مستقبل نتنياهو على المحك.. طريق التعديلات القضائية "الشائك"
احتجاجات عاصفة باتت تهدد المستقبل السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
فقد تحولت خطة الإصلاح القضائي التي اقترحها نتنياهو إلى احتجاجات مستمرة منذ يناير/كانون الثاني الماضي.
ورغم أن نتنياهو أعلن، اليوم الإثنين، أنه اتفق مع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، القيادي اليميني المتطرف، على تأجيل الإصلاحات القضائية إلى الشهر المقبل، فيما انطلقت مظاهرات اليمين الإسرائيلي دعما لنتنياهو.
الاحتجاجات غير المسبوقة في إسرائيل لم تكن هي رد الفعل الوحيد على التعديلات التي يريد نتنياهو وحكومته الجديدة اليمينية المتشددة إدخالها على قوانين السلطة القضائية، بل تسببت أيضا في ردود فعل قلقة من قبل حلفاء إسرائيل في الخارج.
بدأت الأحداث مع تولي نتنياهو رئاسة الحكومة اليمينية المتشددة في 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي، لتعلن الحكومة في 4 يناير/كانون الثاني الماضي عن خطة تسمح للكنيست بإلغاء بعض أحكام المحكمة العليا وتمنح الحكومة سلطة أكبر في تعيين القضاة.
وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين حاول تمرير هذه التعديلات بالتأكيد على أنها النظام القضائي وتعيد ثقة الجمهور به.
وفي 5 يناير/كانون الثاني الماضي، كان أول رد فعل خارجي على تلك التعديلات، حين قال السفير الأمريكي لدى إسرائيل توم نايدز "لست في وضع يسمح لي أن أقول لإسرائيل ما يجب أن تفعله. لكنني بالتأكيد أريد التعبير عن مخاوفي وقلقي في ضوء المعطيات المتوفرة".
المعارضة الداخلية لخطة نتنياهو شملت رئيسة المحكمة العليا الإسرائيلية إستر حايوت، التي أعلنت في 12 يناير/كانون الثاني رفضها تلك التعديلات ووصفتها بأنها "ستسحق نظام العدالة وتقوض الديمقراطية الإسرائيلية".
بينما حذر ماكسيم ريبنيكوف، مدير وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد اند بورز، من أن مقترحات تعديل النظام القضائي يمكن أن تؤثر على التصنيف الائتماني السيادي لإسرائيل حتى مع استمرار الميزانية تحت السيطرة.
وفي 14 يناير/كانون الثاني الماضي كان الإسرائيليون على موعد مع أول مظاهرة مناهضة لتلك التعديلات شارك فيها عشرات الآلاف في عدة مدن، احتجاجا على التعديلات القضائية، وذلك في أكبر احتجاج حتى ذلك الوقت.
واعتبر المشاركون في المظاهرات أن التعديلات ستقوض الحكم الديمقراطي.
من جانبه، رفض نتنياهو الاحتجاجات ووصفها بأنها محاولة من المعارضين اليساريين لرفض الاعتراف بنتائج انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، التي فاز بها وشكل بموجبها الحكومة.
تصريحات نتنياهو لم تفلح في تهدئة الأوضاع، بل اتسع نطاق الاحتجاجات في الأسابيع التالية.
شهر فبراير/شباط الماضي، بدأ بمحاولة من وزير الاقتصاد الإسرائيلي نير بركات للدفاع عن الخطة، مؤكدا أنها لن تضر بالاقتصاد أو تؤدي إلى هجرة العقول، وذلك على الرغم من تراجع الأسهم في البورصة وحديث شركات التكنولوجيا عن قلق المستثمرين.
وفي 2 فبراير/شباط الماضي، قالت المدعية العامة في إسرائيل جالي باهراف ميارا، في استشارة قانونية رسمية لوزير العدل، إن التعديلات ستضر بالضوابط والتوازنات الديمقراطية وتخاطر بمنح الحكومة سلطة مطلقة.
الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الذي يعتبر منصبه شرفيا إلى حد كبير دخل على خط الأزمة، في 5 فبراير/شباط قائلا: "أوقفوا العملية برمتها للحظة، خذوا نفسا عميقا، اسمحوا بإجراء حوار لأن هناك أغلبية كبيرة من الناس ترغب في الحوار"، إلا أن وزير العدل ياريف ليفين تعنت، وقال إنه لن يعلق "ولو لدقيقة واحدة" مشاريع القوانين الخاصة بالتعديلات.
وفي 13 فبراير/شباط الماضي، تبادل أعضاء الكنيست (البرلمان) الإهانات بسبب التعديلات القضائية وسط احتجاجات خارج مقر البرلمان، فيما حذر الرئيس هرتسوغ من أن إسرائيل على وشك "انهيار دستوري".
ودعت واشنطن على لسان سفيرها في إسرائيل نايدز، في 19 من الشهر ذاته، إلى التهدئة وقال "نحن نقول لرئيس الوزراء، كما أقول لأولادي، إن يضغط على المكابح، ويتمهل، ويحاول الحصول على توافق في الآراء، ويقرب بين الأطراف"، وبعدها بيومين قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن التعديلات القضائية "ستقوض بشكل كبير" قدرة القضاء على دعم حقوق الإنسان وسيادة القانون.
وفي 25 فبراير/شباط الماضي، قال السفير الألماني شتيفن زايبرت للتلفزيون الإسرائيلي إن برلين تراقب الخلاف، مضيفا أنه يعتقد أن نظام العدالة المستقل هو مبدأ من مبادئ الديمقراطية.
وفي شهر مارس/آذار الجاري، دخلت الاحتجاجات ضد الخطة محطة جديدة، بعدما رفض العشرات من جنود الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي في 5 مارس/آذار حضور يوم تدريبي احتجاجا على التعديلات، وانضموا إلى عدد متزايد من جنود الاحتياط الذين توقفوا عن المشاركة في التدريبات بسبب خطة الحكومة.
وحاول الرئيس هرتسوغ في 15 مارس/آذار اقتراح تعديلات بديلة، وقال إن "معظم الإسرائيليين يريدون خطة تحقق العدالة والسلام"، إلا أن نتنياهو رفض تلك التعديلات، فيما حث محافظ بنك إسرائيل المركزي أمير يارون الحكومة على الحفاظ على استقلال النظام القضائي.
بايدن يتدخل
وتدخل الرئيس الأمريكي جو بايدن في محاولة لحل الأزمة، فأجرى اتصالا هاتفيا بنتنياهو في 19 مارس/آذار الجاري أعرب فيها عن دعمه لـ"الجهود الجارية للتوصل إلى حل وسط بشأن التعديلات القضائية المقترحة".
وفي اليوم التالي أعلن نتنياهو عن خطوات قال إنها ستخفف من خطته الخاصة بالتعديلات القضائية، لكن المعارضة رفضت الأمر وقالت إنها ستستمر في طعنها على مشروع القانون الرئيسي أمام المحكمة العليا.
وفي 21 مارس/آذار الجاري، قال مسؤولون كبار في وزارة المالية الإسرائيلية إن التعديلات القضائية يمكن أن تلحق ضررا خطيرا بالاقتصاد، وبعدها بثلاثة أيام اتهمت المدعية العامة نتنياهو بمخالفة القانون بتجاهله تضارب المصالح فيما يتعلق بمحاكمته الجارية بتهمة الفساد ومشاركته بشكل مباشر في خطة التعديلات القضائية.
ولم تمنع تلك المظاهرات نتنياهو من زيارة لندن التي قابله فيها متظاهرون معارضون لخطته بالصراخ الصفير.
غالانت يفقد منصبه
وفي 25 مارس/آذار دعا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، عضو في حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، الحكومة إلى وقف مشروع قانون يتعلق بخطة تعديلات قوانين السلطة القضائية، قائلا إن الخلاف يشكل خطرا على الأمن القومي، وهو ما دفع نتنياهو إلى إقالته بعدها بيوم، ليخرج مئات الآلاف إلى الشوارع في موجة من الاحتجاجات شملت جميع إسرائيل.
واليوم 27 مارس/آذار، أعلن نتنياهو أنه اتفق مع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، القيادي اليميني المتطرف، على تأجيل الإصلاحات القضائية إلى الصيف المقبل، فيما انطلقت مظاهرات اليمين الإسرائيلي دعما لنتنياهو.
aXA6IDE4LjExNi44Ni4xNjAg جزيرة ام اند امز