جاسيندا أرديرن.. 3 مواقف تمهد لفوزها بانتخابات نيوزيلندا
وفق مراقبين فإن الحالة التي صنعتها رئيسة وزراء نيوزيلندا تعزز فرص استمرار حزب العمال في قيادة البلاد.
جذبت رئيسة الوزراء النيوزيلندية، جاسيندا أرديرن، أنظار العالم إليها في 3 مواقف بارزة خلال السنوات الماضية نالت بها إشادات دولية ودعما كبيرا من مؤسسات ومنظمات حقوقية ونسوية ما يعزز فرص فوز حزبها بالانتخابات المقبلة.
واليوم الثلاثاء، أعلنت أرديرن أن 19 سبتمبر/أيلول القادم موعد إجراء الانتخابات العامة في بلادها.
وقالت رئيسة الوزراء، في بيان: "سأطلب من النيوزيلنديين مواصلة دعم قيادتي والتوجه الحالي للحكومة التي ترتكز على استقرار واقتصاد قوي والتقدم في مواجهة التحديات طويلة الأجل التي تواجه نيوزيلندا".
وتجرى الانتخابات العامة في نيوزيلندا كل 3 سنوات، إذا لم تتم الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة.
** بداية مبكرة قوية
ظهرت جاسيندا أرديرن على مسرح الأحداث في بلادها عندما أدت جاذبية شخصيتها ومغناطيسيتها دورا كبيرا في اختيار حزب العمال لها، كزعيمة له في الأول من أغسطس/آب العام 2017، لتقوده في الانتخابات العامة التي جرت بعد 7 أسابيع من اختيارها.
وآنذاك، أصبحت أرديرن أصغر (37 سنة) زعيمة للحزبِ في تاريخه، وثاني سيدة تشغل هذا المنصبَ داخل الحزب بعد هيلين كلارك رئيسة وزراء نيوزيلندا.
وبالفعل كانت فوق مستوى التوقعات، وقادت الحزب لفوز استعادت به السلطة رغم فوز القوميين بعدد أكبر من المقاعد في البرلمان، ولكنه لم يكن كافيا للحصول على الأغلبية.
فعلى الرغم من حصول حزبها في تلك الانتخابات على ثاني أعلى عدد من المقاعد بعد الحزب الوطني، تمكنت أرديرن من إبرام اتفاق مع اثنين من الأحزاب الصغيرة وشكلت الحكومة.
انضمت أرديرن لحزب "العمال" وهي في الـ17 عاما. وعملت في مكتب حكومة توني بلير، كما أنها كانت موظفة لدى مكتب رئيسة الوزراء النيوزيلندية السابقة هيلين كلارك، وانتخبت في البرلمان عام 2008.
ركزت حملتها الانتخابية على جعل التعليم العالي مجانا، وعدم تجريم الإجهاض، وخفض معدلات الهجرة، وانتشال الأطفال من الفقر.
وتمكنت أرديرن من كسب دعم الشباب بسبب صغر سنها، وقدرتها على إعادة حزب "العمال" إلى المنافسة الحقيقية على السلطة بعد 9 سنوات من حكم "الحزب الوطني".
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2017، تولت أرديرن (37 عاما) مهام رئيسة الحكومة في نيوزيلندا، بعد نجاح حزب "العمال" في الانتخابات العامة التي جرت في 23 سبتمبر/أيلول من العام ذاته لتكون أصغر سيدة تقود دولة في العالم.
** دعم الحركة النسوية
وفي يونيو/حزيران 2018، جذبت رئيسة الوزراء النيوزيلندية أنظار العالم إليها عندما أعلنت ميلاد مولودتها الجديدة من مكتبها بمقر رئاسة الوزراء.
وكان اسم المولودة أشد جذبا للأنظار، حيث أطلقت عليها اسم نيف تي أروها، وهو اسم مركب نصفه إيرلندي ويعني منير أو براق، ونصفه ماوري يعني الحب (وهو اسم يعود للسكان الأصليين لنيوزيلندا)، في لفتة تشيد بها بثقافة السكان الأصليين للبلاد.
وبعد 3 أشهر من هذا الحدث، ذهبت بطفلتها إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك في سابقة هي الأولى من نوعها.
والتقطت لها مئات الصور وهي تقوم بإرضاعها ما أعطاها دورا كبيرا في الحركة النسوية، وأظهرها كرمز عالمي لهذه الحركة، حتى إن وسائل الإعلام سكت مصطلحا يعبر عن مدى الشغف بحالتها والانجذاب إليها، ألا وهو مصطلح "الشغف بجاسيندا".
وأرديرن ثاني زعيمة منتخبة في العالم تلد وهي في المنصب بعد رئيسة وزراء باكستان الراحلة بينظير بوتو عام 1990.
** الإنسانية خلال مجزرة المسجدين
وعقب حادث مجزرة المسجدين في مدينة كرايس تشيرش النيوزيلندية، أبهرت رئيسة الوزراء، العالم أجمع بقدرتها على تحويل المأساة التي ارتكبها الإرهابي الأسترالي برينتون تارانت وأدت إلى مقتل 50 شخصا، إلى فرصة للتمكين للتعايش والسلم الوطني والعالمي والحرب على الإرهاب وطي صفحته في وطنها والعالم.
رئيسة الوزراء النيوزيلندية بإنسانيتها الرائعة لم تعانق شعبها المكلوم في مصابه، بعد أن فجعته مفاجأة المذبحة التي اختار الإرهابي مكانها لعلمه بإمكانيتها غير المتوقعة فحسب، بل عانقت به العالم أجمع وخاصة العالم الإسلامي، حيث نجحت ببساطتها وخطابها وسلوكياتها التلقائية والعفوية في حجب وتقييد وإحراج كل أصوات الكراهية المضادة.
وشكلت "أرديرن" وفدا من شخصيات من مختلف الأحزاب وقادته من العاصمة ويلينغتون إلى مدينة كرايستشيرش، مرتدية حجابا أسود لإظهار حزنها وتعاطفها وحدادا على أرواح الضحايا الذين سقطوا في الهجوم وتعزية لأقاربهم. كما أعلنت تغطية الدولة لجميع مصاريف وكلفة جنازات ودفن جميع الضحايا.
كان رد فعلها في الحادث استثنائيا بكل المقاييس، حيث بهرت جاسيندا كل رواد التعايش والتسامح، فقدم لها التحية كثير من كبار زعمائه وقادته ومثقفيه.
وفي خضم كل ذلك، لم تتناقض دموع جاسيندا الجميلة مع جسارتها وتحفز حكومتها أمنيا وقانونيا وقضائيا في معالجة تداعيات المأساة، والاستعداد لمكافحة أي خطر محتمل، كما لم تخف رقتها وعناقها التعايشي مع الضحايا إصرارها على اجتثاث بذور الكراهية وثقافتها وحرمانها من فرصة الظهور من جديد.
** دعم السياسات البيئية
أظهرت رئيسة الوزراء النيوزيلندية كثيرا من المواقف التي تدعم السياسات الاجتماعية والمحافظة على البيئة، كان أبرزها في منتدى دافوس العالمي للاقتصاد في سويسرا يناير/كانون الثاني 2019.
وأشادت أمام أغنى أغنياء العالم بجهود مكافحة التغير المناخي وظاهرة الاحتباس الحراري، وطالبت بأخذ البعد الاجتماعي للتطور في الحسبان وليس فقط البعد الاقتصادي.
وهاجمت سياسات الحمائية الجديدة والعزلة التي يريد أن يفرضها على العالم قادة مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي انتقاد مهذب للرئيس الأمريكي، قالت جاسيندا إنها تأمل أن يعترف قادة العالم بفضيلة السياسات المحلية "الأكثر تعاطفا".
ووفق مراقبين فإن الحالة التي صنعتها رئيسة وزراء نيوزيلندا خلال العامين الماضيين ومواقفها تجاه أبرز الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية ببلادها تعزز فرص استمرار حزب العمال في قيادة البلاد لولاية جديدة خلال الانتخابات المقررة سبتمبر المقبل.
aXA6IDMuMTQ0LjE3LjE4MSA=
جزيرة ام اند امز