بالصور.. الأردن يطلق حملة لمكافحة المخدرات.. 18 ألف قضية سنويا
يستضيف مقدم البرنامج الرائد أنس الطنطاوي مدمني مخدرات سابقين ليتحدثوا عن تجربتهم المريرة مع تعاطي المخدرات
على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام، تنظم السلطات الأردنية حملة من أجل التوعية ضد آفة المخدرات التي لا تزال تعتبر من المحرمات.
"لا للمخدرات" و"النشامى أقوى"، تقول شعارات الحملة التي تطول آلاف الشباب في هذا البلد المسلم الذي يعتبر فيه المجتمع التعاطي رذيلة.
في برنامج "لا للمخدرات" الأسبوعي الذي تبثه إذاعة الأمن العام كل يوم ثلاثاء عند منتصف النهار، يستضيف مقدم البرنامج الرائد أنس الطنطاوي مدمني مخدرات سابقين ليتحدثوا عن تجربتهم المريرة مع تعاطي المخدرات، ويقول أحدهم، ويدعى عصام، وهو يبكي بحرقة، "المخدرات جعلتني منبوذا في المجتمع، لا أحد يحترمني أو حتى ينظر إلي".
ويضيف: "وصل بي الحال إلى بيع أثاث منزلي وأقراط ذهب لابنتي البالغة من العمر 5 أعوام كي أشتري مخدرات، حتى إنني حاولت الانتحار مرتين".
ويتلقى البرنامج اتصالات ومداخلات من المستمعين، ويدعو مقدم البرنامج في الختام المجتمع إلى مساعدة هؤلاء المدمنين "لأنهم ضحايا علينا مساعدتهم وعدم نبذهم"، قائلا: "أهم شيء هو أن يتوب الإنسان، ولا يعود للمخدرات".
ورغم تأكيد السلطات أن 95% من المخدرات التي تضبط معدة للتهريب إلى الخارج، سجل الأردن العام الماضي أكثر من 18 ألف قضية تراوحت بين التعاطي والترويج والحيازة والاتجار تمّ على إثرها توقيف أكثر من 25 ألف شخص منهم 20 ألفا بقضايا تعاطي.
حياة جديدة
يقول مدير إدارة مكافحة المخدرات العميد أنور الطراونة لوكالة فرانس برس، بينما يقوم بجولة في مخزن وضعت على رفوفه مئات الأكياس البيضاء المعبأة بالمخدرات المضبوطة، إن هناك "زيادة بلغت نسبتها 32% عن عام 2017 التي سجلت خلالها 13 ألفا و900 قضية"، وهو رقم قياسي بعدما كانت فقط 1300 قضية في عام 2001 و3400 قضية في عام 2010.
وعقوبة الاتجار بالمخدرات في المملكة هي السجن لفترة تراوح بين 3 أعوام و20 عاما تبعا للكميات المضبوطة، أما الحيازة والتعاطي فتصل عقوبتها إلى السجن 3 سنوات، ولكن قانونا اعتُمِد عام 2016 يعفي الشخص الذي يتقدم للعلاج من تلقاء نفسه من العقوبة ويتم إدخاله إلى مركز علاج الإدمان التابع لمديرية الأمن العام.
لكن شريحة واسعة من المجتمع تنظر بريبة إلى متعاطي المخدرات.
ويقول الداعية الإسلامي الأردني رائد صبري الذي لديه برامج توعية على "يوتيوب"، لوكالة فرانس برس، إن "المخدرات من المحرمات والرذائل التي تُذهب العقل والنفس والعرض والمال والصحة".
ويضيف: "القاعدة في الشريعة الإسلامية تقرر أنه لا يحل للمسلم أن يتناول من الأطعمة أو الأشربة شيئا يقتله بسرعة أو ببطء أو ما يضره ويؤذيه"، مشيرا إلى أن "أشرّ ما يمكن أن يؤدي إلى التهلكة هو الإدمان".
لكن صبري دعا إلى "احتواء التائبين ورعايتهم وعدم نبذهم لكي يكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع".
ويبدو واضحا من الحملة المكثفة التي تقوم بها السلطات أنها مدركة لخطورة انتشار تعاطي المخدرات في المجتمع، لا سيما بين فئة عمرية معينة.
وبحسب إحصاءات إدارة مكافحة المخدرات، فإن المدمنين الذين تراوح أعمارهم بين 18 و27 عاما يشكلون 47% ممن يتعاطون المخدرات في بلد يشكل الفقراء نحو 20% من سكانه، وتبلغ نسبة البطالة فيه نحو 18,5%، ويعاني من أوضاع اقتصادية صعبة ودين عام تجاوز 40 مليار دولار.
ويقول مدير إدارة مكافحة المخدرات العميد أنور الطراونة لوكالة فرانس برس: "نحن نحاول من خلال هذه الحملة أن نكثف من جهود التوعية بطرق حديثة لأنها تسهم بشكل فاعل في الحدّ من انتشار آفة المخدرات".
ويضيف أن إدارته تقوم "بتنظيم محاضرات في المدارس والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني وعقد ندوات وورش عمل لعمداء الجامعات ورجال الدين والشباب وقادة الرأي للتوعية حول مخاطر المخدرات".
وفي مركز علاج المدمنين في عمان الذي علقت على جدرانه لافتات مثل "المخدرات وحش فلا تقترب منه" و"المخدرات ضياع للمال"، يقول الطبيب المتخصص في معالجة الأمراض النفسية والإدمان جمال العناني إن "أصدقاء السوء والتجربة والفضول وغياب الوعي والضغوط النفسية هي من أكثر الأسباب التي تدفع المراهقين إلى الإدمان".
ويقول رئيس مركز العلاج فواز المساعيد إن المركز يضم 170 سريرا، مشيرا إلى أن علاج المدمن داخله "يستمر من شهر إلى شهرين ويتكون من 3 مراحل، إزالة السموم وأخذ العلاج المناسب ثم إعادة التأهيل، وبعد مغادرة المريض يتوجب عليه مراجعة المركز دوريا ولمدة 4 أشهر للاطمئنان على وضعه الصحي".
ويقول عمر الذي يتلقى علاجا في المركز إنه بدأ بتعاطي المخدرات بعدما "قدم لي صديق في أحد الأيام سيجارة بينما كنت مكتئبا، وقال لي خذ وانظر كيف سترتاح ويتغير كل شيء من حولك".
ويضيف: "حينما طلبت سيجارة ثانية، اكتشفت أنها حشيش وسعر السيجارة الواحدة خمسة دنانير (نحو 7 دولارات)، ومنذ ذلك اليوم، وكان عمري 18 عاما، أي قبل 14 عاما، وأنا أدمن الحبوب والسجائر المخدرة".
ويتابع عمر، وهو أب لأربعة أطفال وقد بدا واهنا وخائر القوى، "ساءت صحتي وفقدت 27 كيلوجراما من وزني وفقدت عملي وساءت علاقتي بكل من حولي، وأنفقت كل ما أملك على المخدرات، لقد دمرت حياتي بالكامل".
ويخلص إلى القول "أقنعتني أمي بالمجيء إلى هنا، بعدما سمعت بالحملة، أشعر بالتحسن، آمل أن أستعيد قواي وأبدأ حياة جديدة".