إسرائيل وغزة.. عراقيل اقتصادية وعملياتية بطريق "الهجوم البري"
كشفت إسرائيل، الجمعة، للمرة الأولى عن أهداف الحرب الحالية في غزة ومراحلها، مع تدفق أكثر من 1000 طن من الأسلحة إلى مطاراتها.
لكن يرى محللون إسرائيليون أن ثمة أهدافا ممكنة التطبيق وإن كان بصعوبة، وأخرى سيكون من المستحيل إنجازها.
وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أبلغ أعضاء لجنة الشؤون الخارجية والدفاع البرلمانية في اجتماع فريد عقد في وزارة الدفاع الإسرائيلية بتل أبيب، أهداف ومراحل الحرب.
وبحسب مكتب غالانت، فإنه حدد 3 أهداف للحرب وهي، وفق أقواله: "القضاء على حماس وتدمير قدراتها العسكرية والحكومية، والإزالة الكاملة للمسؤولية الإسرائيلية عن قطاع غزة، وخلق واقع أمني جديد في المنطقة".
غالانت أردف بأنه من أجل تحقيق هذه الأهداف فإن هناك 3 مراحل للحرب، وهي وفق أقواله للبرلمانيين: المرحلة الأولى (الحالية)، هي حملة عسكرية تشمل ضربات جوية، وستشمل لاحقا مناورات، بهدف تحييد المسلحين وتدمير البنية التحتية لحماس".
وأضاف: "المرحلة الثانية، وهي مرحلة متوسطة، ستتطلب عمليات ذات كثافة أقل، بهدف القضاء على (جيوب المقاومة)"، وفقا لأقواله
وتابع: “المرحلة الثالثة ستتطلب إزالة مسؤولية إسرائيل عن الحياة في قطاع غزة، وإنشاء واقع أمني جديد لمواطني إسرائيل".
غير أن غالانت لم يتطرق في حديثه إلى الوضع الجديد الناشئ عن تصاعد جبهة الشمال مع منظمة حزب الله اللبنانية.
ومع تصاعد لهيب الحرب، إن كان على جبهة غزة الجنوبية أو جبهة حزب الله الشمالية، يتصاعد تدفق السلاح على إسرائيل.
إذ أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي عن وصول طائرة شحن إضافية إلى مطار رامون بالقرب من إيلات اليوم الجمعة.
وقالت في بيان تلقته "العين الإخبارية": "تألفت الشحنة من مجموعة شاملة من الإمدادات العسكرية، بما في ذلك سيارات الإسعاف العسكرية، والمعدات الطبية لاستخدام الجيش الإسرائيلي، وموارد أخرى مختلفة تهدف إلى تعزيز قدرات الاستعداد".
وأشارت إلى أن هذه هي "طائرة الشحن رقم 45 التي تصل إلى إسرائيل"، منذ بدء الحرب، وإن كانت لم تحدد مصدرها.
ومضت قائلة "تم جلب ما يقرب من 1000 طن من الأسلحة إلى إسرائيل حتى الآن، ومعظمها يشمل مجموعة متنوعة من الأسلحة المصممة لدعم خطط الجيش الإسرائيلي الهجومية".
وعلى وقع ذلك، يزداد قرع طبول حرب برية إسرائيلية قريبة في قطاع غزة ومعها تزداد المخاوف.
لماذا تؤجل إسرائيل العملية البرية؟
يوسي يهوشع، المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، قال في تحليل تابعته "العين الإخبارية": "الأمر الذي يريده الجيش الإسرائيلي، الآن، هو ليس مزيداً من الذخيرة والعتاد بل الوقت".
ولفت إلى أن التقديرات في وزارة الدفاع الإسرائيلية تشير إلى أن الحرب الحالية ليست مثل سابقاتها وستستغرق وقتا.
وأضاف: "ما يخطط له الآن يختلف جوهرياً: يدور الحديث عن تغيير أساسي للوضع لدرجة نزع قدرات نظامية، عسكرية، وسياسية. لا يعني الأمر أن تكون غزة نظيفة تماماً من "المسلحين"، لكن الضربة ستكون شديدة جدا ما يعيد شيئاً من الردع الذي ضاع في 7 أكتوبر/تشرين الأول"، وهو اليوم الذي نفذت فيه "حماس" هجومها المفاجئ في جنوبي إسرائيل.
ونقل عن مسؤولين في الجيش الإسرائيلي: "ستكون لهذا أثمان، وستكون هناك مشاكل، ولكن يجب أن يحصل هذا، ويجب إعداد الجمهور لجهد طويل.. سندخل حين يكون هذا مريحا من الناحية العملياتية".
ولفت في إشارة إلى موعد الحرب البرية: "الصبر ليس ترددا بل وسيلة لخلق دخول أكثر نجاعة. مع ذلك ينبغي أن نقول: 350 ألفا من رجال الاحتياط جندوا.. هذا عدد غير مسبوق، والضرر للاقتصاد دراماتيكي أكثر بكثير".
وتابع "توجد إسرائيل عملياً في نوع من الإغلاق.. كلما ارتفع العبء الاقتصادي سيشتد الضغط على الجيش".
وأشار يهوشع إلى أن كثافة الهجمات الإسرائيلية على غزة "تهدف إلى سحق البنى التحتية لحماس، بحيث يكون الدخول البري أكثر سلاسة".
"فترة طويلة"
أما يوسي كوبرفاسر، وهو عميد احتياط، فقد كتب في صحيفة "إسرائيل هيوم" في مقال تابعته "العين الإخبارية": "على إسرائيل أن تستعد للسيطرة على غزة زمناً طويلاً.. كل بديل عن السيطرة العسكرية الفاعلة لإسرائيل في غزة ليس واقعياً".
وأضاف: "كما أن إعطاء إمكانية لسكان القطاع للمغادرة ليس واقعياً، ليس واضحاً كم منهم سيرغبون في ذلك، وفي كل حال، فإن مصر تعارض ذلك بشدة، ومن المشكوك فيه أن توجد دولة مستعدة لأن تستوعبهم. كما أن إمكانية نقل القطاع إلى حكم عربي أو دولي ليست واقعية".
وحذر أيضا من أنه "على إسرائيل أن تستعد لمعركة ضد إيران وحزب الله.. يحتمل أن تندلع فوراً ويحتمل أن تتأخر".
ومضى قائلا "في حال استغلال الفرصة فإن الجهد الأساس في هذه اللحظة هو إسقاط حماس، وخلق واقع جديد في غزة".
ولكن محللين إسرائيليين يقولون إن الدخول البري الإسرائيلي لغزة ليس نزهة، وستترتب عليه أثمان بمقتل أعداد كبيرة من الجنود الإسرائيليين.
ومن جهة ثانية، فإن ثمة من يري في إسرائيل أن تدمير القدرات العسكرية لحركة حماس وحتى قادتها أمر صعب، ولكن إيجاد بديل قوي بعد إنهاء حكم حماس سيكون إشكاليا.
ما هو بديل حكم حماس؟
وكتب المحاضر في الجامعة المفتوحة الإسرائيلية البروفسور ياغيل ليفي في صحيفة "هآرتس": "لأن الهدف المُعلن هو تفكيك وتدمير حماس، بحسب بيان رئيس الحكومة، فإنه يجب تسمية العملية الإسرائيلية باسمها الواضح: تغيير النظام في غزة".
وأضاف في مقال تابعته "العين الإخبارية": "الآن، تريد إسرائيل إسقاط سلطة (حماس) عبر عملية عسكرية، من المؤكد أنها ستضطر إلى احتلال جزء من القطاع".
ومضى قائلا "صحيح أن إسرائيل، وبعكس الحالات السابقة، لا تنوي بناء ديمقراطية في غزة، إنما فقط إيجاد نظام بديل يمتنع عن مهاجمة إسرائيل، إلّا أن هذا يُعتبر تغييراً للنظام، وسيفشل بغياب مركز قوة بديل".
وتابع "حركة (فتح) هُزمت سياسياً في القطاع قبل 15 عاماً، ومحاولاتها ترميم مكانتها، عبر خطوات مصالحة مع (حماس)، أفشلتها إسرائيل".
وختم حديثه قائلا "سيفشل تغيير النظام، بصورة خاصة بسبب الانقسام الداخلي في غزة، الذي يمكن أن يتصاعد ويؤدي إلى تفكُّك الكيان الغزّي، وإلى حرب أهلية".
وقال: "التفكير في أن السلطة الفلسطينية تستطيع قبول تحمُّل مسؤولية قطاع غزة لا يستند إلى أساس صلب، فإسرائيل أضعفت السلطة كثيراً. والسلطة الفلسطينية يمكن أن تنهار في الضفة أيضاً كما انهارت في غزة، بعد انسحاب إسرائيل في سنة 2005، ولا يمكن الاعتماد عليها".
وأضاف: "نتيجة أُخرى ممكنة لاحتلال غزة يمكن أن تتمثل في زيادة التدهور في الأوضاع الأمنية في إسرائيل.. وإذا لم ينجح الجيش في سد الفجوة بين (المليشيات) الفلسطينية والمواطنين الإسرائيليين، فسيظل ينزف سنوات".
ليفي قال أيضا، "لذلك، فإن العبرة ليست فقط في التفكير في اليوم التالي، بل في وضع أهداف أكثر تواضعاً للعملية البرية، والتي من المفضل الامتناع عن القيام بها أصلاً".