إسرائيل وحزب الله.. الحرب الحتمية في طريقها للاشتعال؟
رغم كل المقالات والتحليلات التي تؤكد أن إسرائيل وحزب الله لا يريدان الحرب إلا أنها أصبحت حتمية وقد تندلع خلال الـ 6 - 8 أشهر المقبلة.
وحتى الآن أبقى حزب الله اللبناني وإسرائيل صراعهما دون عتبة الحرب الشاملة، واكتفى الطرفان بالرد المتبادل على الاستفزازات عبر الحدود، لكن ذلك لا يعني أن الجانبين لا يريدان الحرب وفقا لما ذكرته مجلة "فورين بوليسي" في تحليل لها استندت خلاله إلى الظروف الحالية التي قد تتغير في ظل الأوضاع شديدة الديناميكية في الشرق الأوسط.
واعتبرت المجلة أن ما كبح جماح الصراع حتى الآن هو مجموعة من القيود المفروضة على حزب الله وإسرائيل والتي تشمل الحسابات الاستراتيجية لقادة إيران وتصميم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على تجنب الصراع الإقليمي ونتيجة الحرب في غزة وموقف حركة حماس.
لكن هذه العوامل لا يمكن الاعتماد عليها للحد من الصراع لفترة أطول من ذلك خاصة وأن القيود المفروضة على الطرفين بدأت في الانهيار.
فبالنسبة لعدم رغبة حزب الله في اندلاع الحرب فهي تتوقف على خوف إيران من نشوب صراع بين وكيلها وإسرائيل وهو موقف منطقي خاصة مع تحول الحزب إلى قوة تدخل للحرس الثوري الإيراني حيث يلعب أدوارا مهمة في دعم المليشيات العراقية المدعومة من طهران فضلا عن تدريب الحوثيين في اليمن، بحسب "فورين بوليسي".
لكن حزب الله أولا وقبل كل شيء عنصر حاسم في الردع الإيراني، فصواريخ الحزب اللبناني التي يبلغ عددها أكثر من 100 ألف صاروخ هي قدرة إيران على الضربة الثانية، بمعنى أنه إذا قامت إسرائيل أو الولايات المتحدة بمهاجمة البرنامج النووي الإيراني، فإن ترسانة الحزب قادرة على توجيه ضربة مدمرة للمراكز السكانية الإسرائيلية.
وبقدر التزام قادة إيران بتدمير إسرائيل، فإنهم أكثر إخلاصاً لبقاء النظام في طهران ولا يريدون خسارة قدرة الردع التي استثمروها في حزب الله لكن ذلك لا يعني أن تخفف إيران قيودها على الحزب.
وفي خطابه في يناير/كانون الثاني الماضي إحياء لذكرى مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني في غارة شنتها مسيرة أمريكية عام 2020، قال زعيم الحزب حسن نصرالله إن إيران خصصت الوقت والمجهود والموارد لتطوير ما أسماه بـ"محور المقاومة" الذي يضم الحزب وأيضا حركة حماس.
ورغم احتمال وقف إطلاق النار في غزة خلال الأسابيع المقبلة، فإن إسرائيل مصممة على قتل أو اعتقال قادة حماس وتدمير الحركة لتصبح غير قادرة على تهديدها، وإذا حولت إسرائيل هذه الأهداف إلى واقع ملموس فمن المرجح أن ترفع طهران قيودها عن حزب الله بدلا من القبول بهزيمة حماس ويبدو أن هذا اليوم يقترب وفقا لـ"فورين بوليسي".
ومثلما قيدت إيران حزب الله، فعلت الولايات المتحدة الشيء نفسه مع إسرائيل حيث ركزت على قضيتين هما هزيمة حماس وتجنب الحرب بين إسرائيل وحزب الله.
ونقل وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن مخاوف بلاده من اندلاع حرب في لبنان إلى نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي كما طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدم توسيع الحرب لتشمل لبنان.
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن الحرب بين حزب الله وإسرائيل ستتحول سريعا إلى صراع إقليمي قد تضطر فيه واشنطن للقتال ضد طهران.
وتبدو المخاوف الأمريكية منطقية لكن قدرة بايدن على التأثير على الإسرائيليين بشأن قراراتهم فيما يتعلق بالحدود الشمالية تتضاءل، إذ قررت الحكومة الإسرائيلية إجلاء نحو 80 ألف إسرائيلي من الشمال كإجراء احترازي في حالة حدوث تصعيد.
وبالنسبة لإسرائيل فإن سيادتها لم تعد مؤكدة على المناطق الشمالية التي باتت غير صالحة للسكن وهو أمر غير مقبول يحتاج رد فعل قوي سواء من الحكومة الحالية أو أي حكومة أخرى.
وفي ظل انشغالها بالقتال في غزة، رضخت إسرائيل على مضض للجهود الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة وفرنسا والتي لم تسفر عن خطة مقبولة لدى الإسرائيليين أو حزب الله.
ويطالب الإسرائيليون حزب الله بالانسحاب إلى شمال نهر الليطاني، الذي يبعد 18 ميلاً عن الحدود وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 لعام 2006 وهو ما يرفضه الحزب.
في المقابل يريد حزب الله أن تخفض إسرائيل حجم قواتها على الحدود وهو أمر غير مقبول في تل أبيب خاصة بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
أخيرا فإن اللحظة التي تدعي فيها إسرائيل النصر في حرب غزة، فإنها ستلتفت إلى الوضع الأمني في الشمال الذي يمثل قضية وجودية وبالرغم مما تريده الولايات المتحدة فإن الحرب في لبنان قد تندلع خلال الربيع أو الصيف القادمين.