إسرائيل بين موسكو وطهران.. هل تنضم للغرب بتسليح كييف؟
بمرور عام على حرب أوكرانيا تدرس إسرائيل خياراتها تحت ضغوط لتزويد أوكرانيا بمنظومات دفاعية، فهل ترضخ تل أبيب وتدخل قائمة الحلفاء؟
وبحلول عام على العملية العسكرية الروسية، انتقلت إسرائيل من الصمت ثم الوساطة في عهد رئيس الوزراء نفتالي بينيت، لتمر بمرحلة انتقاد موسكو في عهد حكومة يائير لابيد، وصولا إلى بحث الخيارات في عهد بنيامين نتنياهو.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن شراء موسكو طائرات بدون طيار وصواريخ دقيقة من إيران استخدمتها في أوكرانيا قد يغير قواعد اللعبة بالفعل.
ولكن إسرائيل تخشى أن تدخلها في أوكرانيا سينعكس على تفاهماتها مع موسكو بغض الطرف عن الهجمات الجوية التي تنفذها ضد أهداف تقول إنها إيرانية في سوريا.
ولكن الضغوط الأمريكية والأوروبية على إسرائيل تتصاعد على وقع تواتر دعوات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتزويد بلاده بمنظومتي "القبة الحديدية" و"مقلاع داود" المضادتين للصواريخ.
وبعد زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إلى كييف الأسبوع الماضي، وهي الأولى لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى منذ بدء الأزمة، رجحت تقارير إسرائيلية توجه نتنياهو إلى العاصمة نفسها في المستقبل القريب للقاء الرئيس الأوكراني.
ولم يؤكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه المعلومات ولكنه لم ينفها أيضا، وعلى الأرجح فإنه لن يتم الإعلان عنها إلا بعد وصول نتنياهو إلى كييف لاعتبارات أمنية وبعد تنسيق مع الجانب الروسي.
ومع عدم إثارة زيارة كوهين لرد فعل قوي من روسيا، يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أنه في ظل هذه الظروف، يمكن لنتنياهو زيارة كييف دون إثارة ضجة في موسكو.
وشجعت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى كييف نتنياهو على دراسة القيام بخطوة مماثلة بعد أن تلقى بالفعل دعوة رسمية من القيادة الأوكرانية لزيارة البلاد.
خيار
منذ اندلاع الأزمة، تبنى نتنياهو عمومًا نهجًا حذرًا، لكن عند عودته لمنصبه، قبل نحو شهرين، شدد عدة مرات على أن إسرائيل ستفكر في تزويد أوكرانيا بأنظمة أسلحة.
وفي حال تمت الزيارة فعلا، فإنها ستأتي أيضا بعد أن استضافت كييف، الإثنين، المشرعين الإسرائيليين زئيف إلكين ويولي إدلشتاين، اللذين يرأسان مجموعة الصداقة البرلمانية الإسرائيلية-الأوكرانية في الكنيست.
والتقى الاثنان مع الرئيس الأوكراني في مكتبه لنحو ساعة، تحدثوا خلالها عن زيادة المساعدات الإسرائيلية والتعاون الإسرائيلي الأوكراني ضد إيران على الساحة الدولية.
وقال يولي إدلشتين من حزب "الليكود" وعضو الكنيست عن "الوحدة الوطنية" زئيف إلكين، في بيان مشترك: "يجب على إسرائيل أن توسع بشكل هادف دعمها لأوكرانيا".
ودعا الاثنان إسرائيل إلى المساعدة في جميع المجالات، بما في ذلك عسكريًا، مشيرين إلى أن تقنيتها يمكن أن تساعد في حماية المدنيين في أوكرانيا واستقلالها وحريتها.
وتابعا: "نحن ندعم تعاونًا ملموسًا بين إسرائيل وأوكرانيا في الدفاع الجوي والدفاع الصاروخي وفي المزيد من الإجراءات الدفاعية".
وإدلشتاين هو رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع رفيعة المستوى في الكنيست، أما إلكين فهو أحد كبار المشرعين في الكنيست.
وقد وُلِد كلا المشرعين في أوكرانيا وكانا من المقربين من نتنياهو، لكنهما اختلفا منذ ذلك الحين مع زعيم "الليكود"، ما يخفف على الأرجح من تأثير دعوتهما.
وقالا: "يمكن لإسرائيل ويجب عليها أن تفعل أكثر بكثير مما فعلت حتى الآن، يجب أن نتوقف عن الخوف، ويجب أن نتخذ موقفًا واضحًا ونشطًا يتماشى مع القيم الأخلاقية الأساسية، كما هو متوقع من كل دولة غربية".
وحذرا من أن "إيران تحول أوكرانيا إلى ساحة تجارب عسكرية لها، وهذا أمر خطير بالنسبة لإسرائيل"، مشيرين إلى أن "وزارة الدفاع الأوكرانية لديها رغبة في التعاون مع إسرائيل بشأن تهديد الطائرات بدون طيار الإيرانية وطلبوا من أعضاء الكنيست الترويج للمبادرة في الكنيست".
وكان كوهين قال بعد لقاء زيلينسكي: "تحدثنا عن تعميق التعاون مع أوكرانيا ضد التهديد الإيراني على الساحة الدولية".
بين موسكو وكييف
حتى الآن، امتنعت إسرائيل عن تزويد كييف بالأسلحة وأنظمة الدفاع، خوفًا من إشعال صراع مع روسيا، وبدلاً من ذلك، اختارت المساعدات الإنسانية، وكانت أول دولة تفتح مستشفى ميدانيًا على الأراضي الأوكرانية بعد اندلاع الأزمة.
ومنذ بدء الأزمة، وافقت إسرائيل على تزويد أوكرانيا بمبلغ 22.5 مليون دولار كمساعدات إنسانية، وإنشاء مستشفى ميداني لعلاج الجرحى الأوكرانيين خلال الأيام الأولى من الحرب.
وأعلن وزير الخارجية إيلي كوهين، في أثناء زيارته لأوكرانيا الأسبوع الماضي، عن تدابير جديدة للدعم، بما في ذلك ضمان قرض بقيمة 200 مليون دولار للرعاية الصحية والبنية التحتية المدنية إلى جانب تعهد بتطوير "نظام إنذار مبكر ذكي".
كما أعلن أن "إسرائيل، تقف -كما أكدت في الماضي-، بقوة متضامنة مع الشعب الأوكراني وتظل ملتزمة بسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها".
وتحتفظ إسرائيل بعلاقات عمل جيدة مع كل من روسيا وأوكرانيا، ولديها أعداد كبيرة من المهاجرين الروس والأوكرانيين.
وسبق أن ضيّقت موسكو على عمل الوكالة اليهودية بروسيا، وذلك في رسالة لإسرائيل بأن تدخلها في أوكرانيا سينعكس على اليهود في البلد الأول.
وتعتمد إسرائيل أيضًا على التنسيق الأمني مع روسيا بشأن سوريا، حيث نفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية ضد مواقع عسكرية إيرانية في العقد الماضي.
وحذرت روسيا، مطلع الشهر الجاري، إسرائيل من تسليح أوكرانيا، بعد أن أشار نتنياهو إلى أنه يفكر في تقديم مساعدة عسكرية إلى كييف وأنه مستعد للتوسط.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في تصريحات صحفية: "نقول إن على جميع الدول التي تزود أوكرانيا بالسلاح أن تفهم أننا سنعتبر هذه [الأسلحة] أهدافًا مشروعة للقوات المسلحة الروسية".
وأضافت "أي محاولات -منفذة أو حتى غير محققة لكنها معلنة- لتوريد أسلحة إضافية أو جديدة أو بعض الأسلحة الأخرى ستؤدي إلى تصعيد هذه الأزمة. ويجب أن يكون الجميع على علم بذلك".
وقبل يومين، دعت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، في افتتاحية طالعتها "العين الإخبارية"، إسرائيل إلى "القيام بالصواب ودعم أوكرانيا".
وقالت: "تزود إسرائيل أوكرانيا بالمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها واستقبلت أعدادًا كبيرة من اللاجئين - من اليهود وغير اليهود. ومن المفترض أيضًا أنها تزود أوكرانيا بالمعلومات الاستخباراتية ذات الصلة".
روسيا وإيران
وبحسب الصحيفة، فإن ما تقدم "لا يكفي، ففي وقت مبكر من الحرب، ناشدت أوكرانيا إسرائيل تزويدها بنظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ، وقبل أيام، قال زيلينسكي في مؤتمر ميونخ الأمني إنه مقتنع بأن إسرائيل ستزود كييف في النهاية بنظام مقلاع داود المتقدم المضاد للصواريخ".
وتابعت: "وأشار زيلينسكي إلى استخدام طائرات إيرانية بدون طيار قاتلة ضد أوكرانيا وكذلك استمرار طهران في تخصيب اليورانيوم في سعيها لبناء قنابل نووية، يشكل تهديدًا مشتركًا".
ولفتت الصحيفة إلى أن "طلبات زيلينسكي لنظام دفاع إسرائيلي متقدم يمثل تحديا لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي كان يتمتع بعلاقة وثيقة مع الزعيم الروسي، ما ساعد إسرائيل بشكل خاص في المجال السوري، لكن ليس هناك شك في أنه بموازين الأمور، فإن روسيا بوتين الآن متحالفة بقوة مع إيران".
وقالت: "وبينما حذر سفير روسيا لدى إسرائيل أناتولي فيكتوروف حكومة تل أبيب من تزويد أوكرانيا بالسلاح، فقد حان الوقت لإسرائيل لإعادة تقييم هذا الموقف".
ووفق الصحيفة الإسرائيلية، فإنه "يجب على إسرائيل أن تتخذ الموقف الأخلاقي وأن تدعم أوكرانيا ضحية العدوان الروسي والإيراني. يجب أن تتأكد من التناغم مع الولايات المتحدة والقوى الأوروبية بشأن هذه القضية، لكن يجب أن يتم ذلك بحذر".
aXA6IDMuMTQ1LjYyLjM2IA== جزيرة ام اند امز