تنسيق إقليمي وتعاون مربح .. ثمار التطبيع الإسرائيلي التركي
ما أن أعلنت تركيا وإسرائيل تطبيع العلاقات وعودة السفراء، حتى بدأت التساؤلات عن ثمار التطبيع، والنتائج القريبة وبعيدة المدى المنتظرة.
وفي وقت سابق اليوم الأربعاء، أعلنت إسرائيل وتركيا عودة التطبيع الكامل للعلاقات بينهما، وعودة سفراء البلدين، خلال اتصال هاتفي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وتعليقا على الاتفاق على عودة السفراء، قال لابيد، إن استئناف العلاقات مع تركيا تعزيز مهم للاستقرار الإقليمي، وبشرى اقتصادية هامة جدا بالنسبة لمواطنينا.
من جانبه قال الرئيس الاسرائيلي إسحاق هرتسوغ في بيان: "أشيد بتجديد العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع تركيا، وهو تطور مهم قدناه خلال العام الماضي، وسيشجع علاقات اقتصادية أكبر وسياحة متبادلة، وصداقة بين الشعبين الإسرائيلي والتركي".
وأردف: "علاقات حسن الجوار وروح الشراكة في الشرق الأوسط، أمران مهمان لنا جميعًا، يمكن لأعضاء جميع الأديان؛ المسلمون واليهود والمسيحيون العيش معًا في سلام، ويجب عليهم ذلك".
ثمار التطبيع
وعن التطبيع بين أنقرة وتل أبيب، قال نمرود كورين ، رئيس معهد ميتفيم لبحوث السياسة الخارجية الإقليمية في إسرائيل لصحيفة "هآرتس"الإسرائيلية، إنه "منذ فترة، انخرط البلدان في عملية بطيئة وحذرة لتحسين علاقاتهما الدبلوماسية"، مضيفا أن تغيير القيادة في إسرائيل كان محوريا في دفع مسار التطبيع.
وفي مارس/آذار، التقى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، وأردوغان في أنقرة، في أول زيارة رسمية لرجل دولة إسرائيلي منذ 14 عامًا.
وفي بيان مشترك في ختام رحلة هرتسوغ، قال أردوغان إن الاجتماع كان "تاريخيًا وسيكون بمثابة نقطة تحول في العلاقات بين البلدين".
وفيما يتعلق بالملفات التي ينتظر أن تجني ثمار التطبيع، قالت صحيفة "هآرتس"، إن كل من إسرائيل وتركيا يريد تعزيز التنسيق مع بعضهما البعض عندما يتعلق الأمر بملف سوريا، وكلاهما يرى في الوجود الإيراني في الأراضي السورية تهديدًا لاستقرارهما، وكل منهما ينشط في الجو فوق سوريا، وكل منهما يتعامل بشكل أو بآخر مع الوجود العسكري الروسي في البلد العربي.
وتابعت :"يهتم كلا البلدين بتحسين الحوار حول هذه القضية لمنع الضرر التركي للطائرات الإسرائيلية والعكس صحيح"، لافتة إلى أن الطرفين ناقشا مؤخرًا إمكانية التعاون فيما عُرِّف بـ "الهندسة الإقليمية"، في محاولة لتقييد الإرهاب الذي ترعاه إيران التي تحاول كسب موطئ قدم في سوريا.
وفي وقت سابق، قال خبراء لصحيفة "ديلي صباح" التركية، إن الفصل الجديد في العلاقات الثنائية بين تركيا وإسرائيل يفتح الباب أمام التعاون في العديد من المجالات من الطاقة إلى الأمن فضلاً عن المساهمة في الاستقرار في المنطقة.
علاقات ثقافية ورياضية
ووصفت كاريل فالانسي، الخبيرة السياسية، التطورات الأخيرة بأنها "فصل جديد في العلاقات الثنائية"، قائلة في حديث لـ"ديلي صباح" إن هناك العديد من المصالح المشتركة والعديد من القضايا التي يمكن أن تستفيد من تعاون تركيا وإسرائيل.
وتابعت :" أعتقد أننا يمكن أن نتوقع أيضا زيادة في حجم التجارة" بين البلدين بعد التطبيع.
ووفقا للمعطيات الرسمية، فإن التجارة بين البلدين في العام 2021 شهدت زيادة بحوالي 30٪ مقارنة بعام 2020، ما يعني أن توقعات فالانسي بدأت في التحقق.
وقالت: "بلغ حجم البضائع المصدرة إلى تركيا في عام 2021 حوالي 1.9 مليار دولار بزيادة بنسبة 30٪ مقارنة بـ 1.4 مليار دولار في عام 2020".
وبحسب فالانسي، فإن استئناف الحوار الذي يبحث في مجالات للتعاون يمكن أن يكون الخطوة الأولى بعد التطبيع.
وأضافت أن "التبادلات الثقافية والبطولات الرياضية الودية يمكن أن تساعد في تغيير الرأي العام في كلا البلدين. كما يمكن أن تساعد مشاركة الأكاديميين والمجتمع المدني في تعزيز العلاقات الثنائية".
وفيما يتعلق بملف الطاقة الذي يتوقع أن يجني ثمار التطبيع أيضا، قال الخبيرة السياسية "فيما يتعلق بمسألة الطاقة، فإن تدابير بناء الثقة ضرورية"، مضيفة أن "إعادة بناء الشراكة يتطلب وقتًا والتزامًا".
أما فيما يتعلق بالأمن، قال المحلل والباحث السياسي جوخان جينكارا في حديث لوسائل إعلام تركية، إن تأثير الوضع الجديد على الأمن الإقليمي يتمثل في أنه سيعزز مناطق التنسيق الجديدة في المنطقة.
وأوضح: "باختصار، هذا نتاج المبادرة الدبلوماسية الجديدة التي أنشأتها اتفاقيات إبراهيم والجهود المبذولة لخلق تعاون أمني.. على الأقل، يمكن القول إن تركيا تحاول تطوير خطاب سياسة خارجية يتوافق مع الديناميكيات الإقليمية الجديدة".
وعن مكاسب كل طرف، قال الباحث السياسي "بالنسبة لتركيا، هذا يعني عدم الابتعاد عن النظام الإقليمي الجديد الذي تم تشكيله في الشرق الأوسط والتوجه نحو تفاهم مشترك مع الولايات المتحدة مرة أخرى".
وتابع "وبالنسبة لإسرائيل، فإن هذا يعني احتواء إيران وتحصين اتفاقات إبراهيم"، مضيفا "بالنظر إلى أن تركيا وإسرائيل لديهما مخاوف أمنية متشابهة ، فلن يكون من المفاجئ توقع تسريع التعاون في هذا الصدد".