الله تماماً، مثلما تحاول أن تفعل مع حماس أو على الأقل أن تسعى لدفع مسلحي الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني، حيث من المفترض أن تكون بموجب شروط قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي أنهى حرب عام 2006.
وبالعودة إلى تلك الحرب فقد ساعدت إيران حزب الله بعد انتهاء المعارك على إعادة التسليح، كما ضحت الأموال لإعادة الإعمار في لبنان وهو الأمر الذي مكن الحزب من تحقيق مكاسب سياسية في المناطق التي دمرتها الحرب.
وقالت المجلة إن حزب الله نجح في التحايل على القرار 1701، وأعاد مسلحيه إلى الحدود مع إسرائيل تحت ستار جمعية خيرية بيئية تسمى "أخضر بلا حدود".
ومنذ 2006، لم يتضاءل دعم إيران لحزب الله ومن المرجح أن تقدم طهران دعماً مالياً وعسكرياً كبيراً للجماعة بعد تجدد الصراع مع إسرائيل.
وبالنسبة لإيران فإنه من المهم وجود حليف هائل لها مثل حزب الله على الحدود مع إسرائيل، كما أن إمداد الجماعة اللبنانية بالسلاح أصبح أسهل مما كان عليه في 2006، حيث تسيطر طهران وحلفاؤها الآن على ممر بري يربط إيران بالعراق، والعراق بسوريا، وسوريا بلبنان، الأمر الذي يتيح نقل الأسلحة بريا بسهولة أكبر.
وفي حال اندلاع الحرب، فستجد إسرائيل نفسها في موقف صعب فيما يتصل باستمرار المعارك لفترة طويلة في لبنان خاصة بعدما استنفدت قوتها العسكرية على مدار عام من حرب غزة حيث خدم العديد من جنود الاحتياط لجولات متعددة هناك.
كما أن قطع الغيار والذخيرة وغيرها أمور نادرة نسبيا في ظل حرب مستمرة الأمر الذي يعني أن تكون الحرب مع حزب الله أكثر ضخامة لكنها محدودة المدة وهو ما يجعل حزب الله أكثر قدرة على الصمود في وجه العاصفة.
من جانبه، يستطيع الحزب إطالة أمد الحرب خاصة وأن لبنان أكبر بكثير من غزة، ولا تستطيع إسرائيل دفع قواتها إلى داخل البلاد بأكملها في فترة زمنية قصيرة وبالتالي قد يكون أفضل ما يمكن لإسرائيل أن تفعله هو إعادة احتلال أجزاء من جنوب لبنان، كما فعلت بين عامي 1982 و2000.
لكن حزب الله اليوم أصبح أكثر قوة، وحتى لو تكبد خسائر كبيرة فإن الجزء الأكبر من قواته قد ينسحب من منطقة الحدود ويعود ببساطة عندما تغادر إسرائيل، أو ينفذ هجمات منتظمة في الوقت الذي يختاره إذا بقيت القوات الإسرائيلية.
وقد تواجه إسرائيل موجة أخرى من الانتقادات الدولية والأمريكية إذا بدأت الحرب في لبنان خاصة وأن الرأي العام العالمي تجاه إسرائيل منخفض بسبب حرب غزة.
وقد يكون الردع هو أفضل نهج حاليا خاصة وأن حزب الله أشار إلى أنه سيوقف هجماته إذا تم التوصل لوقف إطلاق نار في غزة كما أن اختلاف حزب الله عن حماس يجعل الردع أكثر احتمالية للصمود.
aXA6IDMuMTQ3Ljc2LjE4MyA= جزيرة ام اند امز